كنيسة بلا جدران

مساعدة الكنيسة للمؤمنين ماديًا؛ مبادئه وحدوده

طبعًا ككنائس، جميعنا يساعد المؤمنين المحتاجين للمساعدة؛ فهذا الركن من أبسط البديهيات للإنجيل:
"16 وَلكِنْ لاَ تَنْسَوْا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هذِهِ يُسَرُّ اللهُ" العبرانيين 13.
"11.. افْتَحْ يَدَكَ لأَخِيكَ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ فِي أَرْضِكَ" التثنية 15.
ويعلمنا العهد الجديد أن العطاء هو التعبير الأساسي للمحبة الإلهية التي فينا؛ والتي هي أساس إيماننا المسيحي:
"17 وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟" 1 يوحنا 3.
لكن الأسئلة التي تتراود على أذهاننا باستمرار جميعًا هي:
كيف نساعد المؤمن الفقير بشكل صحي وبنَّاء له؟
وما هي الحدود لمسؤولية الكنيسة؛ والحدود لمسؤولية المُحتاج والمؤمنين الآخرين؟

إن هذا موضوع عملاق ويحتاج لسلسلة من المقالات؛ لكننا سندرس فقط أهم عشرة مبادئ كتابية فيما يخص دور الكنيسة لتفعيل هذه الفضيلة. وأيضًا بعض المبادئ التي تساعدنا على إدارة هذه الخدمة.

(1) تعليم المؤمنين جميعًا على تقديم العشور والعطاء:
المسيح طبعًا كما نعلم لم ينفي تقديم العشور لبيت الرب، أي للكنيسة. حيث قال:
"23 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ (أي العشور) وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ (أي الحق والرحمة الإيمان)" متى 23.
وهناك أصحاحان كاملان عن العطاء، 2 كورنثوس 8 و9، بإمكانك التأمل فيهما؛ يحملان أكثر من 12 مبدأً مباركًا عن العطاء، ويحتاجان لمقال خاص.
حدود العطاء كما علمه المسيح، يشمل كل المستويات؛ من أقل شيء تقدر عليه: 
كالتي كالمرأة قدمت الفلسين (مرقس 12: 42).
إلى كل شي: "بعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ" (لوقا 18: 2). 

(2) أن لا يؤذي العطاء بيت المعطي:
نرى الوحي يقدم مبادئ تحذيرية لحدود العطاء؛ فنراه يحذر مؤمني مكدونيَّة كيف أنهم أصبحوا في حالة فقر، بسبب عطائهم المفرط: 
"2 أَنَّهُ فِي اخْتِبَارِ ضِيقَةٍ شَدِيدَةٍ فَاضَ وُفُورُ فَرَحِهِمْ وَفَقْرِهِمِ الْعَمِيقِ لِغِنَى سَخَائِهِمْ.." 2 كورنثوس 8.
وبعدها، وفي نفس الأصحاح، يقدم تحذيرات يجب أن نأخذها بعين الاعتبار في قضية حدود العطاء!
"12 لأَنَّهُ إِنْ كَانَ النَّشَاطُ مَوْجُودًا فَهُوَ مَقْبُولٌ عَلَى حَسَبِ مَا لِلإِنْسَانِ، لاَ عَلَى حَسَبِ مَا لَيْسَ لَهُ. 13 فَإِنَّهُ لَيْسَ لِكَيْ يَكُونَ لِلآخَرِينَ رَاحَةٌ وَلَكُمْ ضِيقٌ، 14 بَلْ بِحَسَبِ الْمُسَاوَاةِ. لِكَيْ تَكُونَ فِي هذَا الْوَقْتِ فُضَالَتُكُمْ لإِعْوَازِهِمْ، كَيْ تَصِيرَ فُضَالَتُهُمْ لإِعْوَازِكُمْ، حَتَّى تَحْصُلَ الْمُسَاوَاةُ" 2 كورنثوس 8.
عدد 12: لا تلتزم بعطاء أعلى من قدرتك المادية المتاحة. ولا تلتزم بأي أموال لم تدخلك بعد.
عدد 13: احذر من أن تنقلب الحالة، أنت المُعطى تصبح في ضيق؛ والذي تعطيه، يصبح في فرج!
عدد 14: عندما تكون حالة الناس الاجتماعية متقاربة، أقصى حد ممكن أن تعطيه، هو المساواة في الفائض الذي لديك، بينك وبين من تعطي له (يعني 50٪)! وهذا يجعل الأسر في حال اشتراكية؛ عندما ينقصك يساعدوك، وعندما ينقصهم تساعدهم.

(3) أن نحافظ على سلامة وضع الكنيسة المادي: 
"16 إِنْ كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ أَرَامِلُ، فَلْيُسَاعِدْهُنَّ وَلاَ يُثَقَّلْ عَلَى الْكَنِيسَةِ، لِكَيْ تُسَاعِدَ هِيَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ" 1 تيموثاوس 5
فالمبدأ التي تنقله الآية، هي دعوة ضد الاستغلال؛ فيقول للمؤمن، إذا بإمكانك أن تساعد الأرامل الذين عندك، ساعدهم دون أن تثقل على الكنيسة! أي حتى لو كانت الكنيسة مستعدة للمساعدة، لا تطلب منها؛ لكي لا تثقل على الكنيسة ماديًا. فكل مبلغ يأخذه مؤمن بغير حاجة ماسة؛ ممكن أن يحرم أسرة في أمس الحاجة، تود الكنيسة مساعدتها، ولن تقدر لأن ميزانية المساعدات نفذت!
وهذا ما كان الرسول بولس دائمًا يفكر به كقدوة للمؤمنين، أنه دائمًا لم يرد أن يُثقل على أحد؛ لا على الكنيسة ولا على المؤمنين:
"8 سَلَبْتُ كَنَائِسَ أُخْرَى آخِذًا أُجْرَةً لأَجْلِ خِدْمَتِكُمْ، وَإِذْ كُنْتُ حَاضِرًا عِنْدَكُمْ وَاحْتَجْتُ، لَمْ أُثَقِّلْ عَلَى أَحَدٍ" 2 كورنثوس 11.
فنتعلم من بولس هنا، أنه مثلاً إذا أردت أن تحضر اجتماع الكنيسة ولا يوجد لديك سيارة، لا تطلب من أحد أن يوصلك. إذا كنت تقدر أن تستخدم مواصلات عامة، استخدم! مبدأ كتابي عام، إذا كان بإمكانك أن تعمل الشيء بقدرتك، لا تتكل على أحد، ولا تثقل على أحد. فهذا استنزاف للآخرين وبالتالي استنزاف للكنيسة، وهو غير مقبول روحيًا.

(4) العطاء يجب أن يبدأ أولا بالخدام:
نرى المسيح قبلما يعلم الناس عن العطاء، حث تلاميذه الاثني عشر على البدء في العطاء أولا:
"16 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لاَ حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا»" متى 14.
لذلك أول من يجب أن يكون قدوة في العطاء، هم خدام الكنيسة أنفسهم. والتلاميذ تعلموا من قدوة المسيح ذاته؛ فقبلما طلب من التلاميذ أن يتركوا كل شيء ويتبعوه، هو ترك كل شي! كما قال عنه الوحي "أَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ»" (متى 8: 20). 
لذلك ذكر الوحي من خلال بولس، أهمية قدوة الخادم:
"7 إِذْ أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يُتَمَثَّلَ بِنَا، لأَنَّنَا لَمْ نَسْلُكْ بِلاَ تَرْتِيبٍ بَيْنَكُمْ، 8 وَلاَ أَكَلْنَا خُبْزًا مَجَّانًا مِنْ أَحَدٍ، بَلْ كُنَّا نَشْتَغِلُ بِتَعَبٍ وَكَدٍّ لَيْلاً وَنَهَارًا، لِكَيْ لاَ نُثَقِّلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ. 9 لَيْسَ أَنْ لاَ سُلْطَانَ لَنَا، بَلْ لِكَيْ نُعْطِيَكُمْ أَنْفُسَنَا قُدْوَةً حَتَّى تَتَمَثَّلُوا بِنَا" 2 تسالونيكي 3.
فيذكر كنيسة تسالونيكي، كيف اشتغل بولس لكي لا يثقل على أحد من المؤمنين أو الكنيسة. وطبعًا إذا قام الرب بتوفير منحة لخدام الكنيسة، يكون أفضل لكي يتفرغوا لخدمة الكنيسة ويكونوا فعالين أكثر. لأن الوحي يقول أيضًا:
"14 هكَذَا أَيْضًا أَمَرَ الرَّبُّ: أَنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَ بِالإِنْجِيلِ، مِنَ الإِنْجِيلِ يَعِيشُونَ" 1 كورنثوس 9.
وأحد الطرق الأساسية التي يوفر بها الرب منحة للخدام، هي ممارسة أهل الكنيسة لفضيلة المواظبة على الكنيسة وتقديم العشور والعطاء.

(5) تعليم المؤمنين على دعم بعضهم البعض:
المقصود بالدعم، وهو الدعم المادي وغيره؛ فالشريعة في القديم، ركزت أكثر على تعليم الناس روح العطاء لبعضهم البعض؛ أكثر بكثير من عطاء الكهنة أو خيمة الاجتماع لهم! حيث قدمت نظامًا اقتصاديًا من أعظم الأنظمة. فعلمت الشعب مثلا على دعم ومساعدة الفقير؛ عن طريق عدم رفض إنسان مقتدر من مداينة أي شخص محتاج. شريطة أن يُمحى الدين كل سابع سنة، والتي هي سنة معروفة في الشريعة لدى الجميع!!
"1 «فِي آخِرِ سَبْعِ سِنِينَ تَعْمَلُ إِبْرَاءً. 2 وَهذَا هُوَ حُكْمُ الإِبْرَاءِ: يُبْرِئُ كُلُّ صَاحِبِ دَيْنٍ يَدَهُ مِمَّا أَقْرَضَ صَاحِبَهُ. لاَ يُطَالِبُ صَاحِبَهُ وَلاَ أَخَاهُ، لأَنَّهُ قَدْ نُودِيَ بِإِبْرَاءٍ لِلرَّبِّ" التثنية 15.
وحتى لو جاء ليتداين منك المحتاج في السنة السادسة، وتعرف أنك بعد بضعة أشهر ستخسر الأموال؛ الرب يأمرك بإعطائه!
"7 «إِنْ كَانَ فِيكَ فَقِيرٌ، أَحَدٌ مِنْ إِخْوَتِكَ فِي أَحَدِ أَبْوَابِكَ فِي أَرْضِكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، فَلاَ تُقَسِّ قَلْبَكَ، وَلاَ تَقْبِضْ يَدَكَ عَنْ أَخِيكَ الْفَقِيرِ، 8 بَلِ افْتَحْ يَدَكَ لَهُ وَأَقْرِضْهُ مِقْدَارَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ. 9 احْتَرِزْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَ قَلْبِكَ كَلاَمٌ لَئِيمٌ قَائِلاً: قَدْ قَرُبَتِ السَّنَةُ السَّابِعَةُ، سَنَةُ الإِبْرَاءِ، وَتَسُوءُ عَيْنُكَ بِأَخِيكَ الْفَقِيرِ وَلاَ تُعْطِيهِ، فَيَصْرُخَ عَلَيْكَ إِلَى الرَّبِّ فَتَكُونُ عَلَيْكَ خَطِيَّةٌ (تصور هنا أن الله يعتبر عدم عطاء المحتاج خطية!)" التثنية 15.
هذه الفئة من القوانين معظمها قوانين أخلاقية وغير ملزمة؛ فإذا أخدنا مبادئ هذه الآية، أليست تحثنا على دعم بعضنا البعض في كل المجالات؟

(6) تشجيع الشخص المحتاج على العمل:
ممكن أن يقع عدد من المؤمنين في الاتكال على الكنيسة أو الآخرين، وهذا روحيًا خطية. فيجب حثه للبحث عن عمل، حيث يقول الوحي:
"10 فَإِنَّنَا أَيْضًا حِينَ كُنَّا عِنْدَكُمْ، أَوْصَيْنَاكُمْ بِهذَا: «أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلاَ يَأْكُلْ أَيْضًا». 11 لأَنَّنَا نَسْمَعُ أَنَّ قَوْمًا يَسْلُكُونَ بَيْنَكُمْ بِلاَ تَرْتِيبٍ، لاَ يَشْتَغِلُونَ (أو الترجمة الأدق، لا يريدون أن يشتغلوا) شَيْئًا بَلْ هُمْ فُضُولِيُّونَ. 12 فَمِثْلُ هؤُلاَءِ نُوصِيهِمْ وَنَعِظُهُمْ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ يَشْتَغِلُوا بِهُدُوءٍ، وَيَأْكُلُوا خُبْزَ أَنْفُسِهِمْ" 2 تسالونيكي 3.
فيصفهم الوحي بأنهم بلا ترتيب: أي غير منضبطين، لا يكترثون إذا ضايقوا الآخرين.
ويصفهم أيضًا بفضوليين: أنهم حاضرون في الكنيسة، لكن لا ينتجون أي فائدة، لا للأخوة ولا الكنيسة، فلا يراعون مصلحة الآخرين.

(7) الإبداع في أسلوب العطاء: 
كيف تساعد الفقير بشكل، يبنيه ويدربه على العمل والاجتهاد:
"19 «إِذَا حَصَدْتَ حَصِيدَكَ فِي حَقْلِكَ وَنَسِيتَ حُزْمَةً فِي الْحَقْلِ، فَلاَ تَرْجعْ لِتَأْخُذَهَا، لِلْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ تَكُونُ، لِكَيْ يُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ عَمَلِ يَدَيْكَ. 20 وَإِذَا خَبَطْتَ زَيْتُونَكَ فَلاَ تُرَاجعِ الأَغْصَانَ وَرَاءَكَ، لِلْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ يَكُونُ. 21 إِذَا قَطَفْتَ كَرْمَكَ فَلاَ تُعَلِّلْهُ وَرَاءَكَ. لِلْغَرِيبِ وَالْيَتِيمِ وَالأَرْمَلَةِ يَكُونُ" التثنية 24.
دعونا نستعرض بعض المبادئ الإلهية العبقرية والمليئة بالإبداع في موضوع العطاء، من الآيات السابقة!
1- الآيات لا تدعونا أن نعطي المحتاج قمح جاهز، زيتون، أو عنب. بل تدعونا أن نترك القمح، الزيتون والعنب في الحقل للفقير لكي يقطفه بيده؛ يتعب فيه ويشتغل لكي يأكل. وهذا يعطيه الشعور أنه عمل شيء لكي يأكل.
2- أيضًا نرى في الآيات نهج، يُمَكِّن الفقير من أن يأتي في وقت غياب صاحب الحقل؛ لكي لا يراه أحد، فلا ينحرج في الفترة الصعبة التي يمر بها.
3- نرى عدد 20، يساوي الغريب بالأرملة واليتيم في النقطة السابقة. أي كل شخص مهما كانت ظروفه أو عمره، يقدر أن يعمل شيء معين؛ فيجب أن لا تحرم الكنيسة هؤلاء من العمل والعطاء. لا تقل أرملة مسكينة، بل دعها تعمل أي شيء تقدر أن تفعله، إذا أمكن!
مع أن الوصايا في الآيات السابقة ليست حيوية لحاضرنا، لكن مبادئها ثاقبة وعبقرية من أروع ما يكون، وحيوية جدًا لكل زمان ومكان.

(8) أن لا نحرج ونُحزن من ليس له!
وهذه النقطة هي استكمالا لجزء من الآيات السابقة. فالوحي في عدة مجالات حثنا على عدم إحراج الشخص المحتاج:
"22 أَفَلَيْسَ لَكُمْ بُيُوتٌ لِتَأْكُلُوا فِيهَا وَتَشْرَبُوا؟ أَمْ تَسْتَهِينُونَ بِكَنِيسَةِ اللهِ وَتُخْجِلُونَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ؟ مَاذَا أَقُولُ لَكُمْ؟ أَأَمْدَحُكُمْ عَلَى هذَا؟ لَسْتُ أَمْدَحُكُمْ!" 1 كورنثوس 11.
الآية السابقة غير مرتبطة بالعطاء؛ لكن توبخ المؤمنين الذين يأتون بطعام فاخر على الكنيسة، ويأكلونه أمام أناس فقراء ليس لهم، فيخجلونهم! فالوحي يعلمنا احترام شعور الفقراء. فإذا كنا نخدم في كنيسة فيها فقراء مثلا، علينا أن لا نشارك صورنا على الفيس بوك لموائد الطعام، المطاعم والسفر مثلا! سمعت قبل سنوات عديدة أحد الأخوات في الكنيسة تقول: "عندما أرى صور الأصدقاء في الأماكن التي يسافرون إليها، دائمًا اكتئب؛ لأننا لا نقدر أن نسافر مثلهم"!! سافر، تمتع بما أنعم عليك الرب، دون أن تحرج أو تحزن من ليس بإمكانه أن يفعل مثلك؛ وساعد من يحتاج إن استطعت. 
أليس هذا ما يعلمنا إياه المسيح، عندما يقول:
"3 وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ" متى 6.
طبعًا القصد الأساسي من النص، هو عدم الافتخار والسعي إلى اكتساب احترام الناس كأولوية، بل الله! لكن أحد الأفكار المطروحة في الاية، هي أيضًا عدم إحراج الناس الذين تخدمهم وتساعدهم، أمام المجتمع.

(9) أيضًا حث الشخص المحتاج أن يتكل على الرب:
فيجب أن نحذر كخدام أن نجعل المؤمنين يعتمدون علينا في مشاكلهم المادية؛ بل يجب أن نعلمهم دائمًا أن يعتمدوا على الرب. يطلبوا منه احتياجاتهم، وينتظروا تدخله؛ وأن نحاول أن لا نأتي لمساعدتهم حالاً، إلا في الدقيقة الأخيرة فقط، إذا أمكن!! والاتكال على الرب، هو أهم أساس روحي نحتاج جميعًا أن نتعلمه ونمارسه؛ إن كنا خدام أو أصغر المؤمنين. لذلك يحث الوحي الاتكال على الرب لجميع الفئات بالاسم!
"9 يَا إِسْرَائِيلُ (أي جميع المؤمنين)، اتَّكِلْ عَلَى الرَّبِّ. هُوَ مُعِينُهُمْ وَمِجَنُّهُمْ. 10 يَا بَيْتَ هَارُونَ (الكهنة والخدام)، اتَّكِلُوا عَلَى الرَّبِّ. هُوَ مُعِينُهُمْ وَمِجَنُّهُمْ. 11 يَا مُتَّقِي الرَّبِّ (أقدس وأتقى مؤمنين أيضًا)، اتَّكِلُوا عَلَى الرَّبِّ. هُوَ مُعِينُهُمْ وَمِجَنُّهُمْ" المزامير 115.

(10) وطبعًا العطاء بالصلاة لأجل بعضنا البعض:
"16 اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا. طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا" يعقوب 5.
فالصلاة لأجل المحتاجين لكيما يتدخل الله في حياتهم، وقلوبهم ويغير ظروفهم، هي من أهم المحركات لبناء الكنيسة. وهذا يشمل الصلاة للجميع، الصغير والكبير، حيث نرى أيضًا بولس الرسول يطلبها من كنيسة تسالونيكي: "أَيُّهَا الإِخْوَةُ صَلُّوا لأَجْلِنَا. (1 تسالونيكي 5: 25). الصلاة هي من أهم محركات السماء للتعامل معنا كبشر محاطين بالنقص والضعف. خاصة عندما نتربى على ثقافة الاعتماد على الرب.
ليبارك الرب مؤمنينا وكنائسنا جميعًا، ويستخدمنا لكي نغير بلادنا لتنضم لملكوت مسيحنا المجيد والعظيم في أرضه الطيبة.

القدس - 08/ 08 / 2025
باسم أدرنلي

 
636 مشاهدة