كنيسة بلا جدران

حل الله للحزن والألم في هذا الوقت

إن الحزن هو شعور طبيعي موجود في كل إنسان مهما كان كبير أم صغير، مؤمن أم غير مؤمن، صالح أم شرير. هو جزء من نسيج الطبيعة التي خلقها الله للبشر.

حل الله للحزن والألم في هذا الدهر:
آدم أدخل الألم على حياة البشر، المسيح افتدى آلام آدم، فافتدي آلام البشر. لكن ما المقصود بهذا؟
إن آدم الأول أدخل الألم على حياة البشر بسبب تمرده على الله.
أما المسيح، افتدى آلام آدم الأول الذي ابتلانا به، عن طريق طاعته للآب. وقدم لنا نعمة تحويل الألم: 
من ألم بسبب التمرد على الله (آلام الموت)، لألم بسبب تبعية الله (آلام الحياة). 
لذلك يقول النص أعلاه: "وَأَمَّا حُزْنُ الْعَالَمِ فَيُنْشِئُ مَوْتاً" (ع 10).

لا تفوت الفرضة لافتداء آلامك أرجوك؟ لا تدع أحزان وآلام العالم تبتلعك وتسحبك للابتعاد عن الله، الذي هو حياتك (تثنية 30: 20). فعندما تقرر ألا تسمح للمسيح بافتداء حزنك وألمك، أنت تقرر أن تبقى في آلام آدم الأول، آلام الموت. 
لذلك أرجوك أرفض حالة ألم الموت، سلمه ليد المسيح، ليصبح ألم الحياة؛ ليبارك به الرب حياتك وحياة الذين حولك.
إذا برنامج المسيح لحياتنا اليوم من جهة الألم والحزن، هو افتداءه من ألم الابتعاد عن الله، لألم بسبب تبعية الله؛ من ألم الموت لألم الحياة، من حزن الموت لحزن الحياة. عندها، سيتحول كل حزن في حياتنا لحزن بحسب مشيئة الله؛ فيستخرج منه الرب البركة لحياتنا وللعالم الذي نعيش فيه.

الحزن الذي تم افتداؤه؛ هو حزن بحسب مشيئة الله:
ما هو الحزن الذي بحسب مشيئة الله؟
هو أي حالة حزن أو ألم، التي فيها يبتدئ الحزن يقربني إلى الله، بدلا من أن يبعدني عنه؛ ويغيرني أكثر لأشابه صورة المسيح. هو الحزن الذي أسمح للرب أن يستخدمه ليبارك به حياتي، ومن ثم يستخدم اختباري لبركة الآخرين. 
أصطلاح: "حزن بحسب مشيئة الله"، تكرر عدة مرات في 2 كورنثوس 7: 9-11.
يقول الوحي في النص السابق: "لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يُنْشِئُ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ" (ع 10)
أي أن الحزن الذي من خلاله نقرر أن نتقرب إلى الله؛ حزن يحفزنا على التغيير، المتمثل بالتوبة؛ فيعزز خلاصنا. 
الخلاص المذكور هنا، هو المفهوم المُوَسَّع للخلاص، وهو: الانتقال من حياة الفساد إلى اللا فساد:
(1) يبدأ بخلاص النعمة كنتيجة للتوبة وقبول المسيح كمنقذ، وسكنى الله الروح القدس فينا؛ فننتقل من حالة الموت الروحي للحياة.
(2) ثم يستمر بحياة التغيير الناتج عن حياة الخلاص؛ لذلك يقول الوحي: " تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ" فيليبي 2: 12. 
(3) وعندما يرجع الرب، يتم افتداء أجسادنا وتغييرها لأجساد سماوية. فيكتمل ملء الخلاص بإنهاء الرب كليًا للوجع، الألم، الصراخ، البكاء، المرض... إلخ:
"4 وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ" رؤيا 21.

مصادر الحزن والألم الذي بحسب مشيئة الله:
إن الحزن الذي بحسب مشيئة الله، يتفعل فينا كنتيجة لحزن الله في داخلنا. أو كنتيجة لأي حزن، نسلمه ليد الرب المُحب الحنان ونحن تائبين. حزن الله في داخلنا يظهر لأسباب عديدة يظهرها الكتاب. مثل الحزن على حالة العالم المتألم والمنكوب (لوقا 19: 41-44؛ رومية 12: 15)؛ حزن على النفوس الهالكة بسبب التمرد والخطية (رومية 9: 2)؛ حزن الرب في داخلنا على الخطية (أفسس 4: 30)... إلخ. هذا النمط من الحزن، هو حزن مقدس في داخلنا يعبر عن قلب الله المُحب والمتفاعل مع البشر. وهو بركة كبيرة لكل مؤمن يتجاوب معه.
سأستعرض نوعين من هذا الحزن:
(1) حزن بسبب وجوي في عالم ساقط وتحدياته:
مثل شعب إسرائيل الذين كابدوا ظلم عالم ظالم (خروج 1: 13-14)؛ أو صرخة مؤمن وسط مجتمع فاسد شرير؛ كصرخة حبقوق (1: 2) "أَصْرُخُ إِلَيْكَ مِنَ الظُّلْمِ"؛ أو حنة التي عانت من تعيير درتها فننة لها، لأنها عاقر (1 صموئيل 1: 6-10). أو المسيح ذاته الذي تألم ليس لسبب أي شر أو اثم، بل لأجل تواجه البار مع المجتمع الفاسق الشرير.
(2) حزن بسبب حياة الخطية والتمرد:
نعم عندما ابتعد عن الرب، وأعيش في الخطية، يحزن روح الله الساكن في داخلي على حالتي:
"30 وَلاَ تُحْزِنُوا رُوحَ اللهِ الْقُدُّوسَ الَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ الْفِدَاءِ" أفسس 4.
فالوحي حذر المؤمن بأن ما يزرعه سيحصده (غلاطية 6: 7-8)؛ وأيضًا الكثير من السلوكيات الخاطئة تطعن البشر بأوجاع كثيرة (1 تيموثاوس 6: 10)؛ شدة وضيق (رومية 2: 9).
لكن يجب أن نتذكر أنه لا يهم أي نوع حزن نمر به؛ المسيح قادر على افتداءه، وجعله حزن له هدف ومغزي لمجد الرب، كما تعلنا في النقطة السابقة؛ فيصبح أداة لمجد الرب، لتغيير حياتي وحياة من حولي.

القدس - 21/ 06/ 2025
باسم أدرنلي

232 مشاهدة