كنيسة بلا جدران

أين التشوُّق للحياة؟

رجعت إلى البيت الساعة التاسعة، فوجدت زوجتي تبكي، فسألتها عن السبب فقالت:

"أخذني اليوم سيعتين أنيِّم الأولاد وراح كل برنامجي، وما ضَللي وقت أعمل شي".
وفي اليوم الثاني، في الصباح الباكر الساعة السادسة، استيقظ الأولاد وكلهم شوق لليوم الجديد وابتدأوا يدعونا للاستيقاظ.
فقلنا لهم: "لسَّا بدري نامو كمان شوي معنا". لكن بلا جدوى، فإحباطنا من طلوع النهار لم ينجح في إطفاء تشوقهم للنهار الجديد والحياة.

فأولادنا كلهم تشوُّق للحياة والنهار الجديد الذي ينتظرون فيه تجربةً فريدة وجديدة أخرى. أما نحن، ففي مُعظم الأوقات، نجد أن النوم هو من أكثر الفترات لذة، لكي نهرب من تعب وهموم ومشقات النهار، وعندما يأتي الصباح نقول: "اووووف ما لْحِقتش أنام"، فطلوع النهار بالنسبة لنا مثل الكابوس، شيء لا ننتظره أبدًا. والسؤال الذي أسأله لنفسي هو:

أين التشوق للحياة ؟  ولماذا نحن لسنا مثل الأولاد في هذا الجانب؟  

قال المسيح: "... إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات." متى 18: 3

قبل أن نتناول هذا الموضوع يجب أن نُعَرِّف كَلِمَتين: "التشوق" و"الحياة"
التشوُّق: وهو توقع وانتظار أمرًا مُفرحًا وطيِّبًا بتفاؤل.
الحياة: هي كلمة واسعة جدًا لا نقدر أن نعرفها ببساطة، لكن يعرفها الكتاب بحياة المسيح الحية والفعَّالة فينا والمليئة بالتشوق والتفاؤل لرجاء مبارك لا يُخزي مُنتظروهُ أبدًا.

والمهم هنا هو ليس التشوق في ذاته، فالتشوق يأتي بشكلٍ تلقائي عندما نمتلئ بانتظار شيء مجيد ورائع. وهذا الشيء المجيد هو الحياة الممتلئة بالمسيح.
فما هي الحياة الممتلئة بالمسيح إذا ؟

قال المسيح:
"... فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ." يوحنا 10: 10.
إن قصد المسيح هنا هو أنه أتى ليعيد بث الحياة في داخلنا بعدما أُطفأت بواسطة خطيَّة آدم، وهذه الحياة هي أفضل من أي حياة أخرى جسدية نعيشها في الجسد.
لذلك فبالرغم من أنه يوجد تشوق أحيانًا عند أهل العالم للحياة، لكن التشوق الذي تبثُّهُ حياة المسيح التي فينا، عن طريق إيماننا وانتظارنا للرب، هو دائمًا أقوى وأثبت، لهذا قال المُرَنِّم:
" 5 انْتَظَرْتُكَ يَا رَبُّ. انْتَظَرَتْ نَفْسِي وَبِكَلاَمِهِ رَجَوْتُ. 6 نَفْسِي تَنْتَظِرُ الرَّبَّ أَكْثَرَ مِنَ الْمُرَاقِبِينَ الصُّبْحَ. أَكْثَرَ مِنَ الْمُرَاقِبِينَ الصُّبْحَ." مزمور 130.
"مراقبين الصُّبح" هم ناس عندهم تشوق للحياة، لكن تشوقهم أقل بكثير من انتظار عمل الله فيهم ومن خلالهم. لذلك يعيد المُرَنِّم عبارة "أكثر من مراقبين الصُّبح" مرَّتين ليؤكد هذا.

التشوُّق للحياة يأتي بعد جلوسنا وتمتعنا في محضر الرب كما سنراه في تفسير الآيات الآتية:
" 1 يَا اللهُ إِلَهِي أَنْتَ. إِلَيْكَ أُبَكِّرُ. عَطِشَتْ إِلَيْكَ نَفْسِي يَشْتَاقُ إِلَيْكَ جَسَدِي فِي أَرْضٍ نَاشِفَةٍ وَيَابِسَةٍ بِلاَ مَاءٍ" مزمور 63.
• ‫إعلان أن الله هو إلهنا وسيدنا، وله نسلم كل أمورنا وأتعابنا ومخاوفنا.‬
• ‫أن نُبكر في نهارنا لكي نتقابل معه، ونعتبره أهم شيء لنا في ذلك النهار.‬
• ‫أن تتعطش أنفسنا وحتى أجسادنا لشخصه وذاته وحياته فينا، فالحياة هي ينبوع ينبع في باطنَّا وليست أحداث إذا حدثت حولنا تعطينا الحياة (يوحنا 4: 14).‬
• ‫أن ندرك أن حياتنا في إنساننا العتيق هي حياة في أرض ناشفة ويابسة وبلا ماء.‬

بعدها يأتي التشوق ويقول المرنم في العدد الثاني:
" 2  لِكَيْ أُبْصِرَ قُوَّتَكَ وَمَجْدَكَ كَمَا قَدْ رَأَيْتُكَ فِي قُدْسِكَ." وبكلمات أخرى يقول: "الآن يا رب أريد أن أختبر في نهاري هذا، جميع الوعود والعظائم والرجاء الذي أريتني إياه في محضرك ونبع في باطني". نعم يا رب كُلي شوق لكي أرى أعمالك العظيمة في هذا اليوم. نعم ستتدخل وتطرح جميع الجبال التي أمامي في البحر. نعم ستتمم جميع عملك في داخلي وتغيرني لكي أكون مثل ابنك يسوع. أشكرك يا إلهي المبارك لأنك أنت حياتي ومجدي وستملأني من الآن فصاعدًا بالتشوق للحياة المجيدة، التي أنعمت بها علي، مثل تشوق الأولاد.

باسم أدرنلي

 

3583 مشاهدة