كنيسة بلا جدران

تعبير "عبرون الروح"

تشير عدد من الآيات في العهد الجديد إلى الروح القدس، وهو أقنوم من أقانيم الله، بتعبير "عربون الروح". 
لماذا يقول هذا؟ وما هو المقصود بهذا التعبير؟
يقول الوحي: "22 الَّذِي خَتَمَنَا أَيْضاً، وَأَعْطَى عَرْبُونَ الرُّوحِ فِي قُلُوبِنَا" 2 كورنثوس 1 (كذلك في: 5: 5)
أما وحي أفسس، فيضيف جزئية ستساعدنا على فهم مصطلح عربون الروح، فيقول:
"13.. الَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ، 14 الَّذِي هُوَ عُرْبُونُ مِيرَاثِنَا، لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى، لِمَدْحِ مَجْدِهِ." أفسس 1.
هناك نقاط عديدة في الآيات السابقة عن عمل الروح القدس فينا، لكن مصطلح "عربون الروح" بالتحديد في الآية، نراه مُشبَّه بالضمان الإلهي لنيل ملء الميراث السماوي الأبدي. والصورة المستخدمة للروح القدس هنا، هي قبض عربون. ومن ناحية قانونية، عندما تدفع عربون على شقة سكنية معينة بحسب عقد معين؛ لا يمكن أن تفقدها أبدًا حتى بدفع فقط العربون، طالما تلتزم بباقي بنود العقد المُتقف عليه. لكن العظيم في الموضوع هنا، هو أن المسيح هو من دفع، وأنت من قبضت!!!

قبل أن نشرح ما المقصود بقبض عربون الروح، نحتاج أن نوضح بعض الأمور:
بحسب 1 تسالونيكي 5: 23، نحن نتكون من روح، نفس وجسد. 
روح الإنسان: هو الكيان الروحي الذي في داخله، والذي يقوده ويشهد له عن وجود الخالق، وهو الذي يُمَكِّنَهُ أيضًا لفهم الخالق. يسميه وحي سفر الجامعة بـ "الأبدية" "وَأَيْضًا جَعَلَ الأَبَدِيَّةَ فِي قَلْبِهِمِ، الَّتِي بِلاَهَا لاَ يُدْرِكُ الإِنْسَانُ الْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُهُ اللهُ مِنَ الْبِدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ" (جامعة 3: 11). 
النفس: يشرحها وحي العهد الجديد بالمشاعر، الفكر، والإرادة (رومية 7: 13-25). هي هويتي، من أنا، مشاعري، آرائي، ما أحبه وما أكرهه، إراداتي، قراراتي...إلخ. النفس هي من تقود الروح والجسد على الأرض؛ لأن قرارتها تحدد مصير الإنسان الأرضي والأبدي. 
الجسد: معروف، هو الكيان الذي يعبر عن النفس والروح وينفذ إرادة النفس. 
عندما أقبل يد الله الممتدة لي من خلال خلاص الرب يسوع المسيح، يسكن في داخلي روح الله؛ وهو الله شخصيًا الذي أصبح متحدًا مع روحي بروحه. فتصبح روحي كاملة، مقدسة، لا يمكن أن تتنجس، ولا يمكن أن تنحرف؛ وحتى لو ابتعدت أنا عن الله؛ ستظل روحي تحث نفسي على طاعة الله، تتألم من الخطية، وتحاول أن تقود النفس دائمًا للتوبة وفِعل مشيئة الروح. روحي الإنسان المتحد مع روح الله، تستمر كل الوقت في حثه لترك الخطية والاقتراب من الله. هي ما يسميها وحي العهد الجديد، بـ "الإنسان الباطن"، نواة "الخليقة الجديدة"، "الحياة فينا". هي حبة الخردل الإلهية، التي يريدها الله أن تكبر وتنموا لتصير كالشجرة التي تختبئ في ظلها الطيور (متى 13: 31-23).

بعد هذه المقدمة، نأتي للجواب على سؤال معنى تعبير "عربون الروح":
عندما نموت، أو يعود المسيح بمجيئه الثاني، لن تتغير أرواحنا أبدًا، فهي أصبحت كاملة. ستظل كما هي إلى الأبد، ولهذا السبب يشير الوحي بتعبير منحنا عربون الروح. أي ما أخذناه، هنا على الأرض، الآن سلفًا من ميراثنا الأبدي – هو اكتمال أرواحنا وردها لطبيعتها المقدسة الكاملة الدائمة قبل سقوط آدم.
فبمجيء المسيح الثاني، لن تتغير إرواحنا إطلاقًا، لأنها أصبحت كاملة مقدسة طاهرة هنا على الأرض. ما سيتغير فيما بعد، هو نفوسنا وأجسادنا. نفوسنا ستصبح كاملة المعرفة، مقدسة، تشتهي بحسب مشيئة الله، ستعرف الله كما ينبغي، خالية تمامًا من المشيئات الشخصية الأثيمة، ممتلئة بالمجد الإلهي الكامل (1 كورنثوس 13: 10-13). وأيضًا اجسادنا المائتة الفانية الترابية، ستلبس الأجساد السماوية، حيث لا مرض، لا ألم، لا موت، لا وجع بل حياة إلهية جديدة في نعيم أبدي (1 كورنثوس 15: 51-54).
"4 وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ»." رؤيا 21.
نشكرك يا إلهي لأنك لن تعطينا شريعة جديدة فحسب، بل خلصتنا خلاصًا أكيدًا ومنحتنا حياة أبدية حقيقية. ولتأكيد هذا لنا، أعطيتنا عربون روحك ليُكَمِّل روحنا في داخلنا؛ لتظهر لنا نعمتك ومحبتك وأمانتك. 
مبارك أسم يسوع العظيم إلى دهر الدهور.

القدس - 21/ 06/ 2025
باسم أدرنلي

 
175 مشاهدة