كنيسة بلا جدران

الرد على شبهات الخروج

ملاحظة افتح كل الشواهد او انقر على كل شاهد على حده دفاعيات كتاب مقدس رجوع
3: 7

الآيات: "7 فَقَالَ الرَّبُّ: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ"
بالمقارنة مع خروج 5 "3 فَقَالاَ: «إِلهُ الْعِبْرَانِيِّينَ قَدِ الْتَقَانَا، فَنَذْهَبُ سَفَرَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْبَرِّيَّةِ وَنَذْبَحُ لِلرَّبِّ إِلهِنَا، لِئَلاَّ يُصِيبَنَا بِالْوَبَإِ أَوْ بِالسَّيْفِ»"

الاعتراض: في آية خروج 3، الله يرى معاناة شعبه، ويبدو من آية خروج 5، أنه نزل لمعونتهم! أليس هذا طرح هزلي، أفلا يقدر الله أن يخلص شعبه دون أن ينزل لملاقاتهم؟
الرد: كالمعتاد طرح الناقد عدة نقاط لا تمت للآيات بأي صلة؛ واستنتج من مفاهيمه المغلوطة، استنتاجًا سخيفًا! والحقيقة استنتاجه هو الهزلي برأيي، وليس ما في الآيات!!
أولا: نرى أن الله رأى معاناة شعبه، دون أن ينزل؛ فآية خروج 3 تقول "إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي"، وبعدها هب لخلاصهم. بخلاف الطرح الهزلي الذي يطرحه مثلا الحديث الإسلامي عن الله؛ أنه ينزل في آخر الليل لسماء الدنيى، قائلا: "هل مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟" (البخاري 1145، ومسلم 758). وكأنه إنسان ينزل من الطابق السابع، للطابق الأول، ويمد رأسه من النافذة، ليسمع ما يدور في الشارع. هذا هو الطرح الهزلي أخي العزيز، وليس وصف وحي الكتاب المقدس الموقر الجليل الإلهي عن الله. نرى الله يرى ويعمل ما يريد، دون أن ينزل ولا شيء من هذا؛ حيث هو يملأ السماوات والأرض:
" إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ (إرميا 23: 24).
فالله الحقيقي يا عزيزي، لا يحتاج إلى شيء، ولا لملائكة ليسجل أعمال الناس؛ ولا أي شيء من هذه السخافات الكاذبة عنه:
"14 مِنْ مَكَانِ سُكْنَاهُ تَطَلَّعَ إِلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ. 15 الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا، الْمُنْتَبِهُ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ" المزامير 33.
ثانيًا: من جهة نزول الله للأرض. نعم إن الله ليس بعاجزٍ لينزل للأرض، ليقابل الأنبياء بنفسه إذا أراد! لكنه عمل هذا بحالات نادرة، ولا يعمل هذا لأنه محتاج لأن يسمع صلاة المؤمن وهذه الخرافات، كالحديث السابق. بل لأن النبي هو الذي يحتاجه ويحتاج تشديد وتشجيع الله له! فيتقابل مع إبراهيم شخصيًا، لينبئه أن سارة ستحبل بشيخوختها وتلد إسحاق (تكوين 18: 1-10)؛ ويتقابل مع يعقوب ليغير حياته (تكوين 32: 30)؛ ويتقابل مع موسى وجهًا لوجه ليعطيه الشريعة ويزرع به أخلاقيات ونواة شريعة شعب إسرائيل (خروج 33: 11)... إلخ.
جدير بالذكر هو أن الله دائمًا هو من يكلم الأنبياء بشكل شخصي، وليس عن طريق ملاك. الملائكة كلموا أناس عاديين، وليس أنبياء.
ثالثًا: رؤية الله وجهًا لوجه، هي في الحقيقة رؤية الله أقنوم الكلمة، الابن، وليس أقنوم الآب. وهذا نعلمه من وحي العهد الجديد:
" اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" (يوحنا 1: 18)
وقال هذا المسيح عن ذاته، أنه هو أقنوم الابن، الكلمة، الذي نزل وصعد مرارًا وتكرارًا، عبر الزمن:
" وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ. (يوحنا 3: 13).
معلنًا، أنه نزل من السماء؛ مستشهدًا لمعلم اليهود نيقوديموس بآية معروفة لديه من سفر الأمثال عن الله، أوحيت حوالي الف سنة قبل مجيء المسيح؛ تقول:
" مَنْ صَعِدَ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ (الله) مَنْ جَمَعَ الرِّيحَ في حَفْنَتَيْهِ؟ (الله) مَنْ صَرَّ الْمِيَاهَ في ثَوْبٍ؟ (الله) مَنْ ثَبَّتَ جَمِيعَ أَطْرَافِ الأَرْضِ؟ (الله) مَا اسْمُهُ؟ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟ (الجواب: اسمه "يهوه"، وإظهاره المرئي للبشر، يسمى أقنوم الابن، يسوع المسيح، الكلمة)" الأمثال 30: 4).
فيؤكد المسيح أنه هو أقنوم الكلمة المتجسد؛ الذي ظهر مرارًا وتكرارًا للبشر عبر العصور، على صورتهم. جدير بالذكر، أن ظهور أقنوم الكلمة للبشر على هيئتهم، كان بجسد سماوي على هيئة البشر. أما تجسده بجسد مادي من دم ولحم مثلنا، فحدث فقط عندما تجسد بجسد مادي مثلنا (لكن بلا خطية) وصار بشرًا (يوحنا 1: 14  وغلاطية 4: 4-5).

باسم أدرنلي

3: 22

الآيات:  "22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ."
وأيضًا خروج 11 "2 تَكَلَّمْ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ أَنْ يَطْلُبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ صَاحِبَتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَب. 3 وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. وَأَيْضًا الرَّجُلُ مُوسَى كَانَ عَظِيمًا جِدًّا فِي أَرْضِ مِصْرَ فِي عُيُونِ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ وَعُيُونِ الشَّعْبِ."
وأيضًا خروج 12 "35 وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا."

الاعتراض:  كيف يحث الله شعبه إسرائيل، بحسب الآيات، أن يسرقوا المصريين؟ أليس هذه طرق ملتوية وغير لائقة بإله عادل!!؟؟
الرد:  إن الوحي يؤكد أن الله يحث شعب إسرائيل أن يطلبوا فضة وذهب، وليس ليستعيروا أو يسرقوا الفضة والذهب!! يعني هناك فرق شاسع بين طلب المساعدة، أو طلب الاستعارة أو السرقة!! فلو طلبوا استعارة الفضة والذهب يكون قد كذبوا عليهم. وإذا سرقوا الفضة والذهب دون علم المصريين؛ يكون ادعاء المعترض صحيح، وهو تصرف لا يليق فعلا. لكن عندما يطلب شعب إسرائيل الفضة والذهب، ويعطيهم المصريين مطلبهم بمحض إرادتهم؛ هذه ليس سرقة أبدًا، لذلك أدعاء المعرض ليس له أي معنى!!!
أما عن السبب لحث الله موسى لفعل هذا، متمحور في ثلاث أسباب:

الأول، هو عدالة الله:
فالله أراد أن يظهر للشعب أنه إله عادل، وسيستعيد حق شعب إسرائيل الذي سلبه المصريون، بإرادة المصريين. كما يؤكد الوحي:
"9 فَقَالَ (ملك مصر الجديد) لِشَعْبِهِ: هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. 10 هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْض 11 فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيس َ.... 15 وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ، 16 وَقَالَ: حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، إِنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا" خروج 1.
ولم يظلموهم فقط من ناحية مادية، بالتسخير؛ لكن أيضًا قتلوا أطفال كثيرين لشعب إسرائيل!
لذلك قال الله لموسى:
"7 فَقَالَ الرَّبُّ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ، 8 فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّين....  20 فَأَمُدُّ يَدِي وَأَضْرِبُ مِصْرَ بِكُلِّ عَجَائِبِي الَّتِي أَصْنَعُ فِيهَا. وَبَعْدَ ذلِكَ يُطْلِقُكُمْ. 21 وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهذَا الشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ (أي سيؤنب الله ضمائر المصريين على ظلمهم لهم، وسيعوِّضونهم بالفضة والذهب). فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِين 22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ" خروج 3.
أما من جهة عبارة "فتسلبون المصريون"؛ فليس مقصود بها سرقتهم كما نرى من خلال الآيات؛ بل لاستعادة الحق المسلوب من المصريين أصلا بمحض إرادتهم، كما بينت الآيات السابقة. وأما إذا نظرنا إلى العبارة العبرية: " וְנִצַּלְתֶּם, אֶת-מִצְרָיִם"، فترجمتها الدقيقة هي: "تغتنمون فرصتكم مع المصريين" أو "تستغلون المصريين" (في الوقت الذي يضع الرب في قلوبهم تأنيب الضمير على ظلمهم لكم).

الثاني، تطبيق نفس معايير الله على شعبه:
فالله طبق على المصريين، في تعاملهم مع عبيدهم، نفس أحكام تعويض العبيد الذي طبقه الله على شعبه. لذلك هذه عدالة وحق، ومن المقبول جدًا أن يطبق الله نفس الأحكام على المصريين الذي سلبوا شعبه ولم ينصفوهم بالأصل؛ وذلك كما أكدت شريعة موسى:
"12 إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ الْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ الْعِبْرَانِيَّةُ وَخَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ، فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ. 13 وَحِينَ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغًا. 14 تُزَوِّدُهُ مِنْ غَنَمِكَ وَمِنْ بَيْدَرِكَ وَمِنْ مَعْصَرَتِكَ. كَمَا بَارَكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُعْطِيهِ" تثنية 15.
فالله من النص هذا، يطلب من شعبه، أن يعوضوا العبيد حين أنهاء الخدمة، حتى مع إعطائهم حقهم كامل خلال فترة الخدمة؛ فكم بالحري سيكون حكم الله على المصريين الذي ظلموا العبيد العبرانيين في الأصل وقتلوا أطفالهم، بعد إنهاء خدمتهم؟؟؟ فتعويضهم هو أقل شيء ممكن تقديمه لهم!!!

الثالث، تطبيقًا لنبوءة إبراهيم!!
لقد أنبأ الله إبراهيم، قبل هذا الحدث بأكثر من 600 سنة، أن الله لن يخرجهم من أرض مصر فارغين، بل بأملاك كثيرة:
"13 فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ. فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. 14 ثُمَّ الأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا أَنَا أَدِينُهَا، وَبَعْدَ ذلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ" التكوين 15.
انتبه للكلمات في الأحمر، تتكلم عن استعباد المصريين لبني إسرائيل، وإذلالاهم؛ والله سيهبهم عوضًا عن كل هذا، "أملاك جزيلة". فما أعظم الله وعلمه المُسبَق، وتدبيره السماوي العظيم الذي لا يمكن أن يقاس بأي ديانة من الديانات المبتعدة.

باسم ادرنلي

 
 
 
10: 1

الآيات: "1 ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «ادْخُلْ إِلَى فِرْعَوْنَ فَإِنِّي أَغْلَظْتُ قَلْبَهُ وَقُلُوبَ عَبِيدِهِ لأَصْنَعَ آيَاتِي هَذِهِ بَيْنَهُمْ."
أيضًا في رومية 9 " 17  لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ: «إِنِّي لِهَذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ». 18  فَإِذاً هُوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَيُقَسِّي مَنْ يَشَاءُ."
الاعتراض:  كيف يعاقب الله فرعون؛ وهو في نفس الوقت يقول في خروج أن الله أغلظ قلبه، ويقول في رومية أن الله هو الذي قسى قلبه؟
الرد:  إن عبارة "الله أغلظ قلبه" أو "قسى قلبه"، لا يعني أن الله هو الذي فرض على فرعون أن يرفض دعوة موسى له ليطلق الشعب.  بل تعني أن الله المحب للخطاة والرحيم، عادة يساعد الإنسان ويبكت قلبه وضميره، لكي يعدل عن شره ويتوب.  لكن في نفس الوقت مع استمرار الإنسان بالرفض والعناد؛ تأت مرحلة ما، يسلم الله الإنسان لعناد قلبه؛ يعني يتوقف عن مساعدته وتأنيب قلبه وضميره ليعدل عن شره. كما يقول الله في وحيه، عن نفس شعبه إسرائيل:
"11 فَلَمْ يَسْمَعْ شَعْبِي لِصَوْتِي، وَإِسْرَائِيلُ لَمْ يَرْضَ بِي. 12 فَسَلَّمْتُهُمْ إِلَى قَسَاوَةِ قُلُوبِهِمْ، لِيَسْلُكُوا فِي مُؤَامَرَاتِ أَنْفُسِهِمْ" المزامير 81.
لذلك إذا رجعنا للنصوص الرئيسية في سفر الخروج، نرى أن الله لم يقسِّ قلب فرعون؛ بل بالعكس أعطاه الحرية ليقبل أو يرفض. وبعدما استمر في عنادة ورفضه، أسلمه لقساوة قلبه وتوقف عن تأنيبه ليخضع:
قبل إجراء الضربة الأولى: 
فقبل إجراء الضربة الأولى، يقول الكتاب " 13 فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا (أي لموسى وهارون) كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ" خروج 7.
وبعد الضربة الأولى: 
يقول الكتاب "22 .. فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا.." خروج 7.  
وبعد الضربة الثانية: 
وبعد أن ترجى فرعون موسى وهارون ليطلبا من الله أن يرفع الضفادع؛ ففعلا؛ يقول الوحي: " 15 فَلَمَّا رَأَى فِرْعَوْنُ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ الْفَرَجُ أَغْلَظَ قَلْبَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا" خروج 8.  
وبعد الضربة الثالثة:
وهي الباعوض، حذر السحرة فرعون من أنه داخلٌ في حرب مع الله الحي: " 19 فَقَالَ الْعَرَّافُونَ لِفِرْعَوْنَ: «هَذَا إِصْبِعُ اللهِ». وَلَكِنِ اشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ... 32 وَلَكِنْ أَغْلَظَ فِرْعَوْنُ قَلْبَهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ أَيْضاً " تكوين 8. "7 .. وَلَكِنْ غَلُظَ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقِ الشَّعْبَ".  
واستمر فرعون إلى المرة السادسة: 
ليشدد فيها قلبه بنفسه، يقول الكتاب " 12 وَلَكِنْ شَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا" خروج 9؛ أي توقف الله على ملاحقته وتبكيت قلبه، وأسلمه إلى عناده، كما فسرنا سابقًا.  
لكن مع هذا، في المرة السابعة: 
قد أعطى الرب فرعون فرصة أخيرة، لأنه بعدما رأى البروق والبرد الناري يحرق مصر، وطلب فرعون من موسى تائبًا أن ينهي الله البرد: "27... أَخْطَأْتُ هذِهِ الْمَرَّةَ. الرَّبُّ هُوَ الْبَارُّ وَأَنَا وَشَعْبِي الأَشْرَارُ" خروج 9، ورفع الرب البوق واستجاب لتوبته وأعطاه الله فرصة أخيرة: " 34 وَلَكِنْ فِرْعَوْنُ لَمَّا رَأَى أَنَّ الْمَطَرَ وَالْبَرَدَ وَالرُّعُودَ انْقَطَعَتْ عَادَ يُخْطِئُ وَأَغْلَظَ قَلْبَهُ هُوَ وَعَبِيدُهُ. 35 فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى."   بعدها نرى من النصوص أن الرب أخذ قرار أن لا يعطي فرعون فرصة أخرى، وأغلظ قلبه، أي جعله يستمر عن عناده على خطئِه: " 1 ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «ادْخُلْ إِلَى فِرْعَوْنَ فَإِنِّي أَغْلَظْتُ قَلْبَهُ وَقُلُوبَ عَبِيدِهِ لأَصْنَعَ آيَاتِي هَذِهِ بَيْنَهُمْ." خروج 10.
وبعدها بثلاث مرات:
الرب هو الذي أغلظ قلب فرعون فلم يطلق الشعب كدينونة له، بسبب عناده (خروج 10: 20  و27  11: 10). وكان هدف الله من هذا أمرين:
الأول: هو أن يُعَرِّف فرعون (الذي كان يظن أنه إله) وشعبه، أنه هو الله الحي خالق السماوات والأرض والبشر، الذي لا يقاوَم.  
الثاني: هو إدانة أوثان مصر وكسرها أمام شعب مصر الوثني؛ فكانت تلك الضربات التي فعلها الله، هي ضربات لآلهة المصريين الوثنية:
"12 فَإِنِّي أَجْتَازُ فِي أَرْضِ مِصْرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ. وَأَصْنَعُ أَحْكَاماً بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ." خروج 12.  
وذلك لكي يؤمن الشعب بإله إبراهيم الحقيقي، عندما يرى الله يحطم كل آلهات مصر أمامه، فيعوض الشعب عن الدمار الذي لحق به، بالنجاة من الجحيم عن طريق الإيمان بإله إبراهيم: "16 وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُرِيَكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُخْبَرَ بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ" خروج 9. إذا الله لم يسلم قلب فرعون إلى عناده من البداية؛ لكن بعدما أعطاه فرصة سبع مرات؛ وهذا يصوره الوحي في نفس أصحاح رومية 9، فبعدما أكد وحي رومية على الآية السابقة (خروج 9: 16) في رومية 9: 17، أعطي مُلخَّص ومفتاح النص بقوله: " 22  فَمَاذَا إِنْ كَانَ اللهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ".  ففرعون كان آنية غضب مهيئة للهلاك، ويظهر الوحي أن الله في الحقيقة احتمله بأناة وصبر كبير جدًا؛ لكنه استمر في عناده، فأسلمه الله إلى عناده، وتوقف عن تبكيته وتحفيز ضميره للتوبة.  فلم يحدث هذا بقرار تعسفي وظالم من الله كما يدعي المعترض؛ بل بإرادة فرعون الكاملة التي وهبه اياها الله.

باسم ادرنلي

11: 2-3

الآيات:  "2 تَكَلَّمْ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ أَنْ يَطْلُبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ صَاحِبَتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَب. 3 وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. وَأَيْضًا الرَّجُلُ مُوسَى كَانَ عَظِيمًا جِدًّا فِي أَرْضِ مِصْرَ فِي عُيُونِ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ وَعُيُونِ الشَّعْبِ."
وأيضًا خروج 3 "22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ."
وأيضًا خروج 12 "35 وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا."

الاعتراض:  كيف يحث الله شعبه إسرائيل، بحسب الآيات، أن يسرقوا المصريين؟ أليس هذه طرق ملتوية وغير لائقة بإله عادل!!؟؟
الرد:  إن الوحي يؤكد أن الله يحث شعب إسرائيل أن يطلبوا فضة وذهب، وليس ليستعيروا أو يسرقوا الفضة والذهب!! يعني هناك فرق شاسع بين طلب المساعدة، أو طلب الاستعارة أو السرقة!! فلو طلبوا استعارة الفضة والذهب يكون قد كذبوا عليهم. وإذا سرقوا الفضة والذهب دون علم المصريين؛ يكون ادعاء المعترض صحيح، وهو تصرف لا يليق فعلا. لكن عندما يطلب شعب إسرائيل الفضة والذهب، ويعطيهم المصريين مطلبهم بمحض إرادتهم؛ هذه ليس سرقة أبدًا، لذلك أدعاء المعرض ليس له أي معنى!!!
أما عن السبب لحث الله موسى لفعل هذا، متمحور في ثلاث أسباب:

الأول، هو عدالة الله:
فالله أراد أن يظهر للشعب أنه إله عادل، وسيستعيد حق شعب إسرائيل الذي سلبه المصريون، بإرادة المصريين. كما يؤكد الوحي:
"9 فَقَالَ (ملك مصر الجديد) لِشَعْبِهِ: هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. 10 هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْض 11 فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيس َ.... 15 وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ، 16 وَقَالَ: حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، إِنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا" خروج 1.
ولم يظلموهم فقط من ناحية مادية، بالتسخير؛ لكن أيضًا قتلوا أطفال كثيرين لشعب إسرائيل!
لذلك قال الله لموسى:
"7 فَقَالَ الرَّبُّ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ، 8 فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّين....  20 فَأَمُدُّ يَدِي وَأَضْرِبُ مِصْرَ بِكُلِّ عَجَائِبِي الَّتِي أَصْنَعُ فِيهَا. وَبَعْدَ ذلِكَ يُطْلِقُكُمْ. 21 وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهذَا الشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ (أي سيؤنب الله ضمائر المصريين على ظلمهم لهم، وسيعوِّضونهم بالفضة والذهب). فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِين 22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ" خروج 3.
أما من جهة عبارة "فتسلبون المصريون"؛ فليس مقصود بها سرقتهم كما نرى من خلال الآيات؛ بل لاستعادة الحق المسلوب من المصريين أصلا بمحض إرادتهم، كما بينت الآيات السابقة. وأما إذا نظرنا إلى العبارة العبرية: " וְנִצַּלְתֶּם, אֶת-מִצְרָיִם"، فترجمتها الدقيقة هي: "تغتنمون فرصتكم مع المصريين" أو "تستغلون المصريين" (في الوقت الذي يضع الرب في قلوبهم تأنيب الضمير على ظلمهم لكم).

الثاني، تطبيق نفس معايير الله على شعبه:
فالله طبق على المصريين، في تعاملهم مع عبيدهم، نفس أحكام تعويض العبيد الذي طبقه الله على شعبه. لذلك هذه عدالة وحق، ومن المقبول جدًا أن يطبق الله نفس الأحكام على المصريين الذي سلبوا شعبه ولم ينصفوهم بالأصل؛ وذلك كما أكدت شريعة موسى:
"12 إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ الْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ الْعِبْرَانِيَّةُ وَخَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ، فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ. 13 وَحِينَ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغًا. 14 تُزَوِّدُهُ مِنْ غَنَمِكَ وَمِنْ بَيْدَرِكَ وَمِنْ مَعْصَرَتِكَ. كَمَا بَارَكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُعْطِيهِ" تثنية 15.
فالله من النص هذا، يطلب من شعبه، أن يعوضوا العبيد حين أنهاء الخدمة، حتى مع إعطائهم حقهم كامل خلال فترة الخدمة؛ فكم بالحري سيكون حكم الله على المصريين الذي ظلموا العبيد العبرانيين في الأصل وقتلوا أطفالهم، بعد إنهاء خدمتهم؟؟؟ فتعويضهم هو أقل شيء ممكن تقديمه لهم!!!

الثالث، تطبيقًا لنبوءة إبراهيم!!
لقد أنبأ الله إبراهيم، قبل هذا الحدث بأكثر من 600 سنة، أن الله لن يخرجهم من أرض مصر فارغين، بل بأملاك كثيرة:
"13 فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ. فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. 14 ثُمَّ الأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا أَنَا أَدِينُهَا، وَبَعْدَ ذلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ" التكوين 15.
انتبه للكلمات في الأحمر، تتكلم عن استعباد المصريين لبني إسرائيل، وإذلالاهم؛ والله سيهبهم عوضًا عن كل هذا، "أملاك جزيلة". فما أعظم الله وعلمه المُسبَق، وتدبيره السماوي العظيم الذي لا يمكن أن يقاس بأي ديانة من الديانات المبتعدة.

باسم ادرنلي

 
 
12: 35

الآيات:  "2 تَكَلَّمْ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ أَنْ يَطْلُبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ صَاحِبِهِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ صَاحِبَتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَب. 3 وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. وَأَيْضًا الرَّجُلُ مُوسَى كَانَ عَظِيمًا جِدًّا فِي أَرْضِ مِصْرَ فِي عُيُونِ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ وَعُيُونِ الشَّعْبِ."
وأيضًا خروج 3 "22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ."
وأيضًا خروج 12 "35 وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا."

الاعتراض:  كيف يحث الله شعبه إسرائيل، بحسب الآيات، أن يسرقوا المصريين؟ أليس هذه طرق ملتوية وغير لائقة بإله عادل!!؟؟
الرد:  إن الوحي يؤكد أن الله يحث شعب إسرائيل أن يطلبوا فضة وذهب، وليس ليستعيروا أو يسرقوا الفضة والذهب!! يعني هناك فرق شاسع بين طلب المساعدة، أو طلب الاستعارة أو السرقة!! فلو طلبوا استعارة الفضة والذهب يكون قد كذبوا عليهم. وإذا سرقوا الفضة والذهب دون علم المصريين؛ يكون ادعاء المعترض صحيح، وهو تصرف لا يليق فعلا. لكن عندما يطلب شعب إسرائيل الفضة والذهب، ويعطيهم المصريين مطلبهم بمحض إرادتهم؛ هذه ليس سرقة أبدًا، لذلك أدعاء المعرض ليس له أي معنى!!!
أما عن السبب لحث الله موسى لفعل هذا، متمحور في ثلاث أسباب:

الأول، هو عدالة الله:
فالله أراد أن يظهر للشعب أنه إله عادل، وسيستعيد حق شعب إسرائيل الذي سلبه المصريون، بإرادة المصريين. كما يؤكد الوحي:
"9 فَقَالَ (ملك مصر الجديد) لِشَعْبِهِ: هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. 10 هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا، فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْض 11 فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ، فَبَنَوْا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ، وَرَعَمْسِيس َ.... 15 وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ، 16 وَقَالَ: حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ، إِنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا" خروج 1.
ولم يظلموهم فقط من ناحية مادية، بالتسخير؛ لكن أيضًا قتلوا أطفال كثيرين لشعب إسرائيل!
لذلك قال الله لموسى:
"7 فَقَالَ الرَّبُّ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي الَّذِي فِي مِصْرَ وَسَمِعْتُ صُرَاخَهُمْ مِنْ أَجْلِ مُسَخِّرِيهِمْ. إِنِّي عَلِمْتُ أَوْجَاعَهُمْ، 8 فَنَزَلْتُ لأُنْقِذَهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّين....  20 فَأَمُدُّ يَدِي وَأَضْرِبُ مِصْرَ بِكُلِّ عَجَائِبِي الَّتِي أَصْنَعُ فِيهَا. وَبَعْدَ ذلِكَ يُطْلِقُكُمْ. 21 وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهذَا الشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ (أي سيؤنب الله ضمائر المصريين على ظلمهم لهم، وسيعوِّضونهم بالفضة والذهب). فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِين 22 بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا، وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ" خروج 3.
أما من جهة عبارة "فتسلبون المصريون"؛ فليس مقصود بها سرقتهم كما نرى من خلال الآيات؛ بل لاستعادة الحق المسلوب من المصريين أصلا بمحض إرادتهم، كما بينت الآيات السابقة. وأما إذا نظرنا إلى العبارة العبرية: " וְנִצַּלְתֶּם, אֶת-מִצְרָיִם"، فترجمتها الدقيقة هي: "تغتنمون فرصتكم مع المصريين" أو "تستغلون المصريين" (في الوقت الذي يضع الرب في قلوبهم تأنيب الضمير على ظلمهم لكم).

الثاني، تطبيق نفس معايير الله على شعبه:
فالله طبق على المصريين، في تعاملهم مع عبيدهم، نفس أحكام تعويض العبيد الذي طبقه الله على شعبه. لذلك هذه عدالة وحق، ومن المقبول جدًا أن يطبق الله نفس الأحكام على المصريين الذي سلبوا شعبه ولم ينصفوهم بالأصل؛ وذلك كما أكدت شريعة موسى:
"12 إِذَا بِيعَ لَكَ أَخُوكَ الْعِبْرَانِيُّ أَوْ أُخْتُكَ الْعِبْرَانِيَّةُ وَخَدَمَكَ سِتَّ سِنِينَ، فَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ. 13 وَحِينَ تُطْلِقُهُ حُرًّا مِنْ عِنْدِكَ لاَ تُطْلِقُهُ فَارِغًا. 14 تُزَوِّدُهُ مِنْ غَنَمِكَ وَمِنْ بَيْدَرِكَ وَمِنْ مَعْصَرَتِكَ. كَمَا بَارَكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ تُعْطِيهِ" تثنية 15.
فالله من النص هذا، يطلب من شعبه، أن يعوضوا العبيد حين أنهاء الخدمة، حتى مع إعطائهم حقهم كامل خلال فترة الخدمة؛ فكم بالحري سيكون حكم الله على المصريين الذي ظلموا العبيد العبرانيين في الأصل وقتلوا أطفالهم، بعد إنهاء خدمتهم؟؟؟ فتعويضهم هو أقل شيء ممكن تقديمه لهم!!!

الثالث، تطبيقًا لنبوءة إبراهيم!!
لقد أنبأ الله إبراهيم، قبل هذا الحدث بأكثر من 600 سنة، أن الله لن يخرجهم من أرض مصر فارغين، بل بأملاك كثيرة:
"13 فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ. فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. 14 ثُمَّ الأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا أَنَا أَدِينُهَا، وَبَعْدَ ذلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ" التكوين 15.
انتبه للكلمات في الأحمر، تتكلم عن استعباد المصريين لبني إسرائيل، وإذلالاهم؛ والله سيهبهم عوضًا عن كل هذا، "أملاك جزيلة". فما أعظم الله وعلمه المُسبَق، وتدبيره السماوي العظيم الذي لا يمكن أن يقاس بأي ديانة من الديانات المبتعدة.

باسم ادرنلي

 
 
12: 37

الآيات: "37 فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ رَعَمْسِيسَ إِلَى سُكُّوتَ، نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ أَلْفِ مَاشٍ مِنَ الرِّجَالِ عَدَا الأَوْلاَدِ."
بالمقارنة مع سفر العدد 1 "45 فَكَانَ جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا، كُلُّ خَارِجٍ لِلْحَرْبِ فِي إِسْرَائِيلَ 46 كَانَ جَمِيعُ الْمَعْدُودِينَ سِتَّ مِئَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مِئَةٍ وَخَمْسِينَ."

الاعتراض: كيف خروج 12 يقول أن عدد بني إسرائيل من الرجال كان 600,000، وسفر العدد 1، يقول أنهم كانوا 603500! أليس كتاب الله من المفترض أن يكون دقيقًا؟
الرد: كالمعتاد النقاد لا يدققون في القراءة جيدًا!
إن سفر الخروج يستخدم التقريب، وذلك ظاهر من كلمة "نحو": "نَحْوَ سِتِّ مِئَةِ أَلْفِ"! يعني ليس عدي دقيق. بينما آية سفر العدد 1، تشدد أن هذا عدد "جميع المعدعودين"، وتتكرر مرتين، في عدد 45 و46!! أي حدث هنا عد دقيق للشعب بعد خروجهم من مصر!! فهناك فرق شاسع بين لغة الآيتين. ونرى أنه من الطبيعي، بل يعد أقصى درجات الدقية  أن يكون فرق بسيط بين العد التقريبي وبين العد الدقيق؛ وهو لا يتعدى الـ 0.6٪ !!! بينما لو كان الفرق 20٪ فما فوق مثلا، عندها ممكن أن ننظر له كشيء غريب وغير مقبول.

باسم أدرنلي

 
12: 40

الآيات: "40 وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً."
بالمقارنة مع تكوين 15 "13 فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ. فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ."
الاعتراض: لماذا يقول الله لإبراهيم أن شعبه سيكون في أرض مصر 400 سنة في تكوين 15؛ وفي خروج 12، نرى أن الشعب قضى في مصر 430 سنة؛ أليس من المتفرض أن يعرف الله الأزمنة والأوقات!؟
الرد: لا تناقض بين آية تكوين 15، وخروج 12؛ حيث ممكن أن تُفَسَّر بطريقتين:
ألأولى: هي أن يكون الله يتكلم مع إبراهيم بشكل تقريبي وعام، وهذا جائز. لأن موضوع كل تكوين 15، ليس تفصيلي، بل إنبائه بما سيحدث بشكل عام. وهذا نراه من عدة دلائل في تكوين 15. يكفي فقط ذكر آية أخرى تذكر السبب لانتظار شعب إسرائيل في أرض مصر 400 سنة، وهو: "لأَنَّ ذَنْبَ الأَمُورِيِّينَ لَيْسَ إِلَى الآنَ كَامِلاً»" (التكوين 15: 16). فنرى الله لم يذكر أي تفاصيل عما هو ذنب الأموريين مثلا!! أيضًا ذكر أرض كنعان، دون ذكر اسمها وتفصيل حدودها؛ وفي نفس الأصحاح ذكر أرض أوسع بكثير أيضًا، من الفرات للنيل، دون شرح (ع 7 و18)... إلخ.
الثانية: أن تكون فعلا خطة الله هي خروج شعب إسرائيل من أرض مصر بعد 400 سنة فقط، وموسى والشعب أعاقا تلك الخطة. فنعلم يقينًا مثلا أنه لم يكن من المفترض أن يمكث شعب إسرائيل في البرية 40 سنة؛ لكن هذا حدث بسبب تمرد الشعب. حيث يذكر الوحي المدة اللازمة لقطع نصف الطريق التي سارها شعب إسرائيل في البرية، وهي: 
"2 أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ حُورِيبَ عَلَى طَرِيقِ جَبَلِ سِعِيرَ إِلَى قَادَشَ بَرْنِيعَ" التثنية 1.
وهي المدة اللازمة للرحيل من جنوب سيناء (جبل حوريب)، إلى أرض الموعد. ومثلها من مصر لحوريب تقريبًا. فدعنا نقول أن المدة اللازمة لمسير شعب إسرائيل في البرية لأرض الموعد ليس من المفترض أن تزيد عن الـ 40 يومًا؛ فلماذا أخذت شعب إسرائيل 40 سنة!! لأن الله دان ذلك الجيل، واراد أن يفنيه بالبرية (راجع مزمور 95: 10-11).

شرح موسع:
لقد شرحنا قضية الـ 430 سنة، المدة التي قضاها شعب إسرائيل في أرض مصر، في الاعتراض السابق، بشكل سريع. لكن دعني أشرح شيء هام بخصوص هذا الموضوع، وهو: 
متى تبدأ نقطة العد لهجرة إسرائيل لأرض مصر؟
1- هل عندما ذهب يوسف كعبد لأرض مصر (تكوين 37: 28؛ سنة 1898 ق.م.)؟
2- أو بعدها بـ 23 سنة، عندما ذهب يعقوب وكل عائلته لأرض مصر (تكوين 46؛ سنة 1875 ق.م.)؟
3- بعض المفسرين يقولون، أن الفترة المقصودة هل بدء العبودية، أي بعد انتهاء فترة يوسف الصديق. أي عندما دخل شعب إسرائيل في العبودية فعلاً؛ عندما "8.. قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ... 12 فَاسْتَعْبَدَ الْمِصْرِيُّونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعُنْفٍ" (خروج 1؛ سنة 1600 ق.م.)؟
أما خروج شعب إسرائيل من مصر (خروج 12؛ فكان سنة 1446 ق.م.). 
فبناء على هذا، الاحتمال 3 مُستبعد جدًا؛ لأن بينه وبين خروج شعب إسرائيل من أرض مصر هو فقط 154 سنة، وهذا بعيد جدًا عن 430 سنة!
فيبقى عندنا الاحتمال الأول والثاني:
الاحتمال 1: بين بَيْع يوسف في أرض مصر، وبين خروج شعب إسرائيل من ارض مصر؛ هناك 452 سنة، وهو بعيد عن 430 سنة!
الاحتمال 2: بين ذهاب يعقوب وعشيرته لأرض مصر، إلى خروج شعب إسرائيل من أرض مصر، هناك 429. وهذا كما يبدو لي ما تتكلمت عنه آية خروج 12 وغلاطية 3: 17.
(كل الأوقات المذكورة هي بحسب: biblehub.com/timeline)

باسم أدرنلي

15: 3

الآيات: "الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ"
مقارنة مع عبرانيين 13 "وَإِلهُ السَّلاَمِ الَّذِي أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَاعِيَ الْخِرَافِ الْعَظِيمَ، رَبَّنَا يَسُوعَ، بِدَمِ الْعَهْدِ الأَبَدِيِّ"

الاعتراض: كيف آية خروج تقول إن الله رجل حرب، وعبرانيين تقول أنه إله السلام!! ما هذا التناقض؟

الرد: إن آية خروج، هي جزء من ترنيمة لموسى للتغني بمجد الله وإنقاذه لشعبه إسرائيل، عن إغراق الله لفرعون وجيشة ومركباته في البحر الأحمر:
"1 حِينَئِذٍ رَنَّمَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيلَ هذِهِ التَّسْبِيحَةَ لِلرَّبِّ وَقَالُوا: «أُرَنِّمُ لِلرَّبِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَظَّمَ. الْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ. 2 الرَّبُّ قُوَّتِي وَنَشِيدِي، وَقَدْ صَارَ خَلاَصِي. هذَا إِلهِي فَأُمَجِّدُهُ، إِلهُ أَبِي فَأُرَفِّعُهُ. 3 الرَّبُّ رَجُلُ الْحَرْبِ. الرَّبُّ اسْمُهُ. 4 مَرْكَبَاتُ فِرْعَوْنَ وَجَيْشُهُ أَلْقَاهُمَا فِي الْبَحْرِ، فَغَرِقَ أَفْضَلُ جُنُودِهِ الْمَرْكَبِيَّةِ فِي بَحْرِ سُوفَ، 5 تُغَطِّيهِمُ اللُّجَجُ. قَدْ هَبَطُوا فِي الأَعْمَاقِ كَحَجَرٍ" الخروج 15.
ونلاحظ أن المعترض طرح الآية وكأنها تقول إن الله هو إله الحرب؛ ليخلق تضارب مع أنه إله السلام!! لذلك يرى أن هذا متضارب مع تعبير "إله السلام" في آية العبرانيين. وهذا افتراء وتطويع للآية؛ فالآية تقول إن الله هو "رجل الحرب"، وليس "إله الحرب". أي شبه موسى الله أنه الإله الحي العظيم الذي لا يحتاج لذراع البشر لكي ينتصر على أي جيش، بل هو كلي القدرة والقوة؛ وهو يقدر أن يقف كرجل واحد فقط، ويغلب أي جيش بكلمة واحدة. فعندما يسير الشعب مع الرب، تصبح الحرب للرب، أي هو الذي يتعامل معها وليس البشر:
"47 وَتَعْلَمُ هذِهِ الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفٍ وَلاَ بِرُمْحٍ يُخَلِّصُ الرَّبُّ، لأَنَّ الْحَرْبَ لِلرَّبِّ وَهُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا»" 1 صموئيل 17.
أما تعبير إله السلام، يعني أنه هو المصدر الوحيد للسلام. وهي غير متضاربة مع كونه رجل الحرب الذي يقف أمام العدوان على شعبه، ليهب شعبه السائر معه السلام من أعدائه. فلا تضارب بين الإثنين؛ هو إله السلام أيضًا الذي لا يقدر أي إنسان أو شعب أن يختبر السلام إلا إذا سار مع "يهوه" الله الحقيقي وحده، الذي دعا باسمه جميع الأنبياء الحقيقيين الصادقين. لأن الوحي يقول أيضًا:
"لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" (إشعياء 48: 22).
لهذا السبب معظم الشرق الأوسط لم ولن يختبر السلام أبدًا، لأنه لا يعرف إله إبراهيم الحقيقي، واسمه الأوحد "يهوه"؛ ويسوع المسيح الذي أرسله لخلاص جميع البشر.

تفسير موسع:
هناك تعبير ثالث جدير بالذكر أيضًا وهو أحد أسماء يهوه الله: "رب الجنود" " יְהוָה צְבָאוֹת  يهوه صبأوت". وترجمة التعبير الدقيقة هي "يهوه الجيوش" (جميع صبا، أي جيش). فالمقصود بهذا التعبير هو جيوش الملائكة:
"فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا (أي ملائكتها)" (التكوين 2: 1).
ونرى هذا من تأكيد المسيح على السلطان والقوة الساحقة التي بيده؛ بالرغم من أنه أسلم نفسه للضعف بيد الذين صلبوه ليتمم الفداء. فقال لبطرس الذي استل سيفًا وأراد عن يدافع عن المسيح عندما جاؤوا ليقبضوا عليه في بستان جثسيماني:
"53 أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟" متى 26.
ولنعلم القوة الساحقة التي كانت بيد المسيح، الوحي أعلمنا أن ملاك واحد فقط (وليس جيشًا) ضرب من جيش أشور 185,000 جندي!!
"35 وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ" 2 الملوك 19!!!
تصور ملاك واحد فقط يقضي على جيش بأكمله، فكم تكون قوة جيش من الملائكة؟ وكم تكون قوة "أكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ" التي كانت بيد المسيح وتحت أمره!!؟؟

باسم أدرنلي

20: 1-3

الآيات: "1 ثُمَّ تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هذِهِ الْكَلِمَاتِ قَائِلاً: 2 «أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 3 لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي."
أيضًا غلاطية 3 "19 فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّبًا بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ."

الاعتراض الأول: نرى من آية خروج، أن الله أعطى الوصايا لموسى بدون وسيط؛ وآية غلاطية 3 تقول إن الله أعطى الناموس بوسيط! أليس هذا تناقض؟
الرد: نعم الوحي يؤكد أن الله أنزل الشريعة للشعب عن طريق وسيط وهو موسى!! لست أفهم أين التناقض هنا!!؟ 
ينقل لنا سفر الخروج أن الناموس الله أعطاه للشعب من خلال وسيط، وهو موسى. من لحظة اختياره نبيًا (خروج 3)، إلى الوصايا العشر (خروج 20). فالمعترض صدق في قوله، نعم الله كلم موسى مباشرة، وجهًا لوجه، بدون وسيط:
"11 وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ" خروج 33.
لكن آية غلاطية 3، تصف موسى بأنه هو الوسيط الذي كان بين الله والشعب.
فلا يوجد أي تناقض بين الآيتين.
لكن تصور أخي الناقد، أنك في المسيح يسوع تقدر أن تَمْثُل أمام عرش النعمة، أي عرش الله السماوي، في كل حين؛ على حساب دم المسيح وفدائه، الذي بذله عنك وعني:
"16 فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ" عبرانيين 4.
تصور أية نعمة يفتقدها كل إنسان لم يقبل بعد يد المسيح المُنقذة، التي تحاول أن تنقذه من الجحيم طوال حياته!!

الاعتراض الثاني: كيف يقول في آية خروج عدد 3 "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي" وفي الكثير من كتابات بولس تعلم أن المسيح هو الرب؟
الرد: للرد على هذا الطرح المنطقي نقول الآتي:
أولا، وحي بولس: 
(1) إن وحي بولس هو جزء من الوحي، وهو ليس كتاباته البشرية، بل أوحي له من الله شخصيًا. حيث أكد أن كل وحيه أعطي له من واهب الوحي، وهو الرب يسوع المسيح:
"23 لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا: إِنَّ الرَّبَّ يَسُوعَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا، أَخَذَ خُبْزًا" 1كورنثوس 11.
(2) أيضًا تثبت وحيه، كجميع الأنبياء، عن طريق المعجزات: 
"وَكَانَ اللهُ يَصْنَعُ عَلَى يَدَيْ بُولُسَ قُوَّاتٍ غَيْرَ الْمُعْتَادَةِ" (أعمال 19: 11).
(3) وأكد الرب وحيه واخياره له كرسول، عن طريق شهادة خارجة عن إطار ذاته. أي شهادة الرسل عنه؛ مثل حنانيَّا الذي أكد الرب له اختيار بولس بمعجزة (أعمال 9: 17-19)؛ وأيضًا وبطرس (2 بطرس 3: 16)؛ واصفًا وحيه "كباقي الكتب" المقدسة تمامًا.

ثانيًا، إله واحد مثلث الأقانيم:
إن الوحي لا يتكلم عن المسيح، كإله أو رب خارج عن الذات الإلهية (من دون الله). بل لا فصل بينه وبين الذات الإلهية. لعل أوضح أية ممكن أن تعبر عن هذا الارتباط بلا فصل، هي:
"لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ. (1 كورنثوس 8: 6).
أي التوحيد المسيحي هو تأليه الله الآب، من خلال الطريق الوحيد؛ وهو ربوبية المسيح على حياتنا. دون هذا، لا يقدر أي إنسان أن يوحد الله الحق بالربوبية أبدًا. يقدر أن يتخيل ما يشاء، لكنه بالنسبة لله، هو يبقى عابد وثن.
للمزيد عن موضوع الثالوث، اطلع على هذا المقال.

باسم أدرنلي

20: 10-12

الآيات: "10 وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ. 11 لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ. 12 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ."
بالمقارنة مع تثنية 5 "14 وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَسَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ، لاَ تَعْمَلْ فِيهِ عَمَلاً مَّا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ وَكُلُّ بَهَائِمِكَ، وَنَزِيلُكَ الَّذِي فِي أَبْوَابِكَ لِكَيْ يَسْتَرِيحَ، عَبْدُكَ وَأَمَتُكَ مِثْلَكَ. 15 وَاذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْدًا فِي أَرْضِ مِصْرَ، فَأَخْرَجَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ هُنَاكَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ. لأَجْلِ ذلِكَ أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ تَحْفَظَ يَوْمَ السَّبْتِ. 16 أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ كَمَا أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ، وَلِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ علَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ."

الاعتراض: هناك اختلاف في الوصايا العشر بين خروج 20 وتثنية 5؛ فبعد آية 10 من خروج 20، نجد أن آية 11 مستبدلة بآية مختلفة تمامًا، في تثنية 5: 15!! 
آية خروج 20 "11 لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ."
وآية تثنية 5 "15 وَاذْكُرْ أَنَّكَ كُنْتَ عَبْدًا فِي أَرْضِ مِصْرَ، فَأَخْرَجَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ هُنَاكَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ. لأَجْلِ ذلِكَ أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ أَنْ تَحْفَظَ يَوْمَ السَّبْتِ."!!! هل يعقل أن يغير الله رأيه، ويبدل آيات!؟
الرد: نعم كلام سليم مئة بالمئة؛ لأن كل سفر التثنية، يعكس ثلاث عظات من موسى لشعب إسرائيل، عن شريعة الرب. عندما خطيب يخطب للشعب ويشرح له كتاب الله، ليس من المفترض أن تكون العظة عن الشريعة، مطابقة كلمة بكلمة للشريعة نفسها، وإلا يكون يقرأ الشريعة ولا يعظ بها! لأنه يعيد على الشعب الشريعة، ويشرحها ويوضحها؛ وذلك بوحي من الله.
فالسبب في إضافة شرح عدد تثنية 5: 15؛ هو أن يذكر موسى الشعب أن عمله لأجل نفسه، أتى بالعبودية عليه في أرض مصر؛ أما عمل الرب لأجله، هو الذي حرره ونصره ونقله من العبودية للحرية، ومن الذل للمجد. لذلك يجب عليه أن يقدس يوم السبت، ويثق أنه إذا أكرم الرب، سيكرمه وينصره ويغير حياته.

باسم أدرنلي

 
20: 14-15

الآيات: "14 لاَ تَزْنِ. 15 لاَ تَسْرِقْ"
بالمقارنة مع زكريا 14 "2 وَأَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِلْمُحَارَبَةِ، فَتُؤْخَذُ الْمَدِينَةُ، وَتُنْهَبُ الْبُيُوتُ، وَتُفْضَحُ النِّسَاءُ، وَيَخْرُجُ نِصْفُ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّبْيِ، وَبَقِيَّةُ الشَّعْبِ لاَ تُقْطَعُ مِنَ الْمَدِينَةِ."

الاعتراض: كيف آية خروج تقول لا تزن ولا تسرق؛ وآيات زكريا تقول أن البيوت سنتهب والنساء ستفضح، أي ينتهكنَ عرضهنْ؛ أليس الآيتين متضاربتين؟
الرد: لا يوجد أي تناقض بين الآيات. خروج تعرض وصيتين من الوصايا العشر؛ أما آية زكريا، فتعرض نص نبوي عما مُزمع أن يحدث في الآيات الأخيرة قبيل مجيء المسيح. أن جميع أمم العالم سيجتمعوا معًا لمحاربة إسرائيل؛ وسيتمكنوا من احتلالها، وإذلالها. فآيات زكريا ليست وصايا لتناقض الوصايا العشر، بل نبوءة عما سيعمل العالم وشره في إسرائيل بالأيام الأخيرة.

باسم أدرنلي

 
20: 26

الآيات: "وَلاَ تَصْعَدْ بِدَرَجٍ إِلَى مَذْبَحِي كَيْلاَ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُكَ عَلَيْهِ"
بالمقارنة مع إشعياء 3 "17 يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ."
بالمقارنة مع إشعياء 47 "2 خُذِي الرَّحَى وَاطْحَنِي دَقِيقًا. اكْشِفِي نِقَابَكِ. شَمِّرِي الذَّيْلَ. اكْشِفِي السَّاقَ. اعْبُرِي الأَنْهَارَ. 3 تَنْكَشِفُ عَوْرَتُكِ وَتُرَى مَعَارِيكِ. آخُذُ نَقْمَةً وَلاَ أُصَالِحُ أَحَدًا»."

الاعتراض: كيف نرى إلهك في خروج يدعو لستر العورة؛ وفي إشعياء الله بنفسه سيكشف عورة النساء!!؟
الرد: الناقد غير مدرك لما يقرأ كما يبدو! نعم الله يدعو للحشمة، رجالاً ونساءً. وهذا تأكده آية الخروج، وآيات كثيرة أخرى عن النساء؛ منها:
"9 وَكَذلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ، 10 بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَال صَالِحَةٍ" 1 تيموثاوس 2.
أما سياق آيات إشعياء 3 و47، هي نبوءة بتحذير الشعب ككل على ما هو مزمع أن يأتي عليه من إذلال، من احتلال مملكة بابل له:
"8 لأَنَّ أُورُشَلِيمَ عَثَرَتْ، وَيَهُوذَا سَقَطَتْ، لأَنَّ لِسَانَهُمَا وَأَفْعَالَهُمَا ضِدَّ الرَّبِّ لإِغَاظَةِ عَيْنَيْ مَجْدِهِ... 25 رِجَالُكِ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ، وَأَبْطَالُكِ فِي الْحَرْب" إشعياء 3.
ومن ضمن هذا التحذير، نرى تحذير للنساء الفاسقات المبتعدات عن عبادة الرب. حيث تقول الآية التي قبل آية المعترض:
"16 وَقَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ يَتَشَامَخْنَ، وَيَمْشِينَ مَمْدُودَاتِ الأَعْنَاقِ، وَغَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ، وَخَاطِرَاتٍ فِي مَشْيِهِنَّ، وَيُخَشْخِشْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ 17 يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ، وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ... 24 فَيَكُونُ عِوَضَ الطِّيبِ عُفُونَةٌ، وَعِوَضَ الْمِنْطَقَةِ حَبْلٌ، وَعِوَضَ الْجَدَائِلِ قَرْعَةٌ، وَعِوَضَ الدِّيبَاجِ زُنَّارُ مِسْحٍ، وَعِوَضَ الْجَمَالِ كَيٌّ!" إشعياء 3.
كذلك في آية إشعياء 47، يتوعد الرب بابل، وفرحها المؤقت بالانتصار على شعبه إسرائيل:
" «اِنْزِلِي وَاجْلِسِي عَلَى التُّرَابِ أَيَّتُهَا الْعَذْرَاءُ ابْنَةَ بَابِلَ. اجْلِسِي عَلَى الأَرْضِ بِلاَ كُرْسِيٍّ يَا ابْنَةَ الْكَلْدَانِيِّينَ، لأَنَّكِ لاَ تَعُودِينَ تُدْعَيْنَ نَاعِمَةً وَمُتَرَفِّهَةً. (إشعياء 47: 1)
فليس الله هو الذي سيكشف عورتهن، بل المحتل البابلي. الله يحذر الشعب أنه سيرفع يد حمايته عن الشعب إذا استمر بعبادة الأوثان؛ فيسلمه للاحتلال البابلي كعقاب له من أجل ترك الرب، وعبادة الأوثان. لهذا لا تناقض بين الآيات أبدًا؛ بالتأكيد الله دعا للحشمة؛ أما من سيذل شعب إسرائيل، رجالاً ونساءً، فهو الاحتلال البابلي، وليس الله. ولهذا لا تناقض بين الآيتين.

باسم أدرنلي

21: 7-11

الآيات: "7 وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً، لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ. 8 إِنْ قَبُحَتْ فِي عَيْنَيْ سَيِّدِهَا الَّذِي خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ، يَدَعُهَا تُفَكُّ. وَلَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ أَنْ يَبِيعَهَا لِقَوْمٍ أَجَانِبَ لِغَدْرِهِ بِهَا. 9 وَإِنْ خَطَبَهَا لابْنِهِ فَبِحَسَبِ حَقِّ الْبَنَاتِ يَفْعَلُ لَهَا. 10 إِنِ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ أُخْرَى، لاَ يُنَقِّصُ طَعَامَهَا وَكِسْوَتَهَا وَمُعَاشَرَتَهَا. 11 وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَهَا هذِهِ الثَّلاَثَ تَخْرُجُ مَجَّانًا بِلاَ ثَمَنٍ." خروج 21
الاعتراض: كيف تدعون أن الكتاب المقدس لم يروج بيع العبيد والإماء؛ أليست الآية تحلل بيت الابنة كأمة؟
الرد: إن الآيات أعلاه، لا تتكلم عن تجارة عبيد، بل بيع رجل ابنته للزواج، وهو زواج مع مهر، مثل الزواج الإسلامي تمامًا!! ونستغرب بشكل كبير، فلو عرف الناقد الإسلامي موضوع الآية، لترك الإسلام!!!
حيث تتكلم الآية عن نمط الزواج الدنيء؛ حيث فيه يقبض أبو الابنة مهرًا من الرجل الذي يتزوج منها. 
والآيات تؤكد أنه باعها لغرض الزواج: " سَيِّدِهَا الَّذِي خَطَبَهَا لِنَفْسِهِ ... وَإِنْ خَطَبَهَا لابْنِهِ". فهنا لا تجارة عبيد، هو زواج ابنه لرجل مع قبل ثمن، مهر، وهو الزواج الدنيء.
والآيات تؤكد أنه إذا أساء الرجل معاملة تلك المرأة، وانتهك حقها. فتخرج من عنده مجانًا، دون أن يرد الأب شيء للرجل الذي تزوجها.

والسؤال هنا: لماذا ممكن أن يبيع رجل ابنته لرجل آخر، بغرض الزواج؟
السبب هو الفقر وقلة الموارد المعيشية في عالم ليس سهل ومليء بالتحديات؛ منذ ذلك اليوم، وإلى اليوم.
نرى هذين النموذجين من الزواج حتى قبل شريعة موسى. فنرى نموذج زواج الحرة، مثل زواج إسحاق من رفقة وهي أخت لابان، ابنه بتوئيل. الذي عندما خطبها خادم إبراهيم أعطى أهلها هدايا؛ لكن لم يطلب أولياء أمرها منه مهرًا مقابل ابنتهم رفقة (تكوين 24: 52-56). ونرى أيضًا نفس لابان أخو رفقة، عندما زوج بناته ليئة وراحيل ليعقوب ابن إسحاق، زوج ليئة أخته؛ عمل العكس تمامًا، طلب مهرًا. والمهر كان أن يعمل يعقوب عنده مجانًا لمدة سبع سنين مقابل كل بنت!!
"15 ثُمَّ قَالَ لاَبَانُ لِيَعْقُوبَ: «أَلأَنَّكَ أَخِي تَخْدِمُنِي مَجَّانًا؟ أَخْبِرْنِي مَا أُجْرَتُكَ»... 18 وَأَحَبَّ يَعْقُوبُ رَاحِيلَ، فَقَالَ: «أَخْدِمُكَ سَبْعَ سِنِينٍ بِرَاحِيلَ ابْنَتِكَ الصُّغْرَى»... أَكْمِلْ أُسْبُوعَ هذِهِ، فَنُعْطِيَكَ تِلْكَ أَيْضًا، بِالْخِدْمَةِ الَّتِي تَخْدِمُنِي أَيْضًا سَبْعَ سِنِينٍ أُخَرَ». (أي المجموع 14 سنة)" التكوين 29.
ماذا علمت المسيحية عن الزواج:
"4 لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ.." العبرانيين 13.
فالزواج في المسيحية هو عهد بين الزوجان والله، وبين بعضهم البعض؛ رجل واحد لامرأة واحدة فقط، بلا مهر ولا أي مقابل. الزواج هو ليس مُجرد عقد بشروط مثل الصفقات! بل زواج فيه يتعهد الزواجان أن يلتزموا بالحب والوفاء لبعضهم البعض؛ في الصحة والمرض؛ في الفقر والغنى؛ في الفرج والضيق؛ إلى أن يفرق بينهما فقط الموت. ويتعهد الزوج بأن يحب زوجته حتى الموت لأجلها. وتتعهد المرأة بأن تحترم زوجها وتخضع له:
"21 خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ. 22 أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23 لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ... 25 أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا... 28 كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ. 29 فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ. 30 لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ. 31 «مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا»." أفسس 5.
ويؤكد الوحي أن كلا الاثنين متساوين في القيمة الإنسانية تمامًا:
"28 لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." غلاطية 3.
ويخاطبهم كمتساوين تمامًا أمام الله، في الحقوق والواجبات نحو بعض:
"3 لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ، وَكَذلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا الرَّجُلَ. 4 لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا، بَلْ لِلرَّجُلِ. وَكَذلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ، بَلْ لِلْمَرْأَةِ. 5 لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ." 1 كورنثوس 7.
أما من جهة العبودية في العهد القديم، مبادئها وتشريعاتها؛ وموفق العهد الجديد الرافض لها. 
فشتان ما بين نظام الإسلام في الزواج، والنظام الإلهي!
باسم أدرنلي

 
 
24: 9-11

الآيات: "9 ثُمَّ صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونُ وَنَادَابُ وَأَبِيهُو وَسَبْعُونَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، 10 وَرَأَوْا إِلهَ إِسْرَائِيلَ، وَتَحْتَ رِجْلَيْهِ شِبْهُ صَنْعَةٍ مِنَ الْعَقِيقِ الأَزْرَقِ الشَّفَّافِ، وَكَذَاتِ السَّمَاءِ فِي النَّقَاوَةِ. 11 وَلكِنَّهُ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَرَأَوْا اللهَ وَأَكَلُوا وَشَرِبُوا"
بالمقارنة مع خروج 33 "5 وَكَانَ الرَّبُّ قَدْ قَالَ لِمُوسَى: «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ. إِنْ صَعِدْتُ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِي وَسَطِكُمْ أَفْنَيْتُكُمْ. وَلكِنِ الآنَ اخْلَعْ زِينَتَكَ عَنْكَ فَأَعْلَمَ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ»"

الاعتراض: أليس آيات خروج 24 و33 متضاربة؟ الأولى جلس الشعب مع الرب دون أي مشكلة؛ والثانية، حذرهم الرب الشعب من أنه إذا حصر في وسطهم سيفنيهم! أليست الفقرتين متناقضتين؟
الرد: لا يوجد أي تناقض بين النصِّين:
آية خروج 24: 
تتكلم عن حضور الكهنة والقضاة أمام الرب: موسى وناداب وأبيهو، والسبعين شيخ، قضاة إسرائيل، الذين فيهم روح الله. فجميع هؤلاء رجال الله العاملين يومًا ونهارًا في محضره أصلا! فكيف يخافون منه، أو كيف يمسهم!!؟
أما آية خروج 33: 
تتكلم عن سائر بني إسرائيل، وهم في حالة شر وتمرد. وذلك من وصفه ليهم: "أَنْتُمْ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ"، أي مُعاند، مُتمرِّد. وفي وصف الله لخطية العناد والتمرد، أنهم كخطية عبادة الوثن تمامًا:
"23 لأَنَّ التَّمَرُّدَ كَخَطِيَّةِ الْعِرَافَةِ، وَالْعِنَادُ كَالْوَثَنِ وَالتَّرَافِيمِ. لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ رَفَضَكَ مِنَ الْمُلْكِ»" 1 صموئيل 15.
فالوحي لا يتكلم عن نفس الفئة من الشعب؛ الأولى الكهنة والقضاة، الذين يعملون في محضر الرب كل الوقت؛ والثانية تتكلم عن سائر بني إسرائيل. فلا تناقض بين النصين.

باسم أدرنلي

31: 17

الآيات: "17 هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَدِ. لأَنَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ"

الاعتراض: عندما نتسائل كيف الله يستريح في اليوم السابع في الخلق؛ تقولون لم يسترح، بل توقف ودخل الراحة الأبدية، أي سماءه! لكن هذه الآية، تقول أن الله تنفس!! هل تعب الخالق، وصار يلهث، وكان يجب أن يتنفس من التعب؟؟ ألا تنسب هذه الآية صفات بشرية لا تليق بجلال الله؟

الرد: أخي الكريم، بالتأكيد لا تنسب هذه الآية أي إهانة لله، بل العكس تمامًا. الكملة المترجمة بـ "تَنَفَّسَ"، تنسب لله دوره الإلهي في تجديد الكون، بعد خلقه. ولكي تدرك مدى إعجاز وعظمة ومنطقة هذه الكلمة، اسأل نفسك سؤال:
فهل الله توقف عن العمل بعد خلقه للكون؛ وأصبح لا يتدخل فيه إطلاقًا، ليكون دوره بعد الخلق = صفر؟
الجواب هو حاشا، بل بعدما انتهى الله من خلق الكون، استمر في إدارته. فاستمر دور الله في إدارة الكون الذي خلقه، عن طريق استمرار نسمته ونفسه فيه، لتجديده والاعتناء به. فلا يعقل مثلا أنه بعد بناء بناية أو فندق مثلا، أن ينتهي دور التقنيين! ألا يحتاج النفدق لصيانة وعناية وتجديد مستمر بعد البناء!؟ الجواب هو حاشا، بل بعدما انتهى الله من خلق الكون، استمر في إدارته. فاستمر دور الله في إدارة الكون الذي خلقه، عن طريق استمرار نسمته ونَفَسَهُ فيه، لتجديده والاعتناء به. فلا يُعقل مثلا أنه بعد بناء بناية أو فندق مثلا، أن ينتهي دور التقنيين! ألا يحتاج الفندق لصيانة وعناية وتجديد مستمر بعد البناء!؟ 
وللرد على هذا الاعتراض الشرعي والمنطقي بشكل أوسع، نحتاج أن ندرس معنى الكلمة "تنفس"، ترددها في وحي العهد القديم، وارتباطها مع كلمات أخرى تتكلم عن نفس هذا الموضوع؛ فنقول الآتي:

أولاً، معنى الكلمة الثانية "تنفَّسْ":
"17 .. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ" خروج 31.
الكلمتان في العبري هما: " שָׁבַת يتوقف، וַיִּנָּפַשׁ وَتَنَفَّسَ"، ومشتقة من الأصل، وهو "نِفِش" أي النَفْسْ (نفس الإنسان). أي نَفَسَ الله الذي يعطي حياة للإنسان؛ كما قال الوحي عن آدم:
"وَنَفَخَ (الله) فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً" تكوين 2: 7.
فالنفس، مرتبطة بالحياة؛ والكلمة "تَنَفَّسَ" في آية المعترض، تعني: يُجَدِّدْ (نفس الكون) (Strong Dictionary. الآية تخبرنا أن الكون هنا دخل للعصر الجديد، عصر ما بعد الخلق. كلمة وردت مرة واحدة فقط في كل الكتاب، وهي"يِنَفَشْ" (بفتح الفاء)، ومتوحدة ومتميزة فقط على الله. 
وتكررت مرتين، مختلفتين في مكان آخر من نفس كلمة الأصل "نفس"؛ تحمل نفس المعنى، لكن تتكلم عن تجديد نفس ذات الإنسان. وكلاهما بكسر الفاء، وليس بفتحها كالأولى: "يِنَفِشْ" (وليس " يِنَفَشْ"). وتعني ليتجدد:
"12 سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ عَمَلَكَ. وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابعُ فَفِيهِ تَسْتَرِيحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحَ ثَوْرُكَ وَحِمَارُكَ، وَيَتَنَفَّسَ (يِنَفِشْ – بكسر الفاء) ابْنُ أَمَتِكَ وَالْغَرِيبُ" خروج 23  
"14 وَجَاءَ الْمَلِكُ وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِينَ مَعَهُ وَقَدْ أَعْيَوْا فَاسْتَرَاحُوا (هي نفس الكلمة، يِنَفِشْ – بكسر الفاء) هُنَاكَ" 2 صموئيل 16.
فالفرق بين الكلمة المنسوبة لله، والكلمتان المنسوبتان للإنسان، هو:
الله يُجدِّد، لأنه الخالق؛ والإنسان هو المفعول به، "يتجدد". فواضح أن الناقد يحاول إضفاء المعنى الثاني على الله، وهذا خطأ. . 

ثانيًا: آيات فيها كلمات أخرى تحمل نفس المعنى وتفسره:
إذا كما قلنا في النقطة السابقة، بعد إتمام  الخلق، أصبح دور لله هو إدارة وتجديد الأرض. كما يؤكد نص آخر:
"30 تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ، وَتُجَدِّدُ (تِحَديش) وَجْهَ الأَرْضِ" مزمور 104.
فنرى من الآية ثلاث كلمات هامة: "تخلق" وبعدها "تجدد"، ونرى أيضًا كيف يحدث هذا؟
بروح الله، حيث أن كلمة "رُوَح" في العبري، هي نفس كلمة ريح، ومرتبطة بنفس الله الذي يبث الحياة للأرض بعد الخلق. إذا الآية تقول أنه بعد إتمام الله خلقه لكل الخليقة؛ أصبح دوره تجديد الكون، عن طريق التنفس بروحه، فيه "ترسل روحك".
"6 أَنْتَ هُوَ الرَّبُّ وَحْدَكَ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاوَاتِ وَسَمَاءَ السَّمَاوَاتِ وَكُلَّ جُنْدِهَا، وَالأَرْضَ وَكُلَّ مَا عَلَيْهَا، وَالْبِحَارَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَأَنْتَ تُحْيِيهَا كُلَّهَا (מְחַיֶּה، الكلمة هنا "مِحَيِه"، أي تحيي). وَجُنْدُ السَّمَاءِ لَكَ يَسْجُدُ" نحميا 9. فكلا الآيتان، تتكلمان عن نفس الموضوع، الخلق، ودور الله بعد الخلق.
أما كلمة "يِنَفَشْ" (بفتح الفاء)، فهي أشمل؛ حيث تشمل التجديد والإحياء معًا، بعد انهاء خلق الكون. فالكلمة هي كلمة إلهية تنسب دور الله بعد الخلق، وهو التجديد والإحياء المستمر للكون. ولم تأتي بمعنى أن الله يجدد من ذاته أو يستريح؛ وكأنه تعب كما يدعي الناقد، إطلاقًا!
أرأيت أخي المعرتض مَنْ أفكاره منطقية، الكتاب أم طرحك؛ كيف يُعقل أن يصبح دور الله معدوم، بد إنهائه لخلق العالمين!!؟ لا بل أصبح دوره في إدراة وتجديد الكون الذي خلقه، ليستمر إلى اليوم الذي يقرر الله به لإفناءه.

باسم أدرنلي

31: 18

الآيات: "18 ثُمَّ أَعْطَى مُوسَى عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ لَوْحَيِ الشَّهَادَةِ: لَوْحَيْ حَجَرٍ مَكْتُوبَيْنِ بِإِصْبعِ اللهِ."
بالمقارنة مع تثنية 31 "9 وَكَتَبَ مُوسَى هذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلَّمَهَا لِلْكَهَنَةِ بَنِي لاَوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ."
بالمقارنة مع 2 أخبار 34 "14 وَعِنْدَ إِخْرَاجِهِمِ الْفِضَّةَ الْمُدْخَلَةَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَجَدَ حِلْقِيَا الْكَاهِنُ سِفْرَ شَرِيعَةِ الرَّبِّ بِيَدِ مُوسَى."

الاعتراض: كيف آية خروج 31 تؤكد أن الله كتب لوحي الشهادة بإصبعه؛ وآيات تثنية 31 و2 أخبار 34، تقولان أن موسى من كتبهما!!؟
الرد: لقد خلط الناقد الحابل بالنابل بين الآيات! آية خروج 31، تتكلم عن لوحي الشهادة، أي فقط الوصايا العشر المكتوبة على ألواح من حجر. وآيات تثنية 31 و2 أخبار 34، تتكلمان عن كل الشريعة، وليس فقط الوصايا العشر، ومكتوبة على جلد. أما الوصايا العشر، فكانت تُقرأ للشهادة اليومية في إطار شعائر الصلاة، التي فيها يتعهد الشعب أمام الله كل مرة عندما يصلي أن لا يكسر وصايا الله العشر.

باسم أدرنلي

32: 14

الآيات: "14 فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ."
أيضًا تكوين 6 "6 فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ 7 فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ، الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ، لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ» (بالطوفان)."
أيضًا 1 صموئيل 15 "35.. وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ."
بالمقارنة مع العدد 23 "19 لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟"
بالمقارنة مع 1 صموئيل 15 "29 وَأَيْضًا نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَكْذِبُ وَلاَ يَنْدَمُ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانًا لِيَنْدَمَ»."

الاعتراض: كيف يقول لك في أول ثلاث آيات، أن الله "ندم، تأسف"؛ وآخر آيتين تؤكدان أنه لا يمكن أن يندم! أليست الآيات متضاربة بشكل واضح كالشمس؟

الرد: لقد قدم الناقد خليط غير متجانس من الآيات، وكل واحدة تتكلم عن شيء مختلف تمامًا! لذلك نحتاج أن نفسر كل آية من الآيات على حدا، لترتيب الأفكار لدى القارئ، بثلاث مواضيع. ومن ثم نرد على النقد بشكل جامع مدقق:

أولا، حزن الله على انحراف الإنسان الذي يحبه:
نص المعترض: تكوين 6: 6-7
عندنا في الآية 6، كلمتان، تفتح لنا الباب لفهم باقي الآيات: 
الأولى "حزن" "יִּנָּחֶם يِنَحِمْ": تعني يتعزى، يغير رأيه، يأسف، تراجع.. (قاموس سترونغ). هذه هي الكلمة التي تتكرر في باقي الآيات القادمة؛ وهي تأتي بمعنى "يتراجع".
الثانية "تأسَّف" "יִּתְעַצֵּב يِتْعَتْسِبْ": تعني يَحِدْ (يعلن حداده)، يحزن، يتألم.. (قاموس سترونع).
والمقصود من هاتان الكلمتان، هو أن الله لأنه صالح، ويحب الإنسان الذي خلقه على صورته؛ يحزن عندما يُعذِّب نفسه بالشر والخطية وابتعاده عن الله. كالأب الصالح الذي يتألم عندما ينحرف ابنه، يأسف ويحزن عليه، أكثر من حزنه منه!

ثانيًا، تراجع الله عن التأديب أو البركة:
شيء آخر يجب أن يدركه المعترض عن الله؛ هو أنه كامل، ثابت، لا يتغير في مبادئه وأخلاقياته أبدًا؛ لذلك يجب أن يتغير في تعامله مع الإنسان المتغير والمتقلب. فعندما يُؤدب الله الإنسان بسبب الخطية، وبعدها يتوب؛ يتراجع الله عن التأديب أو العقاب. هذا أيضًا يعكس تعامل الله الكامل غير المتغير، مع الإنسان المتغير والمتأرجح.
وعندما يُعَيِّن الله شاول الملك في آية المعترض؛ وبعدها يعمل شاول الشر ويتمرد عليه، يعزله ويطرده. هذا ليس تغيير في الله، بل العكس تمامً، هو عمل يعكس طبيعة الله الثابتة في تعاملها مع الإنسان المتغير والمتقلب والمتمرد.
فالنصين اللذان عرضهما المتعرض، يعكسان هذان النوعان:
نص المعترض الأساسي: خروج 32: 14
"14 فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ."
وهذا يعكس الفئة الثانية، وهو عندما ينزل الله عقابًا على المتمرد/ين. وبعدما يقدم له حل قانوني لتوبتهم أو تغييرهم، يتراجع عن التأديب الذي أنزله بهم. هذا ما فعله الرب عندما شعب إسرائيل تركوه وعبدوا العجل الذهبي؛ وصلى موسى وتشفع لأجلهم.
نص المتعرض: 1 صموئيل 15: 35
تعامل الله مع شاول الملك الذي عينه، بعدما عصى وتمرد عليه. نرى الله يعزله ويطرده من ملكه:
"35.. وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ."
هنا نرى تراجع الرب عن النِعَم الذي وهبها للإنسان؛ فقرر أن يعين ملك آخر عوضًا عن شاول، وهو داود الملك:
"1 فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «حَتَّى مَتَى تَنُوحُ عَلَى شَاوُلَ، وَأَنَا قَدْ رَفَضْتُهُ عَنْ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ؟ اِمْلأْ قَرْنَكَ دُهْنًا وَتَعَالَ أُرْسِلْكَ إِلَى يَسَّى الْبَيْتَلَحْمِيِّ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ لِي فِي بَنِيهِ مَلِكًا»" 1 صموئيل 16.
وهناك آيات ثاقبة تُوضح وتلخص هذان الجانبيان من تعامل الله الثابت مع الإنسان المتغير المتمرد، وهي:
"7 تَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْقَلْعِ وَالْهَدْمِ وَالإِهْلاَكِ، 8 فَتَرْجعُ تِلْكَ الأُمَّةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ عَلَيْهَا عَنْ شَرِّهَا، فَأَنْدَمُ عَنِ الشَّرِّ الَّذِي قَصَدْتُ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهَا. 9 وَتَارَةً أَتَكَلَّمُ عَلَى أُمَّةٍ وَعَلَى مَمْلَكَةٍ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، 10 فَتَفْعَلُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ، فَلاَ تَسْمَعُ لِصَوْتِي، فَأَنْدَمُ عَنِ الْخَيْرِ الَّذِي قُلْتُ إِنِّي أُحْسِنُ إِلَيْهَا بِهِ." إرميا 18.
هل هناك أي كتاب في العالم ثاقب، دقيق، يصيب الهدف، كالكتاب المقدس!؟

ثالثًا، الله لا يمكن أن يتراجع عن وصاياه:
وهنا تكمن النقطة الأساسية المغلوطة التي اعتمد عليها الناقد. ما سبق، مختلف تمامًا عن الوصايا. فعندما الله يقول وصية، لا يمكن أن ينسخها ويتراجع عنها؛ كما يدعي أصحاب الديانات المبتدعة. وحتى الوصايا المرحلية، التي أعدت للعمل على حياة الإنسان في مرحلة معينة من البشرية، لا يمكن أن تتغير في نفس فترة النبي، إلا بعد فترة لا تقل عن الألف سنة (مثلا: من آدم لنوح، 1200 سنة؛ من نوح لموسى، 1400 سنة؛ ومن موسى للمسيح 1440 سنة). أما الوصايا الأخلاقية، لا تنتهي ولا تنسخ أبدًا ما دام هناك بشرية. لأن كلاهما، الوصايتان المرحلية والخلقية، غير معتمدان على إنسان متغير؛ بل على الله الثابت الذي لا يتغير أبدًا. لذلك الذين يروجون نسخ لأحكام دينية عندهم، هذا أكبر برهان على أنهم يتبعون ديانات من ابتداع البشر المتغيرين الذين يشرعون لمصالحهم المتغيرة.
نص المعترض: العدد 23: 19
"19 لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَلْ يَقُولُ وَلاَ يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلَّمُ وَلاَ يَفِي؟"
في هذه الآية، الله أعطى وصية لبلعام ألا يلعن شعب الرب؛ وبلعام العنيد سأل الرب مرة أخرى عن نفس الأمر!! فالله ذكره بالمبدأ الثابت، أن الوصية الإلهية لا يمكن أن تُكسر أو تُنسخ مهما حدث! هذا موضوع هذه الآية.
نص المعترض: 1 صموئيل 15: 29
"29 وَأَيْضًا نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَكْذِبُ وَلاَ يَنْدَمُ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانًا لِيَنْدَمَ» (عن الوصايا)"
وهذه الآية تحمل نفس القضية، الله أوصى الملك شاول من خلال النبي صموئيل، ألا يأخذ أيًّا من الغنائم في حربه مع عماليق؛ وعصى الرب في هذه الوصية. وعندما يواجهه صموئيل، يقدم له فتوى بشرية قائلا: "فَأَخَذَ الشَّعْبُ مِنَ الْغَنِيمَةِ غَنَمًا وَبَقَرًا، أَوَائِلَ الْحَرَامِ لأَجْلِ الذَّبْحِ لِلرَّبِّ إِلهِكَ فِي الْجِلْجَالِ». (صموئيل الأول 15: 21). بمعنى "أني لم آخذها لنفسي، بل للرب!!
لذلك يوبخه صموئيل عن هذه الفتوى المغلوطة المتمردة؛ هل يعقل أن يغير الله وصيته بحسب استحسانك، ومصالحك؟ لا طبعًا، لذلك عزلك عن المُلك بسبب تمردك على وصايا الله، لهذا قال: "نَصِيحُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَكْذِبُ وَلاَ يَنْدَمُ، لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانًا لِيَنْدَمَ (عن وصاياه)".
إذا بهذه الردود، نكون قد أجبنا على الاختلاط الذي عند الناقد في الآيات؛ الله يحزن ويأسف على المعاناة التي يعانيها الإنسان بسبب الخطية. وأيضًا الله يتراجع عن الخير والتأديب، عندما يتوب الإنسان عن خطاياه ويغير طرقه. لكن المفروغ منه، هو أن الله لا يمكن أن يتراجع عن وصاياه المرحلية إلا بعد فترات تزيد عن الألف سنة؛ ووصاياه الخلقية لا يتراجع عنها أبدًا، مهما حدث.

باسم أدرنلي

 
 
32: 27

الآيات: "27 فَقَالَ لَهُمْ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ، وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ»."

الاعتراض: أنظر العنف والوحشية في كتابك، أمر من إلهكم بقتل كل واحد أخاه؛ بينما القرآن لم تُذكر فيه كلمة سيف من بدايته لنهايته!!

الرد: للرد على هذا الاعتراض الشرعي والمنطقي، نحتاج أن نرجع لسياق الآية، لنفهم ماذا حدث. 

أولا: السياق هو عندما نزل موسى من الجبل ومعه لوحي الشريعة؛ والرب حثه للنزول للشعب بسرعة، لأن شعب إسرائيل فسد:
"7 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اذْهَبِ انْزِلْ. لأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ الَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. 8 زَاغُوا سَرِيعًا عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْصَيْتُهُمْ بِهِ. صَنَعُوا لَهُمْ عِجْلاً مَسْبُوكًا، وَسَجَدُوا لَهُ وَذَبَحُوا لَهُ وَقَالُوا: هذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ»" الخروج 32.
فأنزل الله دينونة على شعبه كنتيجة لهذه الرجاسة الكبيرة. هذا سياق الآية ببساطة، عقاب الله لعابدي العجل الذهبي. 
وهنا نأتي لسؤال هام:
لقد عبد شعب إسرائيل الأوثان لاحقًا (أي بعد مئات السنين)، وصبر الله عليه مئات من السنين الأخرى؛ قبل إجراء العقاب ضدهم وتسليم المملكة الشمالية للسبي الأشوري. وبعدها بـ 150 عامًا، تسليم المملكة الجنوبية للسبي البابلي...إلخ. فما هو سبب غضب الله الشديد على شعبه في هذه الحالة؛ وفي فترة تقل عن الـ 40 سنة؛ فلماذا لم يصبر عليهم أكثر:
(1) لقد رأى الكثيرين من نفس هذا الجيل، الضربات المعجزة العشر لأرض مصر وكيف أخرجه الله من مصر بذراع قوية، ويد حانية.
(2) لقد رأوا معجزة شق البحر وإنقاذ الرب لهم؛ وإفناء جيش فرعون الذي تتبعهم ليقتلهم.
(3) لقد رأوا كيف قاد الله شعبه بشكل معجز، بعمود من نار لينير لهم الطريق في الليل؛ وعمود سحاب في النهار، لكي لا تضربهم الشمس في الصحراء!
(4) لقد رأوا معجزات الرب معهم؛ فجر لهم الرب مياه من صخرة، وأمطر لهم لحومًا من السماء، ونزَّل عليهم المن والسلوى، وهو طعام ملائكة...إلخ. 
فبالرغم من جميع ما سبق، كان شعب إسرائيل مستمر في التمرد وعدم الإيمان وعدم الاتكال على الرب. وهذه ليست المرة الوحيدة التي غضب عليهم بها الرب. لعله أفضل ما يمكن أن يلخص حالة التمرد المستمرة على الرب، هو مزمور 78؛ حيث ينقل ملخص تمرد شعب إسرائيل على الرب في البرية، كالتالي:
"10 لَمْ يَحْفَظُوا عَهْدَ اللهِ، وَأَبَوْا السُّلُوكَ فِي شَرِيعَتِهِ، 11 وَنَسُوا أَفْعَالَهُ وَعَجَائِبَهُ الَّتِي أَرَاهُمْ. 12 قُدَّامَ آبَائِهِمْ صَنَعَ أُعْجُوبَةً فِي أَرْضِ مِصْرَ، بِلاَدِ صُوعَنَ. 13 شَقَّ الْبَحْرَ فَعَبَّرَهُمْ، وَنَصَبَ الْمِيَاهَ كَنَدٍّ. 14 وَهَدَاهُمْ بِالسَّحَابِ نَهَارًا، وَاللَّيْلَ كُلَّهُ بِنُورِ نَارٍ. 15 شَقَّ صُخُورًا فِي الْبَرِّيَّةِ، وَسَقَاهُمْ كَأَنَّهُ مِنْ لُجَجٍ عَظِيمَةٍ. 16 أَخْرَجَ مَجَارِيَ مِنْ صَخْرَةٍ، وَأَجْرَى مِيَاهًا كَالأَنْهَارِ. 17 ثُمَّ عَادُوا أَيْضًا لِيُخْطِئُوا إِلَيْهِ، لِعِصْيَانِ الْعَلِيِّ فِي الأَرْضِ النَّاشِفَةِ. 18 وَجَرَّبُوا اللهَ فِي قُلُوبِهِمْ، بِسُؤَالِهِمْ طَعَامًا لِشَهْوَتِهِمْ. 19 فَوَقَعُوا فِي اللهِ. قَالُوا: «هَلْ يَقْدِرُ اللهُ أَنْ يُرَتِّبَ مَائِدَةً فِي الْبَرِّيَّةِ؟ 20 هُوَذَا ضَرَبَ الصَّخْرَةَ فَجَرَتِ الْمِيَاهُ وَفَاضَتِ الأَوْدِيَةُ. هَلْ يَقْدِرُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَ خُبْزًا، أَوْ يُهَيِّئَ لَحْمًا لِشَعْبِهِ؟». 21 لِذلِكَ سَمِعَ الرَّبُّ فَغَضِبَ، وَاشْتَعَلَتْ نَارٌ فِي يَعْقُوبَ، وَسَخَطٌ أَيْضًا صَعِدَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، 22 لأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ وَلَمْ يَتَّكِلُوا عَلَى خَلاَصِهِ. 23 فَأَمَرَ السَّحَابَ مِنْ فَوْقُ، وَفَتَحَ مَصَارِيعَ السَّمَاوَاتِ. 24 وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ مَنًّا لِلأَكْلِ، وَبُرَّ السَّمَاءِ أَعْطَاهُمْ. 25 أَكَلَ الإِنْسَانُ خُبْزَ الْمَلاَئِكَةِ. أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ زَادًا لِلشِّبَعِ. 26 أَهَاجَ شَرْقِيَّةً فِي السَّمَاءِ، وَسَاقَ بِقُوَّتِهِ جَنُوبِيَّةً. 27 وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ لَحْمًا مِثْلَ التُّرَابِ، وَكَرَمْلِ الْبَحْرِ طُيُورًا ذَوَاتِ أَجْنِحَةٍ. 28 وَأَسْقَطَهَا فِي وَسَطِ مَحَلَّتِهِمْ حَوَالَيْ مَسَاكِنِهِمْ. 29 فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا جِدًّا، وَأَتَاهُمْ بِشَهْوَتِهِمْ. 30 لَمْ يَزُوغُوا عَنْ شَهْوَتِهِمْ. طَعَامُهُمْ بَعْدُ فِي أَفْوَاهِهِمْ، 31 فَصَعِدَ عَلَيْهِمْ غَضَبُ اللهِ، وَقَتَلَ مِنْ أَسْمَنِهِمْ، وَصَرَعَ مُخْتَارِي إِسْرَائِيلَ. 32 فِي هذَا كُلِّهِ أَخْطَأُوا بَعْدُ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِعَجَائِبِهِ. 33 فَأَفْنَى أَيَّامَهُمْ بِالْبَاطِلِ وَسِنِيهِمْ بِالرُّعْبِ" المزامير 78.

ثانيًا: كثير من النقاد يفترضون أن الله مثل الإنسان؛ بما أنها جريمة أن يقتل إنسان إنسان؛ إذا جريمة لله أن يأخذ حياة البشر الذين خلقهم ومنحهم الحياة! لا يا عزيزي، يحق لله خالق البشر، أن يعاقبهم. فالله يبارك الإنسان الذي قطع مع الله عهدًا. لكن عندما يخون الإنسان ذلك العهد، يحق لله، خالقه، أن يعاقبه، بناء على نفس العهد. 
راجع لعنات كسر العهد مع الله: تثنية 27: 9  و28: 15-68.
وبركات طاعة العهد مع الله: تثنية 28: 1-14.

باسم أدرنلي

32: 28

الآيات: "28 فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ."
مقارنة مع 1 كورنثوس 10 "8 وَلاَ نَزْنِ كَمَا زَنَى أُنَاسٌ مِنْهُمْ فَسَقَطَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً."
ومع سفر العدد 25 "1 وَأَقَامَ إِسْرَائِيلُ فِي شِطِّيمَ، وَابْتَدَأَ الشَّعْبُ يَزْنُونَ مَعَ بَنَاتِ مُوآبَ.... 9 وَكَانَ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا." 

الاعتراض: كيف يقول الوحي في 1 كورنثوس، أن 23 ألف من الشعب سقط؟ لكن في خروج 32، يذكر موث فقط ثلاثة آلاف من الشعب؛ وفي سفر العدد مات 24 ألف!! فكيف يقترف الوحي هذه الأخطاء؟؟ 
الرد: للرد على هذان الاعتراضان، نقدِّم النقاط التالية: 

أولا: إن النص الذي يتلكم عنه الوحي في 1 كورنثوس، هو ليس ما ورد في سفر العدد 25، بل خروج 32. لأن سفر العدد 25، يتكلم عن زنى الشعب مع ما ملكت أيمانهم من سبايا الحرب، من بنات موآب؛ فغضب الله الطاهر عليهم، وأمات منهم 24 ألفًا بسبب الزنى. أما ما يقوله في 1 كورنثوس 10، فهو قضية عبادة الأوثان وليست الزنى؛ فلا يوجد أي علاقة لقصة سفر العدد 25، مع ما يقوله الوحي في 1 كورنثوس 10.

ثانيًا: إن النص الذي يستشهد به الوحي في 1 كورنثوس 10، هو من خروج 32. ونعرف هذا من عبارة " 7 فَلاَ تَكُونُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ كَمَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «جَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ»." 1 كورنثوس 10؛ وهي نفس الآية المقتبسة من خروج 32 " 6 ... وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ." فهذا هو النص ذاته، الذي يستشهد به الوحي في 1 كورنثوس.

ثالثًا: إن النص في خروج 32 يذكر قضاء الرب، الذي ابتدأ على عائلات الكهنة، فأجرى بهم الله قضائه على يد موسى، وقتلوا منهم ثلاثة آلاف رجل: " 28 فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ." لكن المعترض لا ينتبه إلى أن قضاء الله على الشعب استمر، ويقول الوحي في نهاية أصحاح 32 من سفر الخروج: " 35 فَضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعْبَ (ضربة إضافية) لأَنَّهُمْ صَنَعُوا الْعِجْلَ الَّذِي صَنَعَهُ هَارُونُ." فمع أن الوحي لا يذكر كم من الشعب أماته الرب، بعد أن أجرى قضائه على ثلاثة آلاف رجل من عائلات الكهنة. لكن النص في 1 كورنثوس 10، يظهر إعجاز غيبي، حيث أنه يذكر عدد الناس بالضبط الذين ماتوا من الشعب، كنتيجة لدينونة الله عليهم، بسبب عبادة العجل الذهبي. وهذا يؤكد على أن الله أنزله فعلاً؛ لأن الله يعرف كم مات من الشعب في خروج 32، في الوقت الذي فيه كان الوحي صامتًا في وحيه على موسى في سفر الخروج 32؛ فبينه لنا في العهد الجديد على فم المُوحى له بولس الرسول، في 1 كورنثوس 10.

باسم أدرنلي

33: 5

الآيات: "5 وَكَانَ الرَّبُّ قَدْ قَالَ لِمُوسَى: «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ. إِنْ صَعِدْتُ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِي وَسَطِكُمْ أَفْنَيْتُكُمْ. وَلكِنِ الآنَ اخْلَعْ زِينَتَكَ عَنْكَ فَأَعْلَمَ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ»"
بالمقارنة مع خروج 24 "9 ثُمَّ صَعِدَ مُوسَى وَهَارُونُ وَنَادَابُ وَأَبِيهُو وَسَبْعُونَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ، 10 وَرَأَوْا إِلهَ إِسْرَائِيلَ، وَتَحْتَ رِجْلَيْهِ شِبْهُ صَنْعَةٍ مِنَ الْعَقِيقِ الأَزْرَقِ الشَّفَّافِ، وَكَذَاتِ السَّمَاءِ فِي النَّقَاوَةِ. 11 وَلكِنَّهُ لَمْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَرَأَوْا اللهَ وَأَكَلُوا وَشَرِبُوا"

الاعتراض: أليس آيات خروج 24 و33 متضاربة؟ الأولى جلس الشعب مع الرب دون أي مشكلة؛ والثانية، حذرهم الرب الشعب من أنه إذا حصر في وسطهم سيفنيهم! أليست الفقرتين متناقضتين؟
الرد: لا يوجد أي تناقض بين النصِّين:
آية خروج 24: 
تتكلم عن حضور الكهنة والقضاة أمام الرب: موسى وناداب وأبيهو، والسبعين شيخ، قضاة إسرائيل، الذين فيهم روح الله. فجميع هؤلاء رجال الله العاملين يومًا ونهارًا في محضره أصلا! فكيف يخافون منه، أو كيف يمسهم!!؟
أما آية خروج 33: 
تتكلم عن سائر بني إسرائيل، وهم في حالة شر وتمرد. وذلك من وصفه ليهم: "أَنْتُمْ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُ"، أي مُعاند، مُتمرِّد. وفي وصف الله لخطية العناد والتمرد، أنهم كخطية عبادة الوثن تمامًا:
"23 لأَنَّ التَّمَرُّدَ كَخَطِيَّةِ الْعِرَافَةِ، وَالْعِنَادُ كَالْوَثَنِ وَالتَّرَافِيمِ. لأَنَّكَ رَفَضْتَ كَلاَمَ الرَّبِّ رَفَضَكَ مِنَ الْمُلْكِ»" 1 صموئيل 15.
فالوحي لا يتكلم عن نفس الفئة من الشعب؛ الأولى الكهنة والقضاة، الذين يعملون في محضر الرب كل الوقت؛ والثانية تتكلم عن سائر بني إسرائيل. فلا تناقض بين النصين.

باسم أدرنلي

33: 11-23

الآيات: "11 وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ. وَإِذَا رَجَعَ مُوسَى إِلَى الْمَحَلَّةِ كَانَ خَادِمُهُ يَشُوعُ بْنُ نُونَ الْغُلاَمُ، لاَ يَبْرَحُ مِنْ دَاخِلِ الْخَيْمَةِ. 12 وَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «انْظُرْ. أَنْتَ قَائِلٌ لِي: أَصْعِدْ هذَا الشَّعْبَ، وَأَنْتَ لَمْ تُعَرِّفْنِي مَنْ تُرْسِلُ مَعِي. وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ، وَوَجَدْتَ أَيْضًا نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ. 13 فَالآنَ إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَعَلِّمْنِي طَرِيقَكَ حَتَّى أَعْرِفَكَ لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. وَانْظُرْ أَنَّ هذِهِ الأُمَّةَ شَعْبُكَ». 14 فَقَالَ: «وَجْهِي يَسِيرُ فَأُرِيحُكَ». 15 فَقَالَ لَهُ: «إِنْ لَمْ يَسِرْ وَجْهُكَ فَلاَ تُصْعِدْنَا مِنْ ههُنَا، 16 فَإِنَّهُ بِمَاذَا يُعْلَمُ أَنِّي وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أَنَا وَشَعْبُكَ؟ أَلَيْسَ بِمَسِيرِكَ مَعَنَا؟ فَنَمْتَازَ أَنَا وَشَعْبُكَ عَنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ». 17 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هذَا الأَمْرُ أَيْضًا الَّذِي تَكَلَّمْتَ عَنْهُ أَفْعَلُهُ، لأَنَّكَ وَجَدْتَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ، وَعَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ». 18 فَقَالَ: «أَرِنِي مَجْدَكَ». 19 فَقَالَ: «أُجِيزُ كُلَّ جُودَتِي قُدَّامَكَ. وَأُنَادِي بِاسْمِ الرَّبِّ قُدَّامَكَ. وَأَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ، وَأَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ». 20 وَقَالَ: «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ». 21 وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا عِنْدِي مَكَانٌ، فَتَقِفُ عَلَى الصَّخْرَةِ. 22 وَيَكُونُ مَتَى اجْتَازَ مَجْدِي، أَنِّي أَضَعُكَ فِي نُقْرَةٍ مِنَ الصَّخْرَةِ، وَأَسْتُرُكَ بِيَدِي حَتَّى أَجْتَازَ. 23 ثُمَّ أَرْفَعُ يَدِي فَتَنْظُرُ وَرَائِي، وَأَمَّا وَجْهِي فَلاَ يُرَى»."
الاعتراض: كيف ممكن أن تُوَفِّق بين آية 11 "وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ"، مع آية 20 "لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ"!! أليست الآيتان متناقضتان تمامًا، وهما في نفس الفصل!؟
الرد: لا يوجد أي تناقض بين الآيتين، وذلك سياق نفس النص:
أولا: عدد 11، يتكلم عن أقنوم الابن؛ فالعهد الجديد يوضح لنا آيات مثل هذه وغيرها. والتي كان من المستحيل فهمها في ظل العهد القديم وحده في القديم؛ فيقول:
"18 اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ" يوحنا 1.
الآية تقول إن الله الآب لم يره أحدٌ قط، لكن ما رآه موسى في عدد 11 أعلاه، هو الله الابن، هو الذي تقابل معه وجهًا لوجه، وخبره. كذلك جميع الذين رأوا الله في العهد القديم: مثل يعقوب (تكوين 32: 30)، وإشعياء (إشعياء 6: 5).
ثانيًا: نرى موسى بحسب النص، يطلب شيء إضافي عن تكليم الله (الابن) وجهًا لوجه؛ وهو أن يرى مجد الله المجيد والعظيم: "18 فَقَالَ: «أَرِنِي مَجْدَكَ»." هل ممكن أي أحد منا يعرف معنى طلب رؤية مجد خالق الكون!! مستحيل أن نقدر أن نحتوي مجده طبعًا!
لذلك أجابه الله قائلاً: 
"22 وَيَكُونُ مَتَى اجْتَازَ مَجْدِي (أي متى يعبر مجدي)، أَنِّي أَضَعُكَ فِي نُقْرَةٍ مِنَ الصَّخْرَةِ (في حفرة صغيرة في الصخرة، للحماية)، وَأَسْتُرُكَ بِيَدِي حَتَّى أَجْتَازَ. 23 ثُمَّ أَرْفَعُ يَدِي فَتَنْظُرُ وَرَائِي، وَأَمَّا وَجْهِي فَلاَ يُرَى»."
فالله الآب، قال له أنه سيريه خلفه، ولم يريه وجهه، فقال "وَأَمَّا وَجْهِي فَلاَ يُرَى". أي مستحيل أن يراه أحدٌ قط.
لذلك يفسر هذه النقطة سفر العبرانيين، فيقول عن الابن:
"3 الَّذِي (أي أقنوم الابن، المسيح)، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي" العبرانيين 1.
لذلك أقنوم الابن هو الإظهار المرئي للذات الإلهية، كما أن كيان الجسد في الإنسان، هو الإظهار المرئي للروح والنفس غير المرئيتان:
"15 (المسيح) الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ" كولوسي 1.
أي المسيح هو الإظهار المرئي لصورة الله الآب، الذي لا يمكن رؤيته.
فلا تناقض بين الآيات إطلاقًا. نعم نحن نرى الله فقط في وجه يسوع المسيح: 
"6 لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ: «أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ»، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" 2 كورنثوس 4.

تفسير موسع:
إن ما سبق ليس فقط نظريات، نعرف هذا بأقصى درجات الدقة من رؤية إشعياء لله، يهوه؛ ونسب ذلك لؤية إشعياء للمسيح، أقنوم الابن!!
إن إشعياء رأى اللهَ، "يهوه" ذاته، جالسًا فوق العرش:
"1 فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزِّيَّا الْمَلِكِ، رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ ... 3 وَهذَا نَادَى ذَاكَ وَقَالَ: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ»... 6 .. لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ (يهوه) الْجُنُودِ (כִּי, אֶת-הַמֶּלֶךְ יְהוָה يهوه צְבָאוֹת--רָאוּ עֵינָי) 10 غَلِّظْ قَلْبَ هذَا الشَّعْبِ وَثَقِّلْ أُذُنَيْهِ وَاطْمُسْ عَيْنَيْهِ، لِئَلاَّ يُبْصِرَ بِعَيْنَيْهِ وَيَسْمَعَ بِأُذُنَيْهِ وَيَفْهَمَ بِقَلْبِهِ، وَيَرْجعَ فَيُشْفَى" إشعياء 6.
إذا قارنَّا هذه الآية وكيف استشهد بها وحي إنجيل يوحنا، في وصفه لرفض اليهود للمسيح:
"37 وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ أَمَامَهُمْ آيَاتٍ هذَا عَدَدُهَا، لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ... 39 .. لأَنَّ إشعياء قَالَ أَيْضًا (في الآيات السابقة): 40 «قَدْ أَعْمَى عُيُونَهُمْ، وَأَغْلَظَ قُلُوبَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَشْعُرُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ» (مُستشهدًا بإشعياء 6: 10 أعلاه). 41 قَالَ إشعياء هذَا حِينَ رَأَى مَجْدَهُ وَتَكَلَّمَ عَنْهُ" يوحنا 12.
فوحي يوحنا يفسر لنا هنا من هاء الدلالة في آخر جملة: "حين رأى مجده وتكلم عنه"، التي تعود على المسيح في وحي يوحنا! وبهذا أشار يوحنا بوحيه أن الذي تقابل معه إشعياء كان المسيح، أقنوم الابن! أي أنه عندما تقابل إشعياء مع يهوه الله الجالس على العرش (نص إشعياء 6 السابق)؛ كان هذا في الحقيقة نفس ذات المسيح: "الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ (مجد يهوه الله)، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ" (عبرانيين 1: 3). فمن هذا النص، نعرف يقينًا أن جميع من تقابل مع الله وجهًا لوجه في العهد القديم، تقابل مع أقنوم الابن، المسيح له كل المجد. ونعلم أيضًا أنه لا فرق بين أقنومي الآب والابن، بل كلاهما أقنومان مشتركان في الذات الإلهية الواحدة؛ لذلك دعا إشعياء أقنوم الابن، يهوه، في إشعياء 6.
من كتاب "أعظم من نبي" (الصفحات 205-206).

باسم أدرنلي