الله، ليس كشبهه شيء
دائمًا الأحباء المسلمين يشددون على آية عندهم في القرآن، بأن الله "ليس كمثله شيء"؛ في الآية الكاملة التي تقول:
"فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (الشوري 11).
وهي الآية القرآنية الوحيدة عندهم التي تصف الله في هذا الوصف. ونحن نتفق مع هذا القول تمامًا، حيث هذا أيضًا ما يعمله كتابنا المقدس. وليس من وصية واحدة ضيقة الوضوح والشمول؛ بل طبعًا نرى القضية في الكتاب المقدس من عدة جوانب كاملة شاملة من آيات كثيرة من الكتاب المقدس، المفصل والمُفَسِّر لكل شيء. فلا نحتاج لأي حرف خارج عن وحي الله في كتابه، لفهم كل شيء عنه وعن الحياة الروحية التي أوصاها لنا.
فسنرى آيات تفسر عظمة الله، وكم ليس كمثله شيء في جوانب كثيرة، منها:
الأولى، ليس كمثل الله شيء في الخلق:
"8 لاَ مِثْلَ لَكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ، وَلاَ مِثْلَ أَعْمَالِكَ" مزامير 86.
"9 اُذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الإِلهُ وَلَيْسَ مِثْلِي" أشعياء 46.
مما يتطلب من المؤمن إقرار هذا:
"17 يَا رَبُّ، لَيْسَ مِثْلُكَ وَلاَ إِلهَ غَيْرُكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا" 1 أخبار 17
"10 فَقَالَ: «غَدًا». فَقَالَ: «كَقَوْلِكَ. لِكَيْ تَعْرِفَ أَنْ لَيْسَ مِثْلُ الرَّبِّ إِلهِنَا" خروج 8
"22 لِذلِكَ قَدْ عَظُمْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلَيْسَ إِلهٌ غَيْرَكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا" 2 صموئيل 7.
الثانية، ليس مثل صفات الله إلهنا، العظيم:
كامل في الحماية:
"2 لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلهِنَا" 1 صموئيل 2
كامل في معونته للإنسان:
"26 «لَيْسَ مِثْلَ اللهِ يَا يَشُورُونُ. يَرْكَبُ السَّمَاءَ فِي مَعُونَتِكَ، وَالْغَمَامَ فِي عَظَمَتِهِ" تثنية 33
كامل في سلطانه وملكه:
"7 مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا مَلِكَ الشُّعُوبِ؟ لأَنَّهُ بِكَ يَلِيقُ. لأَنَّهُ فِي جَمِيعِ حُكَمَاءِ الشُّعُوبِ وَفِي كُلِّ مَمَالِكِهِمْ لَيْسَ مِثْلَكَ" إرميا 10.
"14 لأَنِّي هذِهِ الْمَرَّةَ أُرْسِلُ جَمِيعَ ضَرَبَاتِي إِلَى قَلْبِكَ وَعَلَى عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ، لِكَيْ تَعْرِفَ أَنْ لَيْسَ مِثْلِي فِي كُلِّ الأَرْضِ" خروج 9
ليس كمثله، في إظهار ذاته للبشر:
"24 يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، أَنْتَ قَدِ ابْتَدَأْتَ تُرِي عَبْدَكَ عَظَمَتَكَ وَيَدَكَ الشَّدِيدَةَ. فَإِنَّهُ أَيُّ إِلهٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ يَعْمَلُ كَأَعْمَالِكَ وَكَجَبَرُوتِكَ؟" تثنية 3.
كامل في حفظه العهد والرحمة:
"23 وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، لَيْسَ إِلهٌ مِثْلَكَ فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ أَسْفَلُ، حَافِظُ الْعَهْدِ وَالرَّحْمَةِ لِعَبِيدِكَ السَّائِرِينَ أَمَامَكَ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ" 1 ملوك 8
ثانيًا، الله لم يتشبه بخلقه، بل شبَّه خلقه به:
نرى أيضًا من الكتاب المقدس أن الله لا يتشبه بخلقه، بل شبه خلقه به. وفي هذا الباب، ليس القصد أن الخلق فعلا كالخالق طبعًا؛ بل دعنا نقول أنه صورة باهتة عنه، يدل عليه، يظهر إبداعه، في خلقه وجماله:
"1 اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. 2 يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا." مزمور 19.
الآية 2 تعني أن الله خلق الخليقة، بشكل يثير حب استطلاع البشر، ويحفزهم للسعي لاكتشاف الكون، والتعرف عليهه، لعلهم يمجدوا الخالق على عظمة خلقه. لكن كثيرًا ما يحدث العكس تمامًا، يلتجؤون للإلحاد ورفض الخالق:
"19 إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ، 20 لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ 21 لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ." رومية 1
رابعًا، الله كلي الوجود؛ يملأ السماوات والأرض:
"23 أَلَعَلِّي إِلهٌ مِنْ قَرِيبٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَسْتُ إِلهًا مِنْ بَعِيدٍ. 24 إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟" إرميا 23.
"1 هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ.." أشعياء 66
وحتى الحقيقة هي أنه لا السماوات ولا الأرض المخلوقين، يقدروا أن يحتووا الله!!!
"27 لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟" 1 ملوك 8.
فعناية الله تحيط بالإنسان من كل مكان:
3 مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا اسْمُ الرَّبِّ مُسَبَّحٌ. 4 الرَّبُّ عَال فَوْقَ كُلِّ الأُمَمِ. فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مَجْدُهُ. 5 مَنْ مِثْلُ الرَّبِّ إِلهِنَا السَّاكِنِ فِي الأَعَالِي؟ 6 النَّاظِرِ الأَسَافِلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ" مزمور 113.
انتبه لهذا التعبير المُعْجِز: "الناظر الأسافل في السماوات"؛ أي ينظر للسماوات كشيء أسفل منه!! لأن الوحي يؤكد، كما رأينا في الآية السابقة، أنه حتى السماوات التي خلقها، لا تحتويه. فهو أعظم وأعلى من أي سماء أو شيء خلقه!
"14 مِنْ مَكَانِ سُكْنَاهُ تَطَلَّعَ إِلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ. 15 الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا، الْمُنْتَبِهُ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ." مزمور 33.
"3 فِي كُلِّ مَكَانٍ عَيْنَا الرَّبِّ مُرَاقِبَتَانِ الطَّالِحِينَ وَالصَّالِحِينَ" أمثال 15.
فلا يحتاج أن ينزل الله لسماء الدنيى في الثلث الثالث من الليل ليسمع صلاة خلقه، ولا يحتاج لملاكين يسجلان أعمال الإنسان، وكأن الله مثل رئيس شركة منتظر تقارير والعياذ بالله! ولا شيء من كل هذه الصور البشرية الهزلية المجرمة المهينة عن الله!! بل الله يرى كل البشر وهو في مكانه؛ لأن معرفته وحضوره يملأن السموات والأرض. ويعلم كل فكرة في كل قلب وعقل وعبر كل الأزمنة والأوقات!!
انظر كمال الله وعظمته كيف يصوره وحيه الحقيقي الوحيد، الكتاب المقدس:
"1 يَا رَبُّ، قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. 2 أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. 3 مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ، وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ. 4 لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا. 5 مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي، وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ...8 إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ. 9 إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ، وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ (والأرض)، 10 فَهُنَاكَ أَيْضًا تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ... 13 لأَنَّكَ أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي (انتبه لتعبير نسجتني، من أين عرف أن الجنين يبدأ كنسيج خلايا). 14 أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَبًا. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ، وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذلِكَ يَقِينًا. 15 لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي الْخَفَاءِ (نسيج الخلايا، بعدها يأتي العظم)، وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ. 16 رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا." مزمور 139.
مجدًا لك أيها الرب العظيم والقدير؛ ولا مثل لكتابك المقدس الكامل الشامل، الذي ينصفك ويعظم من شأنك أكثر من كل كتاب بشري آخر. كما يصف الوحي ذاته ويقول:
"96 لِكُلِّ كَمَال رَأَيْتُ حَدًّا، أَمَّا وَصِيَّتُكَ فَوَاسِعَةٌ جِدًّا" المزامير 119.
القدس - 25/ 06/ 2025
باسم أدرنلي