الآيات: "30 لكِنْ لَمْ يَشَأْ سِيحُونُ مَلِكُ حَشْبُونَ أَنْ يَدَعَنَا نَمُرَّ بِهِ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَسَّى رُوحَهُ، وَقَوَّى قَلْبَهُ لِكَيْ يَدْفَعَهُ إِلَى يَدِكَ كَمَا فِي هذَا الْيَوْمِ."
الاعتراض: كيف كتابك يقول أن الله من قسى قلب الملك سيحون، ومن ثم جعله يُهزم! أليس هذا ينسب الظلم في حق الله!؟
الرد: لقد أسس الناقد تفسيره للنص من آية واحدة فقط، دون أن يرجع للقصة المفصلة في سفر العدد 21: 21-35؛ ليدرس ماذا حدث بينه وبين شعب إسرائيل!! فسفر التثنية ينقل ثلاث عظات لموسى، قبيل موته؛ ليحث الشعب على تبعية الرب بأمانة وصدق. وذكر باختصار عن خلاصة قصة الملك سيحون، التي جعلت الرب يقسى قلبه. والتي يُقصد بها عندما الله يتوقف على نأنيب قلب وضمير الإنسان، ليفعل ما هو صالح؛ ويسلمه لشر قبله!!
(أنظر إلى ردنا تحت خروج 10: 1، خلال قصة فرعون)
فيما يلي الرواية الكاملة التي حدثت بين الملك سيحون وشعب إسرائيل، من سفر العدد 21:
* شعب إسرائيل يطلب من الملك سيحون فقط أن يسير من أرضه نحو أرض الموعد، ليختصروا أيام سفر بطريق أقصر بكثير (أعداد 21-22):
"(إسرائيل يقول له) «دَعْنِي أَمُرَّ فِي أَرْضِكَ. لاَ نَمِيلُ إِلَى حَقْلٍ وَلاَ إِلَى كَرْمٍ وَلاَ نَشْرَبُ مَاءَ بِئْرٍ. فِي طَرِيقِ الْمَلِكِ نَمْشِي حَتَّى نَتَجَاوَزَ تُخُومَكَ»" (العدد 21: 22).
* لكن الملك سيحون لم يسمح لهم إطلاقًا أن يمروا من أرضه؛ وليس هذا فقط، بل جمع جيشه ليحاربهم (عدد 24)!! فبدلا من الإحسان للغريب بطعام وماء، أو حتى السماح له أن يمر في طريقه؛ يقرر الملك سيحون اللئيم أن يحاربهم بدون سبب!!!
* وعقابًا لم، مَكَّنَ اللهُ شعبه إسرائيل من هزيمته، والاستيلاء على أرضه، التي احتلها من موآب!!
فقضية الملك سيحون، هي ليس أنه لم يقبل فقط أن يجتاز إسرائيل من أرضه، بل أيضًا حاربهم واعتدى عليهم، بلا سبب!!
نرجع لتفسير عبارة آية الناقد "لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَسَّى رُوحَهُ". وتعني أنه عندما بدأ سيحون التعامل مع إسرائيل بلؤم، أتته فكرة محاربتهم. والله أسلمه لتلك الفكرة الشريرة لكي يُؤَدَّب. فنحتاج أن نعرف أنه بدون هداية الله وتأنيبه لضمير الإنسان، لا يقدر أي بشر أن يؤمن!! وعندما يرفع الله يده مِنْ على الإنسان، سَيُؤَدَّب الإنسان كنتيجة لميول قلبه باتجاه الشر، دون وجود الردع الإلهي؛ كما حدث لسيحون ملك الأموريين وعوجا ملك باشان (العدد 32: 33).
باسم أدرنلي
الآيات: "14 يَائِيرُ ابْنُ مَنَسَّى أَخَذَ كُلَّ كُورَةِ أَرْجُوبَ إِلَى تُخْمِ الْجَشُورِيِّينَ وَالْمَعْكِيِّينَ، وَدَعَاهَا عَلَى اسْمِهِ بَاشَانَ «حَوُّوثِ يَائِيرَ» إِلَى هذَا الْيَوْمِ."
وأيضًا العدد 32 "41 وَذَهَبَ يَائِيرُ ابْنُ مَنَسَّى وَأَخَذَ مَزَارِعَهَا وَدَعَاهُنَّ: حَوُّوثَ يَائِيرَ"
بالمقارنة مع 1 أخبار 2 "22 وَسَجُوبُ وَلَدَ يَائِيرَ، وَكَانَ لَهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُونَ مَدِينَةً فِي أَرْضِ جِلْعَادَ"
الاعتراض: كيف آية تثنية والعدد تقولان أن يائير هو ابن منسى، وآية 2 أخبار تقول أنه ابن سجوب!! أليس هذا تناقض؟
الرد: لا علاقة بين الشخصيتين إطلاقًا! يائير بن سجوب، الذي من 1 أخبار 2، هو من سبط يهوذا؛ ويائير ابن منسى، من تثنية 13 والعدد 32، هو من سبط منسى. لا علاقة بين الشخصيتين إطلاقًا! فلا تناقض بين الآيتين، لأنها لا تتكلمان عن نفس الشخصية.
إن أصحاح 1 أخبار 2، بعدما يستعرض أسباط إسرائيل الإثني عشر (ع 1-2)؛ يبدأ بعدها بسردية تفصيلية لسبط يهوذا. فيبدأ بـ:
"3 بَنُو يَهُوذَا: عَيْرُ وَأُونَانُ وَشَيْلَةُ. وُلِدَ الثَّلاَثَةُ مِنْ بِنْتِ شُوعَ الْكَنْعَانِيَّةِ. وَكَانَ عَيْرُ بِكْرُ يَهُوذَا شِرِّيرًا فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ فَأَمَاتَهُ" 1 أخبار الأول 2.
والفقرة التي أورد منها المتعرض عبارة "22 وَسَجُوبُ وَلَدَ يَائِيرَ.."؛ تستعرض أحد أحفاد يهوذا، من كنته ثامار التي ولدت فارص، فولد حصرون، فولد سجوب، الذي ولد يائير من زوجته بنت ماكير أبي جلعاد (1 أخبار 2: 2-22).
فيائير المذكور هنا، ليس له أي ذكر في أي مكان آخر. بينما يائير ابن منسى، مذكور أيضًا في:
"41 وَذَهَبَ يَائِيرُ ابْنُ مَنَسَّى وَأَخَذَ مَزَارِعَهَا وَدَعَاهُنَّ: حَوُّوثَ يَائِيرَ" العدد 32.
فلا تناقض بين النصوص أبدًا، بل كلاهما يتكلمان عن يائير مختلف عن الآخر.
باسم أدرنلي
الآيات: "6 «وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرًّا أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ، أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ، أَوْ صَاحِبُكَ الَّذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ 7 مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَكَ، الْقَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ الْبَعِيدِينَ عَنْكَ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا، 8 فَلاَ تَرْضَ مِنْهُ وَلاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ، وَلاَ تَرِقَّ لَهُ وَلاَ تَسْتُرْهُ، 9 بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيرًا" تثنية 13.
الاعتراض: لماذا يعترض العالم على قتل المرتد في الإسلام؛ ألا تظهر الآيات السابقة بدون أي أدنى شك الحكم على قتل المرتد عن اليهودية؟ وذلك بقوله " بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيرًا"
الرد: إن الآيات السابقة لا تتكلم إطلاقًا على شخص ارتد عن عبادة الرب، بل شخص يغوي الآخرين ليعبدوا الأوثان؛ فشتان بين الاثنين! لذلك للرد على مفهوم المعترض الخاطئ للنص الذي أورده، نحتاج أن نوضح الآتي:
أولا: ليس المقصود بالآية الحكم الفردي الهوجائي، يعني أن يأت الشخص ويقتل الذي أغواه بعبادة الوثن حالا، دون أن يشكيه إلى أحد القضاة الشرعيين الذين عينهم موسى؛ والحكم الشرعي عليه (كما هو مبين في تفصيل عملية الحكم، في سفر العدد 11: 16-17 و25). فيجب أن يشتكي الشخص للقضاة ويحكموا على الشخص الذي أغواه علنًا، وهذا نراه في قوانين الشريعة. وفي النهاية يكون الحكم لله وليس لإنسان:
"9 فِي كُلِّ دَعْوَى جِنَايَةٍ، مِنْ جِهَةِ ثَوْرٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَفْقُودٍ مَا، يُقَالُ: إِنَّ هذَا هُوَ، تُقَدَّمُ إِلَى اللهِ دَعْوَاهُمَا. فَالَّذِي يَحْكُمُ اللهُ بِذَنْبِهِ، يُعَوِّضُ صَاحِبَهُ بِاثْنَيْنِ" خروج 22.
ثانيًا: النص لا يدعو لقتل المرتد عن الدين كما عبر عنه الناقد المسلم أعلاه؛ بل شخص يغوي آخرين ليعبدوا الأوثان. وهذا شيء خطير جدًا لأنه قد يدمر قبيلة أو مدينة بأكملها. لأن الله الطاهر، كان صارمًا جدًا في قضائه على الشعب إذا ترك الرب وعبد الأوثان. لذلك يقول الرب أيضًا لموسى، في تكملة النص الذي ورد أعلاه وهو يظهر سياقه:
"12 إِنْ سَمِعْتَ عَنْ إِحْدَى مُدُنِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَسْكُنَ فِيهَا قَوْلاً: 13 قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لَئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ (أي يهود) وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا 14 وَفَحَصْتَ وَفَتَّشْتَ وَسَأَلْتَ جَيِّدًا وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ وَأَكِيدٌ، قَدْ عُمِلَ ذلِكَ الرِّجْسُ فِي وَسَطِكَ، 15 فَضَرْبًا تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ 16 تَجْمَعُ كُلَّ أَمْتِعَتِهَا إِلَى وَسَطِ سَاحَتِهَا، وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ الْمَدِينَةَ وَكُلَّ أَمْتِعَتِهَا كَامِلَةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ، فَتَكُونُ تَلاًّ إِلَى الأَبَدِ لاَ تُبْنَى بَعْدُ" تثنية 13.
فتخيل الكارثة التي ممكن أن تحدث كنتيجة لتفشي عمل ذلك الشخص الذي أغوى أشخاص آخرين ليعبد الأوثان ومنه تفشى لباقي المدينة – إبادة مدينة بأكملها من شعب إسرائيل!! وهذه الأحكام ليست نظرية، بل حدثت فعلا مع سبط بنيامين؛ حيث أمر الله بإبادته بشكل شبه مُطلق. فبقي من سبط بنيامين 600 رجل فقط (قضاة 20: 47)؛ أي نسبة 2.3٪ من السبط!!! وذلك ببقاء 600 شخص من 25,100 شخص (قضاة 20: 35)؛ أي للأسف تم إبادة 97.7٪ من نسل أبناء سبط بنيامين!
ثالثًا: إن شريعة موسى تختلف عن حكم الشرع الديني الإسلامي المزعوم بشكل جذري. وتختلف عن أي حكم ديني للكنيسة في أجزاء من أوروبا، عبر العصور الوسطى وغيرها. وذلك بعدم توفر كل الأعمدة الأربعة القائمة عليها شريعة موسى.
وهذه الأعمدة الأربعة هي كما يلي:
1- الله الذي يختار القائد:
"15 فَإِنَّكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكًا الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ. مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكًا. لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْكَ رَجُلاً أَجْنَبِيًّا لَيْسَ هُوَ أَخَاكَ" تثنية 17.
بينما في كل التاريخ الإسلامي، كان اختيار القائد هو بشري بحت. لذلك المسلمين الشيعة يختلفون مع السنة في أول ثلاث خلفاء راشدين؛ ويختلفون في مُعظم الصحابة لدى أهل السنة! والسبب في هذا هو بشرية الاختيار والنظام. فضلا عن أن هذه المرحلة كلها غير مشمولة بوحيهم الضيق، بحسب القرآن. بخلاف عبقرية الوحي لدى الله في المسيحية، حيث كل تاريخ الكنيسة الأولى، مشمول في نفس ذات الوحي الإلهي. لذلك لا يمكن أن تجد أي خلاف على أي تلميذ من تلاميذ المسيح، وحتى بولس؛ وذلك بين جميع الطوائف المسحيية عبر كل العصور. بخلاف المسلمين المختلفين في كل شيء: مختلفين في اسم الله الأعظم، سيرة محمد ومكانته، الصحابة، آل البيت، الصلاة، القرآن، السنة... يعني في كل أساس إسلامي!!!! بالمقابل، في المسيحية وضوح تام، حيث جميع المسيحيين يشتركون في عقيدة واحدة؛ بالمفارقة مع الإسلام المُخْتَلَفْ فيه، في أكثر أساسات بديهية لدى أي دين، إلى أعقدها!
2- الله الذي يشرع، يوضح الأمور (يفتي):
"15 فَقَالَ مُوسَى لِحَمِيهِ: «إِنَّ الشَّعْبَ يَأْتِي إِلَيَّ لِيَسْأَلَ اللهَ.." خروج 18.
ففي شريعة موسى، الله متصل مع الشعب بشكل مستمر؛ وهو الذي يوضح الأمور بحسب المستجدات، وليس البشر واجتهادهم المُعَرَّض للفساد والخطأ، وفقدان الإرشاد الإلهي كليًا!
3- الله الذي يشرف على تطبيق الشريعة والقضاء:
"9 فِي كُلِّ دَعْوَى جِنَايَةٍ، مِنْ جِهَةِ ثَوْرٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَفْقُودٍ مَا، يُقَالُ: إِنَّ هذَا هُوَ، تُقَدَّمُ إِلَى اللهِ دَعْوَاهُمَا. فَالَّذِي يَحْكُمُ اللهُ بِذَنْبِهِ، يُعَوِّضُ صَاحِبَهُ بِاثْنَيْنِ" خروج 22.
وحتى القضاة السبعين الذين عينهم الله ليقضوا مع موسى. كان عليهم روح الله الذي كان على موسى تمامًا:
"17 فَأَنْزِلَ أَنَا (أي الله) وَأَتَكَلَّمَ مَعَكَ هُنَاكَ، وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ (على موسى) وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ، فَيَحْمِلُونَ مَعَكَ ثِقْلَ الشَّعْبِ، فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ... 25 فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ، وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلاً الشُّيُوخَ. فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا (أي لم يخرجوا في النبوءة عن دور القضاء)" العدد 11.
فكان القضاة يقضون بالنبوءة، فلا توجد أي احتمالية للخطأ. بخلاف ما يسميه المسلمين بتطبيق الحدود والشرع الإسلامي؛ ما هو إلا حكم بشري فاسد، له قناع ديني زائف. يحكم فيه بشر، هم بأنفسهم بشر أنفسهم أمارة بالسوء، غير مُحاسَبين ولا توجد آلية لمحاسبتهم، ولا في القرآن ولا في أي كتابات أخرى!! وهذا يأخذنا للنقطة الرابعة.
4- الله الذي يحاسب القادة، الكهنة والقضاة مباشرة:
"1 وَأَخَذَ ابْنَا هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو، كُلٌّ مِنْهُمَا مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلاَ فِيهِمَا نَارًا وَوَضَعَا عَلَيْهَا بَخُورًا، وَقَرَّبَا أَمَامَ الرَّبِّ نَارًا غَرِيبَةً لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا. 2 فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ الرَّبِّ" لاويين 10.
فنرى في هذه الآيات السابقة نموذجًا، يبين لنا كيف أمات اللهُ ناداب وأبيهو أولاد هارون مباشرةً؛ عندما قدما نارًا غريبة للرب، بخلاف تشريعاته!
* الله عاقب موسى وهارون على خطأهما، ولم يدخلهما للأرض (تثنية 32: 51-52).
* فضح شر وخطية عَخَان السرية أمام جميع الشعب، وعاقبه عليها (يشوع 7: 7).
* حاسب وأمات حفني وفنحاس أولاد عالي الكاهن، اللذان كانا يعيشان في الشر (1 صموئيل 4: 10-11).
* الله فضح الملك أخآب على اختصابه لحقل نابوت واغتياله له؛ وأماته بنفس الطريقة المُذلة أمام جميع الشعب (1 ملوك 21: 19).
* كذلك الملك داود، عندما زنى مع بثشبع، وأخذها لذاته، وهي متزوجة من أوريا الحثي. فضحه الله وعاقبه، مُنَزِّلا عليه وعلى بيته خمس ضربات صعبة جدًا (2 صموئيل 12: 7-12).
فشتان بين الأصل، وهو حكم الله شخصيًا على شعبه في الكتاب المقدس؛ وبين حكم شريعة بشرية مزعومة، الله بريء من شرها وظلمها. ففي شريعة موسى، عندما يحكم الله علي شخص، هو حكم إلهي بحت، لا حوار فيه. كموت إنسان فجئة بسكتة قلبيه مثلا، لا نقاش فيه؛ هو حكم إلهي 100٪. هكذا كان حكم الله على شعبه في شريعة موسى.
فلا يمكن الحكم على شخص إلا بواسطة قضاة يحكمون بالوحي الإلهي؛ وفقط إذا أشرف الله شخصيًا على تطبيق الشريعة. فلا يصح التطبيق بإشراف البشر الفاسدين والناقصين أبدًا؛ لهذا السبب رفض المسيح رجم الزانية في عصره (في يوحنا 8)؛ بسبب اختفاء الأربعة أعمدة السابقة؛ قائلا لهم:
"مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!" (يوحنا 8: 7)
بكلمات أخرى، كأنه يقول لهم: "وأنتم، من سيحاسبكم على أخطائكم؟ هل نسيتم أعمدة الشريعة الأربعة لله الذي كان يحكم عليكم؟ لقد قمتم برميها خلف ظهركم، لذلك الله بريء منكم من وأحكامكم الآن."
إلا يكفي حكم الشريعة الإلهية وحدها؟
أما الاعتماد على الشريعة الإلهية وحدها في التطبيق غير كافي إطلاقًا. لأنه كيف يصح تطبيق شرع الله، وإقناع نفسك بأن تطبيقه صحيح وسليم وإلهي، دون وجود ولا نقطة من القواعد أعلاه!؟ فجميع الأعمدة الأربعة الواردة في شريعة موسى، ليس لها وجود في إسلام اليوم، ولا في يهودية اليوم، ولا في حكم الكنيسة الديني الذي فُرض في العصور الوسطى... إلخ. طبعًا هذا لا يعني أن استخدام الشريعة كقيم ومبادئ تأثر إيجابيًا على الحكم، السياسة، التربية والمجتمع، هي شيء سيء! بالطبع لا. لكن دون أن يخدع الإنسان نفسه بأنه إذا طبق "شرع الله"، وهو إنسان ناقص وفاسد، ذات نفس أمارة بالسوء؛ ستكون هي الحل، وسيكون حكم الله على الأرض فعلا!! بل سيكون حكم بشري ناقص وفاسد ذات قناع أو صبغة إلهية زائفة. فشرع الله يطبَّق، عندما الله نفسه يحكم على الإنسان بذاته، بواسطة أنبياءه وقضاته. أما نصوص الشريعة التي نستنبط منها القيم الأخلاقية، فهي طبعًا جوهرية جدًا لضبط مسار الشعب الأخلاقي والروحي.
مثال: دعنا نأخذ مثال صاحب مصلحة تجارية معينة، عندما يترك مصلحته بيد موظفين. لا يقول لك مثلا:
"أنا وضعت لهم قوانين كاملة وواضحة، وهي كافية لتسيير المصلحة بشكل كامل بعيد عن الفساد!!"
كلام ساذج سيضحك عليه أسوأ رجل أعمال! فالقوانين المتكاملة (وحتى لو افترضنا أنها وجدت!) هي ليست العنصر الوحيد الذي سيضمن تسيير المصلحة بشكل كامل خالي من الفساد. بل يجب بالإضافة للقوانين، أن يُشرف صاحب المصلحة على الموظفين بذاته، هل يطبقون القوانين التي وضعها أم لا؛ يحاسب الفاسدين، ويكافئ الأمناء...إلخ. هكذا كانت شريعة موسى بالضبط، قائمة بإشراف الله ذاته عليها!
باسم ادرنلي
الآيات: "15 فَضَرْبًا تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16 تَجْمَعُ كُلَّ أَمْتِعَتِهَا إِلَى وَسَطِ سَاحَتِهَا، وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ الْمَدِينَةَ وَكُلَّ أَمْتِعَتِهَا كَامِلَةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ، فَتَكُونُ تَلًّا إِلَى الأَبَدِ لاَ تُبْنَى بَعْدُ. 17 وَلاَ يَلْتَصِقْ بِيَدِكَ شَيْءٌ مِنَ الْمُحَرَّمِ، لِكَيْ يَرْجعَ الرَّبُّ مِنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ، وَيُعْطِيَكَ رَحْمَةً. يَرْحَمُكَ وَيُكَثِّرُكَ كَمَا حَلَفَ لآبَائِكَ" التثنية 13.
الاعتراض: ما هذه الوحشية التي هي أضعاف ما تسمونه وحشيه في الإسلام!؟
الرد: لو عرف المعترض عن ماذا تتكلم الآيات، لوضع رأسه في التراب خجلاً! هنا نرى عقاب الله لنفس شعب إسرائيل، إذا عمل نفس الرجاسات التي عملها الشعوب التي طردها الله من أمامه. حيث نرى عادةً النقاد ينتقدون موقف الله من جهة عقاب شعوب أرض كنعان (خارج إطار شعب إسرائيل)! والآن المعترض اعترض على نفس النهج، لكن الموجه ضد شعب إسرائيل، إذا عمل مثلهم!
فنرى سياق الآيات مما قبلها (والتي معظم الأوقات لا يهتم بقراءتها المعترضين) تقول:
"12 «إِنْ سَمِعْتَ عَنْ إِحْدَى مُدُنِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَسْكُنَ فِيهَا قَوْلاً: 13 قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لَئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ (أي يهود مثلك) وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا. 14 وَفَحَصْتَ وَفَتَّشْتَ وَسَأَلْتَ جَيِّدًا وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ وَأَكِيدٌ، قَدْ عُمِلَ ذلِكَ الرِّجْسُ فِي وَسَطِكَ" التثنية 13.
هل يعقل أن تجد تعاليم مثل هذه في الإسلام أو غيره؛ تعاليم تدين شعب إسرائيل، وتظهر تعامل الله معهم بنفس معايير الوثنيين تمامًا!! هل نرى مثلا في القرآن الله يتعامل مع المسلمين بنفس العدالة والمعايير الذي يتعامل بها مع الكفار والمشركين مثلا!! لذلك يجب أن يفهم المعترضون أن الله الحقيقي مختلف تمامًا عن الصورة التي يعرفها جميع من لا يعرف، يهوه الله الحقيقي. الذي دعا باسمه جميع الأنبياء الحقيقيين؛ وصفاته العادلة الطاهرة، الموجودة في وحيه الوحيد، الكتاب المقدس؛ "لأَنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ. (رومية 2: 11).
وطبعًا الحكم يحدث بإرشاد إلهي بحت، يعني لا يوجد ولا ذرة احتمالية للخطأ:
"9 فِي كُلِّ دَعْوَى جِنَايَةٍ، مِنْ جِهَةِ ثَوْرٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَفْقُودٍ مَا، يُقَالُ: إِنَّ هذَا هُوَ، تُقَدَّمُ إِلَى اللهِ دَعْوَاهُمَا. فَالَّذِي يَحْكُمُ اللهُ بِذَنْبِهِ، يُعَوِّضُ صَاحِبَهُ بِاثْنَيْنِ" خروج 22.
باسم أدرنلي
الآيات: "2 «إِذَا وُجِدَ فِي وَسَطِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ يَفْعَلُ شَرًّا فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ إِلهِكَ بِتَجَاوُزِ عَهْدِهِ، 3 وَيَذْهَبُ وَيَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى وَيَسْجُدُ لَهَا، أَوْ لِلشَّمْسِ أَوْ لِلْقَمَرِ أَوْ لِكُلٍّ مِنْ جُنْدِ السَّمَاءِ، الشَّيْءَ الَّذِي لَمْ أُوصِ بِهِ، 4 وَأُخْبِرْتَ وَسَمِعْتَ وَفَحَصْتَ جَيِّدًا وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ أَكِيدٌ. قَدْ عُمِلَ ذلِكَ الرِّجْسُ فِي إِسْرَائِيلَ، 5 فَأَخْرِجْ ذلِكَ الرَّجُلَ أَوْ تِلْكَ الْمَرْأَةَ، الَّذِي فَعَلَ ذلِكَ الأَمْرَ الشِّرِّيرَ إِلَى أَبْوَابِكَ، الرَّجُلَ أَوِ الْمَرْأَةَ، وَارْجُمْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ. 6 عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يُقْتَلُ الَّذِي يُقْتَلُ. لاَ يُقْتَلْ عَلَى فَمِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ. 7 أَيْدِي الشُّهُودِ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيرًا، فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ"
الاعتراض: لماذا يعترض العالم على قتل المرتد في الإسلام؛ ألا تظهر الآيات السابقة بدون أي أدنى شك الحكم على قتل المرتد عن الدين في كتابك المقدس بكل وضوح؛ حتى يقول "أَيْدِي الشُّهُودِ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ"؟
الرد: للرد على طرح المعترض المنطقي جدًا، لكنه غير مدرك لحيثيات هذه الأحكام، ولماذا وضعت ومتى توقفت؟ نقول الآتي:
أولا، ليس هناك دين في الكتاب المقدس!
لا يوجد شيء اسمه دين أو ارتداد عن دين في الكتاب المقدس؛ فالدين هو شيء وثني بحسب كتابنا. لأن كلمة "دين، ديانة" استُخدِمت في الكتاب فقط للتعبير عن الديانات الوثنية. الله بعد سقوط آدم، أعد للبشر طريقًا واحدًا للخلاص، وهو المسيح؛ فلم يعد لهم دين! فنسمي الظاهرة التي تتكلم عنها الآيات أعلاه، بترك عبادة الرب أو مخالفة شريعته (توراته)... إلخ.
ثانيًا، عقوبة الموت تشمل كل من خالف الشريعة:
إن هذه الأحكام لا تتكلم فقط عن الذي يترك عبادة الله (الارتداد، كما سماه المعترض)؛ بل كل من يخالف الشريعة بأمور كثيرة، ليكسر وِحدة الشعب. والعقوبة تجدها في الوحي تحت شعار "يقطع.. من شعبه"، أي يُقتل، "נִכְרַת نِكْرَتْ" (مثل: لاويين 17: 4، 9، 14 و20: 17-18). وكلمة "نِكْرَتْ"، هي نفس الكلمة المذكورة للعهد مع الله، "כריתת ברית كريتات بريت"؛ أي قطع عهد. والعرب يستخدمون التعبير "قطع عهد"، بمعنى إقامة عهد، دون أن يدركون معناه وأصوله! (كون تعبير "قطع عهد"، تعطي انطباع أنه نقض العهد، وليس أقام العهد!). وهذه الكلمة مأخوذة من عهد الختان؛ الذي فيه يتم "قطع، كْرِتَتْ" غرلة الرجل، كعلامة للعهد مع الله. وكأن الله يقول للمؤمن من شعب الرب؛ إما تحفظ "قطع" العهد معي، أن تُقطع لأتا من وسط الشعب (دون أن يهلك في الجحيم طبعًا). والهدف هو الحفاظ على شعب مقدس خالي من الفساد، ليخلص من خلاله الله العالم.
ثالثًا، لماذا عقوبة الموت لمن يخالف الشريعة؟
لقد خلق الله آدم، وخلق لآدم المنفذ ليرفض الله ذاته – شجرة معرفة الخير والشر. هذا نسميه الإرادة الحرة الأدبية؛ فلقد خلق البشر على هذه النعمة، وهي حرية الاختيار. لكن بعد سقوط البشر، أوقع الإنسان نفسه تحت شجرة الخير والشر! لذلك اختار الله أن يحكم على شعبه إسرائيل بنفسه، من خلال شريعة موسى. في هذه الفترة فقط، وجد حكم عقوبة الموت على من يخالف شريعته. لكنها فترة خاصة بحكم الله شخصيًا مباشرةً على شعبه لتأسيس شعب مقدس.
رابعًا، شعب إسرائيل لم يطع تعليمات الرب!
أما بعد هذه الفترة، أي بعد خطاب ملاك الرب شخصيًا لجميع الشعب وتوبيخه على عدم طاعته لأوامر الله لطرد جميع الشعوب الوثنية من الأرض. قام الله بإلغاءه هذه الأحكام، ومن ضمنها إلغاء طرد الشعوب الوثنية من الأرض:
"1 وَصَعِدَ مَلاَكُ الرَّبِّ... 2 وَأَنْتُمْ فَلاَ تَقْطَعُوا عَهْدًا مَعَ سُكَّانِ هذِهِ الأَرْضِ. اهْدِمُوا مَذَابِحَهُمْ. وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِي. فَمَاذَا عَمِلْتُمْ؟ 3 فَقُلْتُ أَيْضًا: لاَ أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ، بَلْ يَكُونُونَ لَكُمْ مُضَايِقِينَ، وَتَكُونُ آلِهَتُهُمْ لَكُمْ شَرَكًا»." قضاة 2.
فمنذ هذا الخطاب العظيم والذي لم تشهد الأرض له مثيل؛ بأن يقف ملاك الرب شخصيًا ويخطب أمام عشرات الألوف من الشعب. أصبح عقاب الله على عبادة الأوثان جماعي وليس فردي، ومباشر منه (كالسبي الأشوري والبابلي..)؛ وليس بواسطة بشر قادة، كالديانات المبتعدة.
خامسًا، ماذا أحدث المسيح على هذه الأحكام؟
أيضًا نرى من خلال العهد الجديد، أن المسيح ثبت أساس الإرادة الحرة للإيمان، وترك الإيمان. وهذا نراه في حادثة ترك المؤمنين للمسيح:
"66 مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. 67 فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ (رسل المسيح): «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟» 68 فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَارَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ 69 وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ»." يوحنا 6.
فلم يحارب المسيح من تركه، ولم يوبخهم حتى؛ بل ترك حرية الاختيار التامة لهم بدون أي أدنى ضغط. لقد أرجع المسيح ممارسة الأرادة الحرة الأدبية، كما كانت متاحة لآدم وحواء قبل السقوط. وعلم أتباعه أن الله يحكم بالمحبة والنعمة والحرية. حيث حذر المسيح رسله من ثقافة التسلط والقمع؛ فقال لهم:
"25 فَقَالَ لَهُمْ: «مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ (أي كلما يسيطرون أكثر، يُعتَبرون أفضل). 26 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ (مساواة تامة)، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ (والقائد هو خادم لكم، وليس متسلط عليكم)" لوقا 22.
فتقول لي لماذا كان قتل تارك عبادة الرب، موجودًا في ظل شريعة موسى إذا؟؟ أليس هذا أيضًا قمع وتسلط؛ أم ماذا تسميه؟
للإجابة على هذا السؤال الشرعي، كان الله نفسه شخصيًا من يحكم الشعب، في ظل شريعة موسى، وليس البشر. خالق البشر يحق له أن يحكم الإنسان الذي خلقه؛ لأننا نتكلم في هذه الحالة على عدالة ليس فيها أي عيب، تختلف عن حكم بشر ضعفاء وفاسدين. ولفهم هذا الأمر أكثر، لنقرأ الشرح الموسع.
شرح موسع:
إن حكم الله على شعبه في ظل شريعة موسى، كان قائمًا على أربع أعمدة أساسية. إن فُقِدَت واحدة منها، يتحول لحكم بشري، بقناع ديني ولا يكن فعلا حكم الله على الشعب. هذه الأعمدة الأربعة كما يلي:
1- الله الذي يختار القائد:
"15 فَإِنَّكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكًا الَّذِي يَخْتَارُهُ الرَّبُّ إِلهُكَ. مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِكَ تَجْعَلُ عَلَيْكَ مَلِكًا. لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَجْعَلَ عَلَيْكَ رَجُلاً أَجْنَبِيًّا لَيْسَ هُوَ أَخَاكَ" تثنية 17.
بينما في كل التاريخ الإسلامي، كان اختيار القائد هو بشري بحت. لذلك المسلمين الشيعة يختلفون مع السنة في أول ثلاث خلفاء راشدين؛ ويختلفون في مُعظم الصحابة لدى أهل السنة! والسبب في هذا هو بشرية الاختيار والنظام. فضلا عن أن هذه المرحلة كلها غير مشمولة بوحيهم الضيق، بحسب القرآن. بخلاف عبقرية الوحي لدى الله في المسيحية، حيث كل تاريخ الكنيسة الأولى، مشمول في نفس ذات الوحي الإلهي. لذلك لا يمكن أن تجد أي خلاف على أي تلميذ من تلاميذ المسيح، وحتى بولس؛ وذلك بين جميع الطوائف المسحيية عبر كل العصور. بخلاف المسلمين المختلفين في كل شيء: مختلفين في اسم الله الأعظم، سيرة محمد ومكانته، الصحابة، آل البيت، الصلاة، القرآن، السنة... يعني في كل أساس إسلامي!!!! بالمقابل، في المسيحية وضوح تام، حيث جميع المسيحيين يشتركون في عقيدة واحدة؛ بالمفارقة مع الإسلام المُخْتَلَفْ فيه، في أكثر أساسات بديهية لدى أي دين، إلى أعقدها!
2- الله الذي يشرع، يوضح الأمور (يفتي):
"15 فَقَالَ مُوسَى لِحَمِيهِ: «إِنَّ الشَّعْبَ يَأْتِي إِلَيَّ لِيَسْأَلَ اللهَ.." خروج 18.
ففي شريعة موسى، الله متصل مع الشعب بشكل مستمر؛ وهو الذي يوضح الأمور بحسب المستجدات، وليس البشر واجتهادهم المُعَرَّض للفساد والخطأ، وفقدان الإرشاد الإلهي كليًا!
3- الله الذي يشرف على تطبيق الشريعة والقضاء:
"9 فِي كُلِّ دَعْوَى جِنَايَةٍ، مِنْ جِهَةِ ثَوْرٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَفْقُودٍ مَا، يُقَالُ: إِنَّ هذَا هُوَ، تُقَدَّمُ إِلَى اللهِ دَعْوَاهُمَا. فَالَّذِي يَحْكُمُ اللهُ بِذَنْبِهِ، يُعَوِّضُ صَاحِبَهُ بِاثْنَيْنِ" خروج 22.
وحتى القضاة السبعين الذين عينهم الله ليقضوا مع موسى. كان عليهم روح الله الذي كان على موسى تمامًا:
"17 فَأَنْزِلَ أَنَا (أي الله) وَأَتَكَلَّمَ مَعَكَ هُنَاكَ، وَآخُذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْكَ (على موسى) وَأَضَعَ عَلَيْهِمْ، فَيَحْمِلُونَ مَعَكَ ثِقْلَ الشَّعْبِ، فَلاَ تَحْمِلُ أَنْتَ وَحْدَكَ...25 فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ، وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلاً الشُّيُوخَ. فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا (أي لم يخرجوا في النبوءة عن دور القضاء)" (العدد ١١: ٢٥)" العدد 11.
فكان القضاة يقضون بالنبوءة، فلا توجد أي احتمالية للخطأ. بخلاف ما يسميه المسلمين بتطبيق الحدود والشرع الإسلامي؛ ما هو إلا حكم بشري فاسد، له قناع ديني زائف. يحكم فيه بشر، هم بأنفسهم بشر أنفسهم أمارة بالسوء، غير مُحاسَبين ولا توجد آلية لمحاسبتهم، ولا في القرآن ولا في أي كتابات أخرى!! وهذا يأخذنا للنقطة الرابعة.
4- الله الذي يحاسب القادة، الكهنة والقضاة مباشرة:
"1 وَأَخَذَ ابْنَا هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو، كُلٌّ مِنْهُمَا مِجْمَرَتَهُ وَجَعَلاَ فِيهِمَا نَارًا وَوَضَعَا عَلَيْهَا بَخُورًا، وَقَرَّبَا أَمَامَ الرَّبِّ نَارًا غَرِيبَةً لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا. 2 فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ الرَّبِّ" لاويين 10.
فنرى في هذه الآيات السابقة نموذجًا، يبين لنا كيف أمات اللهُ ناداب وأبيهو أولاد هارون مباشرةً؛ عندما قدما نارًا غريبة للرب، بخلاف تشريعاته!
* الله عاقب موسى وهارون على خطأهما، ولم يدخلهما للأرض (تثنية 32: 51-52).
* فضح شر وخطية عَخَان السرية أمام جميع الشعب، وعاقبه عليها (يشوع 7: 7).
* حاسب وأمات حفني وفنحاس أولاد عالي الكاهن، اللذان كانا يعيشان في الشر (1 صموئيل 4: 10-11).
* الله فضح الملك أخآب على اختصابه لحقل نابوت واغتياله له؛ وأماته بنفس الطريقة المُذلة أمام جميع الشعب (1 ملوك 21: 19).
* كذلك الملك داود، عندما زنى مع بثشبع، وأخذها لذاته، وهي متزوجة من أوريا الحثي. فضحه الله وعاقبه، مُنَزِّلا عليه وعلى بيته خمس ضربات صعبة جدًا (2 صموئيل 12: 7-12).
فشتان بين الأصل، وهو حكم الله شخصيًا على شعبه في الكتاب المقدس؛ وبين حكم شريعة بشرية مزعومة، الله بريء من شرها وظلمها. ففي شريعة موسى، عندما يحكم الله علي شخص، هو حكم إلهي بحت، لا حوار فيه. كموت إنسان فجئة بسكتة قلبيه مثلا، لا نقاش فيه؛ هو حكم إلهي 100٪. هكذا كان حكم الله على شعبه في شريعة موسى.
فلا يمكن الحكم على شخص إلا بواسطة قضاة يحكمون بالوحي الإلهي؛ وفقط إذا أشرف الله شخصيًا على تطبيق الشريعة. فلا يصح التطبيق بإشراف البشر الفاسدين والناقصين أبدًا؛ لهذا السبب رفض المسيح رجم الزانية في عصره (في يوحنا 8)؛ بسبب اختفاء الأربعة أعمدة السابقة؛ قائلا لهم:
"مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!" (يوحنا 8: 7)
بكلمات أخرى، كأنه يقول لهم: "وأنتم، من سيحاسبكم على أخطائكم؟ هل نسيتم أعمدة الشريعة الأربعة لله الذي كان يحكم عليكم؟ لقد قمتم برميها خلف ظهركم، لذلك الله بريء منكم من وأحكامكم الآن."
إلا يكفي حكم الشريعة الإلهية وحدها؟
أما الاعتماد على الشريعة الإلهية وحدها في التطبيق غير كافي إطلاقًا. لأنه كيف يصح تطبيق شرع الله، وإقناع نفسك بأن تطبيقه صحيح وسليم وإلهي، دون وجود ولا نقطة من القواعد أعلاه!؟ فجميع الأعمدة الأربعة الواردة في شريعة موسى، ليس لها وجود في إسلام اليوم، ولا في يهودية اليوم، ولا في حكم الكنيسة الديني الذي فُرض في العصور الوسطى... إلخ. طبعًا هذا لا يعني أن استخدام الشريعة كقيم ومبادئ تأثر إيجابيًا على الحكم، السياسة، التربية والمجتمع، هي شيء سيء! بالطبع لا. لكن دون أن يخدع الإنسان نفسه بأنه إذا طبق "شرع الله"، وهو إنسان ناقص وفاسد، ذات نفس أمارة بالسوء؛ ستكون هي الحل، وسيكون حكم الله على الأرض فعلا!! بل سيكون حكم بشري ناقص وفاسد ذات قناع أو صبغة إلهية زائفة. فشرع الله يطبَّق، عندما الله نفسه يحكم على الإنسان بذاته، بواسطة أنبياءه وقضاته. أما نصوص الشريعة التي نستنبط منها القيم الأخلاقية، فهي طبعًا جوهرية جدًا لضبط مسار الشعب الأخلاقي والروحي.
مثال: دعنا نأخذ مثال صاحب مصلحة تجارية معينة، عندما يترك مصلحته بيد موظفين. لا يقول لك مثلا:
"أنا وضعت لهم قوانين كاملة وواضحة، وهي كافية لتسيير المصلحة بشكل كامل بعيد عن الفساد!!"
كلام ساذج سيضحك عليه أسوأ رجل أعمال! فالقوانين المتكاملة (وحتى لو افترضنا أنها وُجدت) هي ليست العنصر الوحيد الذي سيضمن تسيير المصلحة بشكل كامل خالي من الفساد. بل يجب بالإضافة للقوانين، أن يُشرف صاحب المصلحة على الموظفين بذاته، هل يطبقون القوانين التي وضعها أم لا؛ يحاسب الفاسدين، ويكافئ الأمناء...إلخ. هكذا كانت شريعة موسى بالضبط، قائمة بإشراف الله ذاته عليها!
باسم أدرنلي
الآيات: "9 مَتَى دَخَلتَ الأَرْضَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لا تَتَعَلمْ أَنْ تَفْعَل مِثْل رِجْسِ أُولئِكَ الأُمَمِ. 10 لا يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ وَلا مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً وَلا عَائِفٌ وَلا مُتَفَائِلٌ وَلا سَاحِرٌ."
مقارنة مع متى 2 " 1 ولَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2 قَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ."
الاعتراض: نلاحظ هنا أن الله دعى المجوس بواسطة رؤية نجمه في المشرق؛ أليس هذا يناقض نهي الله عن العيافة (وهي التنجيم)؟
الرد: للرد على هذا الاعتراض، يجب أن ننتبه لثلاث نقاط:
أولا: إن التنجيم أو العيافة، هي شيء آخر كليًا؛ هي نوع من أنواع السحر، ليدل على المستقبل. أما في هذه الحالة، لم تدل رؤيتهم للنجم عن شيء سيحدث بالمستقبل، بل ولادة المسيح التي رؤوا نجمه الذي ظهر لهم، حال حدوثها (عدد 7).
ثانيًا: إن العيافة، هدفها أن يستبدل إبليس من خلالها، الله؛ وليس لكي تقود البشر لله
ثالثًا: العلامات في السماء هي أمر هام يصنعه الله لكي يدل على عمله وأزمنته؛ والكتاب يتكلم عن علامات في السماء عند مجيئه الثاني أيضًا (مثل متى 24: 29 وأعمال 2: 19)؛ فالوحي يؤكد أن الله ليس ضد علم الفلك، لكن هدفه من عظمة الفلك والخلق أن يقود الإنسان للإيمان بالله، وليس لاستبدال الله: "1 اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ." مزمور 19. وذلك لكي يكتشف الإنسان من خلال الفلك مجد الإله؛ وليس لكي يبتعد عن الله، ويتطاول على خلقه؛ ويصبح مثل الفئة التي يتكلم عنها الوحي في رومية 2 "20 لأَنَّ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ تُرَى أُمُورُهُ غَيْرُ الْمَنْظُورَةِ وَقُدْرَتُهُ السَّرْمَدِيَّةُ وَلاَهُوتُهُ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ. 21 لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ."
باسم ادرنلي
الآيات: "10 «حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11 فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12 وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13 وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14 وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15 هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16 وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17 بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18 لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ."
الاعتراض الأول: ما هذه الوحشية! الله يأمر بذبح كل ذكر بحد السيف وكذا يأمر بالإبادة الجماعية والسبي؟
الرد: قبل الرد على هذا الاعتراض المنطقي جدًا، نحتاج أن نشرح ملاحظات هامة عن الآيات السابقة:
أولا، تفسير النص الذي أشار له الناقد:
الجزئية التي أشار لها الناقد هي من الآيات 13-14 أعلاه. وهي تدعو لقتل جميع الذكور وسبي النساء والأطفال. لكن الذي أخفق عنه الناقد، هو أن هذه الآيات لا تتكلم عن شعوب أرض كنعان، بل عن الشعوب خارج أرض كنعان؛ والتي تشن عدوانًا على شعب إسرائيل!! وذلك من نفس النص أعلاه، والآية التي بعد آيات الناقد:
"15 هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا" تثنية 20.
وهي دائمًا كانت أمم معادية مبادرة بالحرب؛ لأن شعب إسرائيل تلقى تعليمات دقيقة وصارمة، ألا يضع وطأة قدم خارج أرض كنعان، ولا يعتدي على أي أحد فيها (راجع تثنية 2: 4-15)؛ فحدد الرب لشعب إسرائيل الأرض بالدقة (راجع تثنية 34: 1-4).
ثانيًا، تطبيق عملي للنص:
إن التعليمات التي تخص حروب لإمارات خارج أرض كنعان، التي طرحها الناقد أعلاه. طُبقت بشكل محدود كليًا؛ نراها مثلا في حرب يشوع مع دبير ملك عجلون (يشوع 10: 34-35)، وهي حرب لملك خارج إطار أرض كنعان؛ وفيها لم يتم سبي النساء والأطفال (أي لم تطبق هذه الجزئية من التعليمات في أي حرب). أما باقي حالات الحرب مع شعوب ومدن داخل أرض كنعان، التي أدت لقتل كل نفس فيها؛ فنفترض أن السبب في هذا كان رفض هؤلاء الشعوب لترك مدنهم والرحيل، وتصميمهم على خوض حرب وجودية مع شعب الرب!!
ثالثًا، تحريم كل ما يخص الشعوب التي في الأرض!!
إن التعليمات التي تخص سكان أرض كنعان، كانت واضحة؛ يجب تحريم السكان وكل شيء يخصهم. وكلمة تحريم، تأتي من جذر الفعل "חרם حَرَمْ"، وتعني منع تام للتعاطي أو التعامل مع جميع الشعوب المذكورة. والمعنى الذي نراه من آيات كثيرة، هو ترحيل الشعوب قطعيًا وكل ما يخصم، من الأرض. ونرى هذا من نفس الآيات الاعتراض أعلاه:
"16 وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا (ويحدد بالدقة الشعوب التي فيها) 17 بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ" تثنية 20.
وهنا نأتي لمعنى "لا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً" "تحرِّمُها":
معنى "لا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً" أو "تُحَرِّمُها"، بخصوص الشعوب المذكورة أعلاه؛ يعني فقط طردهم من الأرض وهدم كل مذابحهم وكل ما لهم:
"52 فَتَطْرُدُونَ كُلَّ سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ، وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ، وَتُبِيدُونَ كُلَّ أَصْنَامِهِمِ الْمَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ" العدد 33.
وهذا أيضًا ما أكد عليه ملاك الرب عندما ظهر لشعب إسرائيل، وخطب لجميع الشعب!! ووبخهم لأنهم لم يطيعوا وصاياه:
"1 وَصَعِدَ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ الْجِلْجَالِ إِلَى بُوكِيمَ وَقَالَ: «قَدْ أَصْعَدْتُكُمْ مِنْ مِصْرَ وَأَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَقْسَمْتُ لآبَائِكُمْ، وَقُلْتُ: لاَ أَنْكُثُ عَهْدِي مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. 2 وَأَنْتُمْ فَلاَ تَقْطَعُوا عَهْدًا مَعَ سُكَّانِ هذِهِ الأَرْضِ. اهْدِمُوا مَذَابِحَهُمْ. وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِي. فَمَاذَا عَمِلْتُمْ؟ 3 فَقُلْتُ أَيْضًا: لاَ أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ، بَلْ يَكُونُونَ لَكُمْ مُضَايِقِينَ، وَتَكُونُ آلِهَتُهُمْ لَكُمْ شَرَكًا»" القضاة 2.
نلاحظ من النص عدة أشياء هامة، فيما يخص تعليمات الرب الفعلية:
(1) أن لا يقطعوا عهد مع سكان الأرض. مما يعني أنه ممنوع لديهم أن يعيشوا مع هذه الشعوب على نفس الأرض أبدًا.
(2) هدم مذابح هذه الشعوب الوثنية وإفنائها كليًا.
(3) الله أمر بطردهم، وليس بقتلهم. وذلك من عبارة "لاَ أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ"! يعني هذا هو معنى عبارات: "لا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً" أو "تُحَرِّمُها".
جدير بالذكر أيضًا، أنه بخصوص التعليمات الرسمية من البداية بقتل جميع سكان المدينة جميعًا؛ حدث فقط مع مدينة أريحا، وهي كانت حالة استثنائية لا نعرف أسبابها، ولم تكن قانونًا أبدًا (يشوع 6). (ولمعرفة حيثيات دخول أريحا، راجع تعليقنا في الصفحة الدفاعية، تحت شاهد يشوع 6: 21).
أما باقي المدن، التي قررت أن تحارب شعب إسرائيل وتبيدهم من الأرض؛ فبعضها تم القضاء على كل سكانها وإبادة ما فيها كليًا؛ والبعض فقط إخضاعهم. لذلك، بعد كل ما سبق، نفترض أن هذا حدث في إطار حرب وجودية، عندما قررت تلك المدن أن تخوض حرب وجودية، مفادها: "إما نحن أو أنتم في الأرض".
للمزيد من التعلم عن هذا الموضوع، اطلع على هذا المقال.
رابعًا، جميع الآيات التي طرحها الناقد ألغيت ومعظمها لم يُطبَّق!!
بعدما لم يطع شعب إسرائيل تعليمات الرب، قام الرب بإلغاء حكم آيات الناقد أعلاه (تثنية 20: 10-18). فقرر الله عدم طرد الشعوب من الأرض، كما رأينا من الآيات السابقة: "فَقُلْتُ أَيْضًا: لاَ أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ" (قضاة 2: 3). أي أن طردهم لمجرد أنهم ليسو من شعب إسرائيل، هو ليس الهدف إطلاقًا. بل الهدف هو أن يقيم الرب شعبًا مقدسًا طاهرًا، بعيدًا عن تلوث عبادة الأوثان والرجاسات المذكورة لدى شعوب الأرض (لاويين 18: 25 وتثنية 18: 9-14)؛ ليكون شعب إسرائيل بركة وشهادة لكل الأمم. فمن الناحية الحقيقية، كل التعليمات التي طرحها المعترض أعلاه، ألغيت سريعًا بعد 32 سنة فقط من بدء تطبيقها (الزمن هو بحسب biblehub.com/timeline). وذلك بسبب عدم طاعة شعب إسرائيل لوصايا الرب!! وحتى فترة الـ 32 سنة المذكورة، لم تكن سهلة من ناحية حربية؛ بل لم يتمكن شعب إسرائيل من الشعوب كليًا، وذلك بسبب عدم طاعتهم لوصايا إلههم. فنرى هذا من نفس سفر يشوع، في عدة نصوص:
" فَلَمْ يَتَمَكَّنْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلثُّبُوتِ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ. يُدِيرُونَ قَفَاهُمْ أَمَامَ أَعْدَائِهِمْ لأَنَّهُمْ مَحْرُومُونَ، وَلاَ أَعُودُ أَكُونُ مَعَكُمْ إِنْ لَمْ تُبِيدُوا الْحَرَامَ (ما هو مُحرَّم) مِنْ وَسَطِكُمْ" (يشوع 7: 12).
" فَاعْلَمُوا يَقِينًا أَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ لاَ يَعُودُ يَطْرُدُ أُولئِكَ الشُّعُوبَ مِنْ أَمَامِكُمْ، فَيَكُونُوا لَكُمْ فَخًّا وَشَرَكًا وَسَوْطًا عَلَى جَوَانِبِكُمْ ، وَشَوْكًا فِي أَعْيُنِكُمْ (أي سبب عقاب مستمر لكم)، حَتَّى تَبِيدُوا عَنْ تِلْكَ الأَرْضِ الصَّالِحَةِ الَّتِي أَعْطَاكُمْ إِيَّاهَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ (نرى هنا حتى توعد من الله بطرد إسرائيل من الأرض، إذا تمرد)" (يشوع 23: 13).
وبعدما قرر الرب استبقاء الشعوب الوثنية في أرض كنعان؛ أصبحت عباداتهم الوثنية، سبب تأديب وضرب الرب لنفس ذات شعبه إسرائيل، كل الوقت؛ كما قال أعلاه: "فَيَكُونُوا لَكُمْ فَخًّا وَشَرَكًا وَسَوْطًا عَلَى جَوَانِبِكُمْ، وَشَوْكًا فِي أَعْيُنِكُمْ."!!
لذلك قام الرب بطرد بني إسرائيل من الأرض كما فعل في الأمم الوثنية، ثلاث مرات؛ السبي الأول والثاني، وأيضًا طردوا من الأرض رفضوا المسيح، سنة 70 م. لأنه ليس لدى الله الحقيقي، الذي يطرحه الكتاب المقدس، أي محاباة أو معايير المزدوجة، كالديانات المبتدعة. ما يسري على كل العالم، يسري على شعبه إسرائيل أيضًا؛ وحتى إسرائيل احتكم لقوانين أعلى وأسمى من باقي الأمم، لذلك أدبهم الله أكثر من باقي الشعوب.
الاعتراض الثاني: كيف يأمر الله شعبه بسبي النساء واغتصابهم؟
الرد: الله أمر بسبي النساء هذا صحيح، لكن حاشا أن يحلل لشعبه ممارسة الجنس معهم خارج إطار الزواج كالديانات الزائفة. ففي هذه الممارسة الرجسة الله صارم وقدوس. لقد سبق وأباد من شعبه 24 ألف شخص بالوبأ الإلهي، لأنهم زنوا مع بنات موآب!! وهذا شيء لن تجده في أي ديانة أو مذهب على مر كل العصور:
"1 وَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي شِطِّيمَ، وَابْتَدَأَ الشَّعْبُ يَزْنُونَ مَعَ بَنَاتِ مُوآبَ 2 فَدَعَوْنَ الشَّعْبَ إِلَى ذَبَائِحِ آلِهَتِهِنَّ، فَأَكَلَ الشَّعْبُ وَسَجَدُوا لآلِهَتِهِنَّ..9 وَكَانَ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا" العدد 25.
يا له من إله قدوس طاهر؛ لم ولن يسمح بالفحشاء كباقي الديانات التي تشحن الرجال بإدمان الجنس مع ما تملك أيديهم من سبايا الحرب؛ فيجعل قادتهم الإنسان الطاهر الذي خلقه الله، كالكلب المسعور وراء الجنس؛ منتظر الحرب المُقبلة بفارغ الصبر، لعله يسبي نساء أجمل وأجمل ليزني معهُنْ!!
باسم ادرنلي
الآيات: "15 «إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ، إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ، فَوَلَدَتَا لَهُ بَنِينَ، الْمَحْبُوبَةُ وَالْمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الابْنُ الْبِكْرُ لِلْمَكْرُوهَةِ"
الاعتراض: أليس هذا دليلاً واضحًا على سماح الله بحسب العهد القديم بتعدد الزوجات؟
الرد: لا، الآية لا تقدم وصية تحلل الزواج بأكثر من امرأة، بل تطرح تنظيم لوضع قائم: "إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ". لا توجد أي آية توصي مثلا: "يحل للرجل أن يتزوج كذا عدد نساء"، لا يوجد إطلاقًا.
لفهم قضية الزواج بحسب وحي الكتاب المقدس، ربما أفضل أن تقرأ هذا المقال:
موقف الله من تعدد الزوجات، تاريخه، أسبابه، وأخلاقياته
باسم أدرنلي
الآيات: "13 «إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَحِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبْغَضَهَا، 14 وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ، وَأَشَاعَ عَنْهَا اسْمًا رَدِيًّا، وَقَالَ: هذِهِ الْمَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً. 15 يَأْخُذُ الْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَابِ، 16 وَيَقُولُ أَبُو الْفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هذَا الرَّجُلَ ابْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا. 17 وَهَا هُوَ قَدْ جَعَلَ أَسْبَابَ كَلاَمٍ قَائِلاً: لَمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهذِهِ عَلاَمَةُ عُذْرَةِ ابْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ الثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ. 18 فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ 19 وَيُغْرِمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيًّا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ. 20 «وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ. 21 يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ."
الاعتراض: نجد أعلاه رجم المتزوجة موجود في الكتاب المقدس للنصارى من غير أربعة شهود أو حلف فلماذا تتهجمون على الإسلام؟؟ جاء في سفر التثنية 22 :13 إذا اتخذ رجل امرأة وحين دخل عليها ابغضها 14 ونسب اليها اسباب كلام واشاع عنها اسما رديا وقال هذه المرأة اتخذتها ولما دنوت منها لم اجد لها عذرة. يخرجون الفتاة الى باب بيت ابيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لانها عملت قباحة في اسرائيل بزناها في بيت ابيها. فتنزع الشر من وسطك؛ (التثنية 22 :13 – 21)؟؟
الرد: هذا هو طرح المعترض تمامًا كما أتانا منه، دون أي تغيير. لكن طبعًا كالمعتاد، قد أخفى آيات من النص أعلاه، لكي يظهر جزءً ويخفي آخر، ويكون بذلك قد حرف النص عن معناه. لذلك نقول:
أولا، ماذا تقول الآيات فعلاً أعلاه:
الآيات أعلاه واضحة، تدعو لفحص كلا الطرفين، والتأكد من هو المُخطئ. هل الزوج يريد أن يشيع مذمة كاذبة عن زوجته؟ إذا نعم، هكذا تعلم الشريعة أن يُفعل به، من الآيات أعلاه (وهو القسم الذي أخفاه المعترض):
"18 فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ 19 وَيُغْرِمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيًّا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ."
أما إذا كانت الفتاة فعلا مخطئة وزانية، نعم ترجم (عدد 21). وبعدها هناك أحكام أخرى، تدعو لرجم الزاني والزانية سيان (تثنية 22: 22-24)؛ وإذا الرجل اضطجع مع الفتاة في مكان ليس فيه شهود، يرجم الرجل وحده والفتاة لا يُفعل بها شيئًا (تثنية 22: 25-26).
ثانيًا، كيف تتم الأحكام:
ومن توضيح هذه النقطة، يتبين زيف الإسلام ونسخه لشريعة موسى السطحي، مقابل صدق وثبات وكمال شريعة موسى. حيث يتخذ الإسلام قشور شريعة موسى دون علم بالأساسات القائمة عليها. فالذي ابتعد الإسلام يعتقد أنه يكفي أن تكون في يدي المسلمين شريعة إلهية، لضمان تطبيقها بشكل جيد!! أما شريعة موسى، فتعلم أنه لا يكفي أن تكون شريعة فقط؛ بل يجب أن تقوم تلك الشريعة على أربعة أعمدة ليكون تطبيقها سليمًا. وهي كما يلي:
(1) الله الذي يختار القائد والقاضي.
(2) الله الذي يفتي ويشرع في أمور غير واضحة.
(3) الله الذي يرشد الملك والقاضي بوحي إلهي، ليحكم بالعدل التام.
(4) الله الذي يراقب تنفيذ الأحكام، ويحاسب المُخطئين بنفسه.
بكلمات أخرى أخي الناقد، هو ليس حكم شرع ديني، أو إلهي كما تظنون؛ هو حكم الله شخصيًا على شعبه. فوضع قانون فقط، لا يكفي؛ وحتى لو افترضنا أنه كامل (وهو ليس كذلك). هل إذا وضع رئيس مصلحة تجارية قوانين شاملة لكل شيء في شركته؛ وسلمها لأناس ليديروها وغاب. تقدر القوانين الشاملة وحدها أن تسير الشركة بشكل سليم خالي من السرقة والفساد؟ بالتأكيد لا؛ لأنه من سيحاسب الرؤساء الفاسدين والخارجين عن هذه القوانين؟
فشريعة موسى، هي الأصل الذي حاول المسلمون نسخه وتقليده، لكن نموذجهم خالي من جميع الأربعة أساسات السابقة!!
ثالثًا، كيف تتم المحاكمة فعليًا؟
سأستعرض أحد النصوص، وأطرح التفسير لها في الأزرق:
"15 «لاَ يَقُومُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى إِنْسَانٍ فِي ذَنْبٍ مَا أَوْ خَطِيَّةٍ مَا مِنْ جَمِيعِ الْخَطَايَا الَّتِي يُخْطِئُ بِهَا. عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ عَلَى فَمِ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَقُومُ الأَمْرُ. 16 إِذَا قَامَ شَاهِدُ زُورٍ عَلَى إِنْسَانٍ لِيَشْهَدَ عَلَيْهِ بِزَيْغٍ، 17 يَقِفُ الرَّجُلاَنِ اللَّذَانِ بَيْنَهُمَا الْخُصُومَةُ أَمَامَ الرَّبِّ، أَمَامَ الْكَهَنَةِ وَالْقُضَاةِ (انتبه كيف الطرفان يقفان أمام الرب!! لأن الله هو من يحكم، من خلال وحي للقضاء، فلا وجود لأي احتمالية للخطأ) الَّذِينَ يَكُونُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ 18 فَإِنْ فَحَصَ الْقُضَاةُ جَيِّدًا، وَإِذَا الشَّاهِدُ شَاهِدٌ كَاذِبٌ، قَدْ شَهِدَ بِالْكَذِبِ عَلَى أَخِيهِ، 19 فَافْعَلُوا بِهِ كَمَا نَوَى أَنْ يَفْعَلَ بِأَخِيهِ. فَتَنْزِعُونَ الشَّرَّ مِنْ وَسْطِكُمْ. (لا يقدر أن يكذب أحد الطرفين، دون أن يكشف الله كذبه!!) 20 وَيَسْمَعُ الْبَاقُونَ فَيَخَافُونَ، وَلاَ يَعُودُونَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذلِكَ الأَمْرِ الْخَبِيثِ فِي وَسَطِكَ 21 لاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ. نَفْسٌ بِنَفْسٍ. عَيْنٌ بِعَيْنٍ. سِنٌّ بِسِنٍّ. يَدٌ بِيَدٍ. رِجْلٌ بِرِجْلٍ. (طبعًا هذه هي شرائع مدنية، وليس عشوائية، يجب أن يحكم بها ويطبقها القضاة فقط)" تثنية 19.
أسئلة يحتاج أن يفكر بها المسلم؟
من الذي يعين القائد في الإسلام؟
ليس الله طبعًا بل بشر؛ لذلك بدأ الخلاف على القائد والخليفة من أول يوم بعد وفاة نبيكم! بل افترقوا إلى ثلاث فرق متناحرة ومتحاربة من اللحظة الأولى!!!
وعندما يواجه المسلمون أسئلة غير واضحة في نصوصهم الدينية؛ من يفتي بشأنها؟
بشر يتحزرون ويخبصون! ويذهب ورائهم مئات الملايين من الضحايا عبر العصور للأسف!! ولذلك كان هناك خلاف على جميع الأحكام، حتى أكثرها بديهية؛ مثل الصلاة، الخلافة، سيرة نبيهم، الصحابة، السلف، الأحاديث، النصوص المُكَمِّلة للقرآن، إسم الله الأعظم... إلخ!!
وهل قضاة المسلمين يحكمون بوحي وإرشاد إلهي؟ أم قضاة بشر مُعَرَّضين للفساد والسهو والخطأ!؟
طبعًا معرضين للسهو والخطأ، فهم بشر غير معصومين!
وعندما يحكم قائد إسلامي ويُصبح فاسدًا، من سيحاسبه؟
لا أحد طبعًا، إلا الآليات الثورات العشوائية، المتمثلة بالغدر والانقلابات والسيف للأسف!!
ولهذا السبب رفض المسيح تطبيق شريعة رجم الزانية على يد كهنة اليهود في يوحنا 8: 1-11. لأن اليهود رفضوا أعمدة الشريعة كلها، وأساساتها؛ فكيف يَسمح لهم الله بتطبيقها؛ فليس لهم مَنْ يحاسبهم مثلا!!؟ لذلك قال لهم:
"مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!" (يوحنا 8: 7).
باسم أدرنلي
الآيات: "2 لاَ يَدْخُلِ ابْنُ زِنًى فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الْجِيلِ الْعَاشِرِ لاَ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 3 لاَ يَدْخُلْ عَمُّونِيٌّ وَلاَ مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الْجِيلِ الْعَاشِرِ لاَ يَدْخُلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلَى الأَبَدِ"
بالمقارنة مع راعوث 4 "13 فَأَخَذَ بُوعَزُ رَاعُوثَ امْرَأَةً وَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَأَعْطَاهَا الرَّبُّ حَبَلاً فَوَلَدَتِ ابْنًا"
الاعتراض الأول: كيف يقول أنه لن يدخل موآبي في جماعة الرب إلى الأبد، وسمح لدخول راعوث لجماعة الرب؟ وما هذه العنصرية التي تعلي شعب فوق شعب آخر؟
الرد: هناك افتراضات عديدة أساء فهمها الناقد، دون أن يفحص تفاسير مسيحية كالمعتاد!
إن التفسير التقليدي المسيحي واليهودي لهذا النص، هو ببساطة منع زواج ابن الزنى (الأممي)، رجل عموني أو موآبي، من مرأة يهودية. نستنتج هذا من النمط الذكوري في التعابير: "ابن زنى.. عموني.. موآبي". وهذه التعليمات تنتمي لسلسلة من التعليمات، التي تنهى شعب إسرائيل للاختلاط بالأمم بكافة الطرق؛ لكي يحافظ على نفسه بقداسة وتكريس لإله إسرائيل فقط. والهدف هو أن يكون شعب إسرائيل نورًا لجميع الأمم، كما وعد الله إبراهيم (تكوين 12: 3). وأحد هذه الأركان للحفاظ على عدم اختلاطهم بالأمم هو الزواج؛ الذي يشمل مصاهرة الرجل أو المرأة الأممية؛ مثل:
"2 وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ أَمَامَكَ، وَضَرَبْتَهُمْ، فَإِنَّكَ تُحَرِّمُهُمْ. لاَ تَقْطَعْ لَهُمْ عَهْدًا، وَلاَ تُشْفِقْ عَلَيْهِمْ، 3 وَلاَ تُصَاهِرْهُمْ. بِنْتَكَ لاَ تُعْطِ لابْنِهِ، وَبِنْتَهُ لاَ تَأْخُذْ لابْنِكَ" التثنية 7.
"15 اِحْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَقْطَعَ عَهْدًا مَعَ سُكَّانِ الأَرْضِ، فَيَزْنُونَ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ وَيَذْبَحُونَ لآلِهَتِهِمْ، فَتُدْعَى وَتَأْكُلُ مِنْ ذَبِيحَتِهِمْ، 16 وَتَأْخُذُ مِنْ بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكَ، فَتَزْنِي بَنَاتُهُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِنَّ، وَيَجْعَلْنَ بَنِيكَ يَزْنُونَ وَرَاءَ آلِهَتِهِنَّ" الخروج 34.
من جهة آية راعوث 4
نعم زواج بوعز لراعوث، هو مخالف للشريعة؛ وأيضًا قبله زواج كحلون وكيلون من فتاتين موآبيتين، راعوث أحدهما، أيضًا مخالف (راعوث 1: 2-4). لكن الأوقات متغيرة، بين وقت نزول آيات التثنية والخروج السابقة (سنة 1446 ق.م.)، وآية راعوث 4 (سنة 1140 ق.م.)؛ فهناك 306 سنة بينهما!! وفي هذه الفترة قام الرب بإلغاء هذه الأحكام (سنة 1374 ق.م.)؛ كطريقة لعقاب إسرائيل. وذلك بسبب عدة طاعة الشعب لوصايا الرب المذكورة:
"1 وَصَعِدَ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ الْجِلْجَالِ إِلَى بُوكِيمَ وَقَالَ: «قَدْ أَصْعَدْتُكُمْ مِنْ مِصْرَ وَأَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَقْسَمْتُ لآبَائِكُمْ، وَقُلْتُ: لاَ أَنْكُثُ عَهْدِي مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. 2 وَأَنْتُمْ فَلاَ تَقْطَعُوا عَهْدًا مَعَ سُكَّانِ هذِهِ الأَرْضِ. اهْدِمُوا مَذَابِحَهُمْ. وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِي. فَمَاذَا عَمِلْتُمْ؟ 3 فَقُلْتُ أَيْضًا: لاَ أَطْرُدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ، بَلْ يَكُونُونَ لَكُمْ مُضَايِقِينَ، وَتَكُونُ آلِهَتُهُمْ لَكُمْ شَرَكًا»" قضاة 2.
والآيات السابقة، تظهر عدة حقائق:
أولا: الله يأخذ القضية التي تختص بمصير الشعوب بشكل جدي. فيرسل ملاكه شخصيًا، ليخطب أمام عشرات الألوف من الناس!! حدث كبير وعظيم لا يتخيله أحد!! وذلك لأن مصير شعوب معتمد عليه. فلا يجوز أن يأتي نبي ويدعي أن الله أمره أن يحارب ويقاتل ويطرد شعوب، دون أن دليل مُعجِز، واضح، شامل وعلني أمام جميع الشعوب، ليؤكد الأمر.
ثانيًا: الآيات تبرهن أن الله لا يوجد عنه عنصرية، كما سماها المعترض! بل النص يُظهر أن طرد الشعوب الوثنية هو ليس هدف بذاته. بل بالعكس تمامًا، عندما لم يطع إسرائيل الرب، قرر أن يبقي الأمم في الأرض. لأن طردهم ليس الهدف، بل إبقاء شعبه مقدس ليكون نورًا لهم فيما بعد؛ وليس ليعمل مثلهم تمامًا، كما حدث لاحقًا! وفي هذه الحالة الله سيطرد شعبه إسرائيل من الأرض مثلهم تمامًا؛ لأنه يعتبرهم مساوين تمامًا للأمم أمام عدالته:
" فَلاَ تَقْذِفُكُمُ الأَرْضُ بِتَنْجِيسِكُمْ إِيَّاهَا كَمَا قَذَفَتِ الشُّعُوبَ الَّتِي قَبْلَكُمْ. (اللاويين 18: 28).
فقط من آيات مثل هذه، يتبين بكل يقين، أن هذه النصوص إلهية فعلا. مقابل النصوص الإسلامية مثلا، التي دائمًا ترفع المسلمين فوق غير المسلمين مهما فعلوا. ففي كلمة الله الحقيقية، الله عادل، لا يرفع يهودًا على أمم، بل الجميع سواسية تحت القانون السماوي؛ كما نرى من الآية السابقة.
معنى كلمة "إلى الأبد""עוֹלָֽם عولام":
وأيضًا كلمة "إلى الأبد" في آية تثنية 23: 3 أعلاه، لها معانٍ كثيرة، منها لمدة طويلة. ففي نفس الآية، لها قرينة "حتى الجيل العاشر"، وهو تعبير أيضًا مجازي، يعني لمدة طويلة. وكلمة "إلى الأبد"، نرى أنها قد تعني فترة طويلة، في نفس حياة الشخص. مثل قول التوراة عن العبد الذي يريد أن يظل يخدم سيده، ولا يريد أن يتحرر:
"17.. فَيَكُونَ لَكَ عَبْدًا مُؤَبَّدًا. وَهكَذَا تَفْعَلُ لأَمَتِكَ أَيْضًا" التثنية 15.
وهي نفس الكلمة، المترجمة "مُؤَبَّدًا"، تعني طوال حياته فقط (لجيل واحد، وليس للجيل العاشر)!!
الاعتراض الثاني: لماذا ممنوع دخول العموني والموآبي لجماعة الرب بالتحديد؛ هل طريق إلى إله الكتاب المقدس محتكرٌ فقط من قبل اليهود؟
الرد: الحقيقة هي أن الله يطرح السبب في نفس سياق الآيات!! ودائمَا نفس الإهمال نجده في النقاد؛ لا يقرأون السياق! فيتابع بعد تثنية 23: 2-3، ويقول:
"4 مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُلاَقُوكُمْ بِالْخُبْزِ وَالْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكُمْ مِنْ مِصْرَ، وَلأَنَّهُمُ اسْتَأْجَرُوا عَلَيْكَ بَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ مِنْ فَتُورِ أَرَامِ النَّهْرَيْنِ لِكَيْ يَلْعَنَكَ. 5 وَلكِنْ لَمْ يَشَإِ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ يَسْمَعَ لِبَلْعَامَ، فَحَوَّلَ لأَجْلِكَ الرَّبُّ إِلهُكَ اللَّعْنَةَ إِلَى بَرَكَةٍ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدْ أَحَبَّكَ" التثنية 23.
وهذا حدث عندما استأجر ملك مؤآب بلعام لكي يلعن شعب إسرائيل. فلم يقدر أن يلعنه، لأن الله قال له أنه شعب مبارك. لكن أشار عليهم بلعام بأن يجعلوهم يخطأوا من جهة إلههم. وفعلا أرسلوا لهم بنات موآب، ليزنوا معهم؛ فأمات الرب الطاهر القدوس، من شعبه في ذلك اليوم 24 ألف شخص!!
"1 وَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي شِطِّيمَ، وَابْتَدَأَ الشَّعْبُ يَزْنُونَ مَعَ بَنَاتِ مُوآبَ. 2 فَدَعَوْنَ الشَّعْبَ إِلَى ذَبَائِحِ آلِهَتِهِنَّ، فَأَكَلَ الشَّعْبُ وَسَجَدُوا لآلِهَتِهِنَّ... 9 وَكَانَ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا" العدد 25.
لهذا السبب الذي نراه في الآيات؛ لأن شعب موآب أسقطوا بني إسرائيل بقصد في السابق في الزنى وعبادة الأوثان؛ حذر الله بشكل خاص منهم.
تفسير موسع:
لا يحتاج الأممي أن يدخل شعب الرب:
أيضًا الافتراض أنه فقط بني إسرائيل في ظل العهد القديم، سيذهبون للجنة، أو الحياة الأبدية. هو افتراض خاطئ كليًا، حتى في ظل العهد القديم. فهناك شعوب عديدة في العهد القديم، آمنت بإله إبراهيم. ونرى أنهم حتى نالوا الخلاص والحياة الأبدية؛ دون أن ينضموا لشعب إسرائيل. وذلك بشهادة المسيح نفسه؛ مثل أهل نينوى مثلا، نالوا الخلاص في ظل العهد القديم؛ دون أن ينضموا لشعب إسرائيل:
"32 رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ (جيل اليهود الذين رأوا المسيح ورفضوه)، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ (النبي؛ يدعى عند المسلمين يونس)، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا! (أي المسيح)" (لوقا 11: 32).
للتنويه، جميع الذين آمنوا من الأمم بإله إبراهيم، قبل مجيء المسيح، آمنوا بواسطة شعب إسرائيل. كما نرى من عبارة " لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ". لكن ليس جميع الذين آمنوا بإله إبراهيم، دخلوا جماعة شعب إسرائيل.
باسم أدرنلي
الآيات: "1 «إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ، وَكَتَبَ لَهَا كِتَابَ طَلاَقٍ وَدَفَعَهُ إِلَى يَدِهَا وَأَطْلَقَهَا مِنْ بَيْتِهِ"
الاعتراض: لماذا تعترضون على الإسلام، فهنا عندكم طلاق، لمجرد شخص لم تعجبه زوجته بعد الزواج!!؟
الرد: في الحقيقة، الآيات هذه هي من شريعة موسى ونزلت قبل المسيح بـ 1440 سنة. أما الطلاق الذي كان وقت شريعة موسى، فهو ليس جزء من الشريعة. فالمسيح أعلن شيء لم نعرفه من قبل، وهو أن موسى من حلل الطلاق وليس الله. قال هذا عندما رفض اليهود آنذاك فكرة عدم وجود طلاق، فقالوا له:
"7 قَالُوا لَهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَق فَتُطَلَّقُ؟» 8 قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا" متى 19.
قال هذا لكي يظهر للناس أنه من الصعب قبول تعاليم الله عن الزواج من قبل جميع الناس. لذلك سيظل هناك ناس رافضة للتعليم الصحيح، خاصة بخصوص الزواج. حيث يتابع النص السابق ويقول:
"9 وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَب الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي، وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي». 10 قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11 فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم" متى 19.
فالمسيح رفض الطلاق نهائيًا، إلا عندما يفارق أحد الطرفين، متماشيًا ومستمرًا في علاقة زنى على الشريك مع زوج/ امرأة آخر/ى! أما عدد 11، فالمسيح يعلن لنا بوضوح، أن هذه القوانين، لن يطبقها جميع الناس، بل للذين يريدون أن يتبعوه بجدية.
أما من جهة تدرج علاقة الزواج عبر الزمن وتغيرها؛ فممكن أن تطلع على هذا المقال.
باسم أدرنلي
الآيات: "11 «إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلاَنِ بَعْضُهُمَا بَعْضًا، رَجُلٌ وَأَخُوهُ، وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِكَيْ تُخَلِّصَ رَجُلَهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ، وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ، 12 فَاقْطَعْ يَدَهَا، وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ."
الاعتراض: تعترضون على قطع يد السارق في الإسلام؛ أليس هذه الآية تدعو لأسوأ من قطع يد السارق!! فالسارق، يؤذي غيره بسرقتهم؛ أما المرأة التي تريد أن تدافع عن زوجها؛ فهذا يحمل ردة فعل طبيعية، وممكن أن تحدث بشكل عفوي؛ ولا يستدعي قطع يدها!!!؟
الرد: الناقد، كالمعتاد، لم يحسن فهم النص وسياقة بشكل سليم. لو نظرنا لآية 12، وعبارة "فاقطع يدها"؛ يداهمنا سؤال: من أين لموسى أن يعرف الذي حدث، دون أن يكون أناس آخرين في المكان غير المرأة والرجلات المتنازعان؟ فلو شهد الرجل الذي أمسكت المرأة بعورته وحده، شهادته لن تكون مقبولة؛ خاصة مقابل شهادة المرأة وزوجها معًا ضده. وفي هذه الحالة ستدفن الرواية ولن يقل أحد لأحد شيء!! لذلك من المنطقي أن نفهم النص أنه كان في مكان النزاع أناس آخرين؛ وهذا يساعدنا على فهم لماذا هذه العقوبة الكبيرة.
فلو كان هناك أشخاص آخرين في المكان، لماذا لا تترك المرأة الرجال يفكوا هم بين الرجلين المتخاصمين، دون أن تتدخل؟
ولو كان في المكان فقط نساء أخريات، وأرادت الزوجة أن تدافع عن زوجها؛ لماذا لم تدفع الرجل الآخر عن زوجها، دون أن تمسك بعورته، أي بعضوه الذكري!!!؟ وكونها عزمت على مسك عضوه الذكري أمام أناس آخرين، هذا يعتبر فعلاً عُهر ورجاسة غير مقبولة في إسرائيل. هذه هي الحالة الوحيدة في الشريعة، التي فيها يقطع يد أي شخص.
باسم أدرنلي
الآيات: "30 تَخْطُبُ امْرَأَةً وَرَجُلٌ آخَرُ يَضْطَجِعُ مَعَهَا. تَبْنِي بَيْتًا وَلاَ تَسْكُنُ فِيهِ. تَغْرِسُ كَرْمًا وَلاَ تَسْتَغِلُّهُ"
الاعتراض: كيف يسمح الله بهذه الفواحش في وسط شعب إسرائيل؟؟
الرد: إن الآية أعلاه، ليس لها علاقة بالرب، وليس فيها دعوة منه للفواحش إطلاقًا! فبعد أن استعرض الرب للشعب البركات التي سيبارك بها شعبه، إذا تبعه وعبده بأمانه وصدق قائم على حبه لله (1 إلى 14 من تثنية 28). يستعرض الآيات التي تتكلم عن اللعنات التي ستصيب الشعب إذا ترك الرب وتبع الشر وعبادة الأوثان. وأحد هذه اللعنات هي الآية أعلاه، أنه سيأتي شعب غريب، سيحتل شعب إسرائيل ويتسلط عليه ويعتدي على عرضه وكل ما له!
سياق النص، فيه يبدأ الله بهذه التحذيرات إذا ترك الشعب الرب والتصق بالشر وعبادة الأوثان؛ فيبدأ كما يلي:
"15 وَلكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ لِتَحْرِصَ أَنْ تَعْمَلَ بِجَمِيعِ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضِهِ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ، تَأْتِي عَلَيْكَ جَمِيعُ هذِهِ اللَّعَنَاتِ وَتُدْرِكُكَ: 16 مَلْعُونًا تَكُونُ .. 17 مَلْعُونًا تَكُونُ .. 18 مَلْعُونًا تَكُونُ .. 19 مَلْعُونًا تَكُونُ .." تثنية 28 (من العدد 15 إلى العدد 68!)
وكالمعتاد، يجذب الناقد الشرقي فقط قضايا الجنس والشرف!! لذلك عادة يأتون بآيات، مثل آية الناقد أعلاه، التي تمس شرف النساء!
إن هذه التحذيرات من اللعنات التي ستصيب شعب الرب كنتيجة لترك الرب وعبادة الأوثان، نفهمها بحسب المبادئ التالية:
أولا، ليس الله من يسلم فتاة لمغتصب!!
آية الناقد لا تعني أن الله هو من يسلم امرأة رجل مخطوبة لرجل محتل غريب. بل إذا أخطأ الشعب، الله يرفع يد الحماية عنه، فيتسلط عليه شعوب أخرى كثيرة، ويكون مصيره الخزي والعار؛ نرى تحذير مشابه في إرميا 8: 10.
إذًا الله يسمح بالشر أن يصيب شعبه، لكن لا يرسل هو الشر بشكل مباشر لهم؛ لأن: "الرَّبُّ بَارٌّ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَرَحِيمٌ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِ" (مزمور 145: 17).
وأيضًا: "13 لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ: «إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللهِ»، لأَنَّ اللهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَدًا" يعقوب 1.
نرى هذا السيناريو المتكرر في سفر القضاة مثلا:
"7 فَعَمِلَ بَنُو إسْرَائِيلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَنَسُوا الرَّبَّ إِلهَهُمْ وَعَبَدُوا الْبَعْلِيمَ وَالسَّوَارِيَ. 8 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إسْرَائِيلَ، فَبَاعَهُمْ بِيَدِ كُوشَانَ رشَعْتَايِمَ مَلِكِ أَرَامِ النَّهْريْنِ لمدة ثماني سنين...12 وَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَعْمَلُونَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ ... 14 فَعَبَدَ (أي خدم) بَنُو إِسْرَائِيلَ عِجْلُونَ مَلِكَ مُوآبَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً" القضاة 3.
ثانيًا، الله يدين شعبه، كما يدين شعوب آخرى!!
لكي يفهم شعبه وكل العالم، أن معاييره التي تنطبق على شعبه وعلى جميع الشعوب سيان. لأنه ليس لدى الله في وحيه الحقيقي أي محاباه (رومية 2: 11). لذلك قال في موضع آخر للشعب:
"24 بِكُلِّ هذِهِ لاَ تَتَنَجَّسُوا، لأَنَّهُ بِكُلِّ هذِهِ قَدْ تَنَجَّسَ الشُّعُوبُ الَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ... 28 فَلاَ تَقْذِفُكُمُ الأَرْضُ بِتَنْجِيسِكُمْ إِيَّاهَا كَمَا قَذَفَتِ الشُّعُوبَ الَّتِي قَبْلَكُمْ" لاويين 18
أي لكي لا أطردكم من الأرض بسبب الشر وعبادة الأوثان، كما طردت الشعوب التي قبلكم؛ أي مثلكم مثلهم، أنتم لستم أفضل منهم!! وهذا أحد عشرات الأدلة المنطقية التي تؤكد صدق وحي الله الحقيقي – الكتاب المقدس. فلو قارناه في القرآن المكرم لدى المسلمين مثلا، سنجد أن "الله" بحسب القرآن، ينصر المسلم على جميع غير المسلمين، مهما عمل!! وهنا الفرق الشاسع.
ثالثًا، الله سيرد الشر عن الشعب، إذا تاب ورجع إليه:
أما إذا تاب الشعب عن الشر وعبادة الأوثان، وقرر أن يرجعوا للرب من كل قلوبهم، سيعود الرب ويرد عليهم كل الخير مرة ثانية:
"7 تَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْقَلْعِ وَالْهَدْمِ وَالإِهْلاَكِ، 8 فَتَرْجعُ تِلْكَ الأُمَّةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَلَيْهَا عَنْ شَرِّهَا، فَأَنْدَمُ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي قَصَدْتُ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهَا. 9 وَتَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، 10 فَتَفْعَلُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ، فَلاَ تَسْمَعُ لِصَوْتِي، فَأَنْدَمُ عَنِ الْخَيْرِ الَّذِي قُلْتُ إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْهَا بِهِ." إرميا 18.
فالآية السابقة تتكلم عن الحالتين، رجوع الله عن عقابه للشعب، إذا تبع الشر. وأيضًا رجوع الله عن بركته للشعب، إذا فعل الشر وتركه.
فكما نرى مما سبق، إن آية المعترض أعلاه ليس لها علاقة بالله. بل الله بساطة، يحذر شعبه من العواقب الأرضية التي ممكن أن تحدث له، كنتيجة لتركه لعبادة الرب وتبعيته للشر أو عبادته للأوثان. حيث سيسلمه الرب للشر، عن طريق رفع يد الحماية عنهم.
باسم أدرنلي
الآيات: "5 فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. 6 وَدَفَنَهُ فِي الْجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ 7 وَكَانَ مُوسَى ابْنَ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَاتَ، وَلَمْ تَكِلَّ عَيْنُهُ وَلاَ ذَهَبَتْ نَضَارَتُهُ 8 فَبَكَى بَنُو إِسْرَائِيلَ مُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا. فَكَمُلَتْ أَيَّامُ بُكَاءِ مَنَاحَةِ مُوسَى" تثنية 34
الاعتراض: كيف يكون موسى من أوحي له بأسفار موسى الخمسة (التوراة - من تكوين لتثنية)، وهي تذكر موته؟؟ فهل ممكن اعتبار هذه الآيات ليست موحاه، بل تعقيب البشر على موته مثلا؟؟
الرد: إن كناية أسفار موسى الخمسة، تعني أنه هو الذي أوحي له من الله ليكتبها؛ مثبت نبوته بالمعجزات التي لا يمكن إنكارها. لكن أيضًا لا تعني بالضرورة أن الله لم يوحي لغيره كتابة أجزاء منها، طالما من يكتب هو أيضًا مخول لنقل وحي. لتوضيح هاذان الجانبيان، نقول ما يلي:
أولا: الله فعلا أوحى لموسى، وطلب منه أن يكتب ما يقوله له الرب:
"14 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اكْتُبْ هذَا تَذْكَارًا فِي الْكِتَابِ، وَضَعْهُ فِي مَسَامِعِ يَشُوعَ. فَإِنِّي سَوْفَ أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ»." خروج 17
"1 ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْحَتْ لَكَ لَوْحَيْنِ مِنْ حَجَرٍ مِثْلَ الأَوَّلَيْنِ، فَأَكْتُبَ أَنَا عَلَى اللَّوْحَيْنِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى اللَّوْحَيْنِ الأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَسَرْتَهُمَا... 27 وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اكْتُبْ لِنَفْسِكَ هذِهِ الْكَلِمَاتِ.." خروج 34 (كذلك تثنية 10: 2 و11: 20).
ثانيًا: كانت التوراة مكتوبة بعد وفاة موسى. نعلم هذا من قول الله ليشوع:
"8 لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ، بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلاً.." يشوع 1
"לֹא-יָמוּשׁ סֵפֶר הַתּוֹרָה הַזֶּה מִפִּיךָ.."
فمن كلمة "هذه"، اسم الدلالة (بالعبري الأحمر أعلاه)، نعلم أنه كان يدل على التوراة الكاملة الموجودة على مرئى عينيه.
ثالثًا: بحسب لاهوت الوحي الكتابي، لا يقدر أن يكتب وحي أي إنسان، إلا أذا كان مخولاً لهذا. وذلك بطريقتين، منفردتين أم مجتمعتين. المعجزة الواضحة التي يفهمها ويدركها أبسط الناس، وأقلهم علمًا. وشهادة النبي المعاصر له، المشهود له (كموسى في هذه الحالة). لذلك ذكرنا في مقدمة الرد، قضية إشراف موسى. وطبعًا الذي يوحى له، يجب أن يحل فيه روح الله، كجميع الأنبياء، ويعطى موهبة التنبؤ.
فنعلم أن الله حث موسى أن يفرز 70 شيخ، من شرفاء الشعب، وحل عليهم بروحه، كما علي موسى، فتنبأوا:
"24 فَخَرَجَ مُوسَى وَكَلَّمَ الشَّعْبَ بِكَلاَمِ الرَّبِّ، وَجَمَعَ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ الشَّعْبِ وَأَوْقَفَهُمْ حَوَالَيِ الْخَيْمَةِ. 25 فَنَزَلَ الرَّبُّ فِي سَحَابَةٍ وَتَكَلَّمَ مَعَهُ، وَأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ عَلَى السَّبْعِينَ رَجُلاً الشُّيُوخَ. فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِمِ الرُّوحُ تَنَبَّأُوا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَزِيدُوا." العدد 11.
نرى أيضًا أن الرب كلم عدة مرات هارون الكاهن، أخو النبي موسى؛ ممها يبين أنه من الأنبياء أيضًا وطبعًا يحل له أن يكتب وحي، مثل:
"8 وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: .." العدد 18؛ "8 وَكَلَّمَ الرَّبُّ هَارُونَ قَائِلاً: .." لاويين 10.
رابعًا: نرى أيضًا كما يطلب الله من موسى كتابة وحيه، موسى يطلب من الشيوخ الذين فيهم روح الله، أن يكتبوا كلامه، مما يجعلهم مكلفين بكتابة جزء من الوحي، ومخولين لهذا:
"19 فَالآنَ اكْتُبُوا لأَنْفُسِكُمْ هذَا النَّشِيدَ، وَعَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِيَّاهُ. ضَعْهُ فِي أَفْوَاهِهِمْ لِكَيْ يَكُونَ لِي هذَا النَّشِيدُ شَاهِدًا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ" تثنية 31
باسم أدرنلي