كنيسة بلا جدران

سلطان الله على تعيين الحكام

الكتاب المقدس يعلمنا أن كل سلطان في أي أرض هو مرتب من الله. وعبارة "مرتب من الله" لا تعني أن الله موافق عليه أو أنه يستجيب لمشيئته. بل تعني أن الله الذي وهب البشر والشعوب إرادة حرة أدبية، يسمح لهم بأن يختاروا سلطة أو حكومة معينة، لهدف صالح له ولهم (أمثال 8: 15-16).  لذلك يطلب منا الله أن نحترم مُلكه وسيادته وترتيبه، ونخضع للسلطة الحاكمة وحتى لو كانت ظالمة (رومية 13: 1-7). إلا إذا طلب منا القادة السياسيون أو الحكومة أن نعمل شيء يعارض كلمة الله؛ عندها فقط يجب علينا ألا نخضع لهم، لأنه ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (أعمال 5: 29). وهذا ما فعلته القابلتان في خروج 1: 15-20، حين رفضتا أن تطيعا فرعون وتقتلا الأطفال الذكور المولودين للعبرانيين؛ وكيف كافأهما الله على هذا العمل (راجع أيضًا دانيال 3: 18 و6: 11-16).

والنص الأساسي الذي سنتناوله من العهد الجديد في هذا الموضوع، هو:
"1 لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، 2 حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً" رومية 13.
سنستطلع دراسة لغوية لكلمات المفتاح في الأحمر أعلاه:
الفائقة (ὑπερεχούσαις): (بمعنى: أعلى، أفضل، يفوق (في: 2: 3  3: 8  و4: 7  و1 بطرس 2: 3  يقول: "فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ"
سلطان: هي تعني أخذ السلطة لحكم دولة، أو أداء دور قانوني: " بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟" "أَنَا أَيْضًا إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ"
مرتبة (τεταγμέναι): معينة، مُعَدَّة، تكررت مثلا في: "وَآمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ" أعمال 13: 48. كالمعينين للحياة الأبدية، هكذا تعيين السلطة الحاكمة؛ بناء على منهاج إلهي.
متكررة أيضًا في: "2 .. رَتَّبُوا أَنْ يَصْعَدَ بُولُسُ وَبَرْنَابَا وَأُنَاسٌ آخَرُونَ مِنْهُمْ إِلَى الرُّسُلِ.." أعمال 15.
ترتيب (διαταγῇ فقط مرتين؛ نظام، تعيين) الثانية: " الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ (الذين قاموا بسنه)" أعمال 7: 53.

(1) كل سلطة حاكمة لا يمكن أن تتأسس دون إذن إلهي:

نحن نفهم النص كما فهمه الآباء، دون تأويل ولا تعطيل؛ كل سلطة حاكمة تعين بإذن إلهي، فجيب أن نخضع له، كما نرى من الآية أعلاه:
"1 لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ" رومية 13.
"13 فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ، 14 أَوْ لِلْوُلاَةِ فَكَمُرْسَلِينَ مِنْهُ لِلاِنْتِقَامِ مِنْ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَلِلْمَدْحِ لِفَاعِلِي الْخَيْرِ. 15 لأَنَّ هَكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ. 16 كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ. 17 أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ." 1 بطرس 2.
أحيانًا، الله يسمح للأشرار أن يحكموا، لسبب شر الشعب؛ كله تحت سلطان الله!
"12 وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَابِسَةً وَأَبِيعُ الأَرْضَ لِيَدِ الأَشْرَارِ (يسمح بقيام قادة أشرار)، وَأُخْرِبُ الأَرْضَ وَمِلأَهَا بِيَدِ الْغُرَبَاءِ (يسمح باحتلال الأرض وخرابها). أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ" حزقيال 30.
لكن لا يقدر أن يحكم أي إنسان دون إذن إلهي نهائي:
"27.. لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ" يوحنا 3.
"15 بِي تَمْلِكُ الْمُلُوكُ، وَتَقْضِي الْعُظَمَاءُ عَدْلاً 16 بِي تَتَرَأَّسُ الرُّؤَسَاءُ وَالشُّرَفَاءُ، كُلُّ قُضَاةِ الأَرْضِ" أمثال 8 (يتكلم عن الحكمة كأقنوم حي، لوغوس، أقنوم الكلمة)
"51 صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. 52 أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ" لوقا 1.

(2) مقاومة السلطة الحاكمة، هي مقاومة لترتيب الله:

"2 حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ (سنن) اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً (لهجة تحذيرية قوية جدًا!)" رومية 13.
"21 يَا ابْنِي، اخْشَ الرَّبَّ وَالْمَلِكَ. لاَ تُخَالِطِ الْمُتَقَلِّبِينَ (עִם-שׁוֹנִים, אַל-תִּתְעָרָב، المتذبذبين، المتمردين - وصف دقيق!)، 22 لأَنَّ بَلِيَّتَهُمْ تَقُومُ بَغْتَةً، وَمَنْ يَعْلَمُ بَلاَءَهُمَا كِلَيْهِمَا (لأن الدمار والبلاء اللذان ينتجه المتقلبون يكون فجئة؛ ونتيجتهما من يعلمها)" أمثال 24
"1 ذَكِّرْهُمْ أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينِ، وَيُطِيعُوا، وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ، 2 وَلاَ يَطْعَنُوا فِي أَحَدٍ (لا: يشتموا، يلعنو، يسيئوا، يشوهوا صورة.. أحد)، وَيَكُونُوا غَيْرَ مُخَاصِمِينَ، حُلَمَاءَ، مُظْهِرِينَ كُلَّ وَدَاعَةٍ لِجَمِيعِ النَّاسِ." تيطس 3

(3) الخضوع قائم لسلطة ظالمة أيضًا:

(1) الخضوع أسلم لنا، لكي نعيش حياة متفرغة للملكوت:
"3 فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفاً لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ 4 لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلَكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثاً إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ." رومية 13.
(2)  الخضوع ليس بسبب العواقب، بل خضوع قلبي لأجل الرب السائد عليهم:
5 لِذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً بِسَبَبِ الضَّمِيرِ
(3) الخضوع ليس للسلطة الصالحة فقط، بل للظالمة أيضًا:
6 فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هَذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ (φόρος، الضريبة التي تؤخذ من مواطن محتل، درجة ثانية، لوقا 20: 22 "أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟") أَيْضاً إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذَلِكَ بِعَيْنِهِ. 7 فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ (τέλος) لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ" رومية 13
أيضًا الخلفية التاريخية لنص رومية 13، هو الفترة ما بين كلاوديوس، ونيرون (49-68 م)، وهي فترة ظلم سياسي كبير، خاصة للمسيحيين!

(4) لا نخضع، فقط عندما يُطلب منا شيء ضد مشيئة الله:

الخضوع لا يعني الموافقة، بل احترام السلطة العليى – سلطان الله. 
لكن عندما يُطلب منا شيء ضد سلطة الله، نرفض الخضوع:
"29 فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَالرُّسُلُ وَقَالُوا: «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ" أعمال 5.
الله لم يقل لا تطيعوا الناس، بل تطيعوا الله أكثر من الناس:
أما عندما نتواجه مع أمور مجتمعية لا تتضارب مع كلمة الله؛ يجب أن لا نتصادم بها مع المجتمع. لأن حكمة الله هي "مذعنة" أي مطاوعة (يعقوب 3: 17)؛ وليس متصادمة. لذلك يقول:
"17 لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ" رومية 12.
"21 مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ، لَيْسَ قُدَّامَ الرَّبِّ فَقَطْ، بَلْ قُدَّامَ النَّاسِ أَيْضًا" 2 كورنثوس 8.

لماذا يجب أن يتدخل الله في النظام الذي خلقه للإنسان؟

تدعي مسيحية اللبرالية والمسيحية التقدمية؛ أن الله خلق نظام الحكم ذاته فقط والحكومات، وضع الإنسان فيه، ولا يتدخل في النظام وفي من يحكم. من يحكم هو اختيار الإنسان وممارسته لإرادته الحرة في اختيار الحكام. ويجب التعامل مع هذه القضية في إطار العالم وأنظمته، دون أن يكون لله أي علاقة بالموضوع. طبعًا مبتدعي هذا الفكر، غربيين، يفترضون أن جميع شعوب العالم لها قول أو إرادة حرة لاختيار الحاكم!! فهذا افتراض غير موجود في أكثر من ثلثي دول العالم. لكن من جهة النظام، طبعًا الله وضع نظام للخليقة والإنسان، كما نرى من المقالات السابقة عن سلطان الله، بحسب العهد الجديد. وهذا النظام ينقسم لجانبين. 
النظام البيولوجي للطبيعة:
"22 أَنَا الَّذِي وَضَعْتُ الرَّمْلَ تُخُومًا لِلْبَحْرِ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً لاَ يَتَعَدَّاهَا، فَتَتَلاَطَمُ وَلاَ تَسْتَطِيعُ، وَتَعِجُّ أَمْوَاجُهُ وَلاَ تَتَجَاوَزُهَا." إرميا 5.
"5 لِتُسَبِّحِ اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ (الخليقة المادية)، 6 وَثَبَّتَهَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ، وَضَعَ لَهَا حَدًّا فَلَنْ تَتَعَدَّاه" مزمور 148.
"10 أَمَّا الرَّجُلُ فَيَمُوتُ وَيَبْلَى. الإِنْسَانُ يُسْلِمُ الرُّوحَ، فَأَيْنَ هُوَ؟" أيوب 14.
فالإنسان خاضع لنظام الله البيولوجي رغم أنفه؛ مع الوقت، سيهرم، سيكبر، وبعد سنين معينة سيموت. لن يقدر أن يتلاعب أو ينتهك هذا النظام أبدًا.
والنظام السلوكي الأخلاقي:
وأكيد الله وضع نظامًا سلوكيًا غرائزيًا للحيوان، وسلوكيًا وأخلاقيًا للإنسان؛ ابتداءً من آدم إلى اليوم. لكن الإنسان غير ملتزم فيه، من آدم إلى اليوم!! 
أولا، الإنسان غير خاضع لنظام الله السلوكي والأخلاقي:
طبعًا الله خلق فعلا نظام، والعالم سائر عليه؛ لكن المشكلة هي أن جميع الخلائق تتبع نظام الله السلوكي، ما عدا الإنسان. الإنسان متمرد على نظام الله السلوكي والخلقي أيضًا، فكيف يتركه تحت نظام غير ملتزم فيه، دون أن يتدخل في النظام ويدير العالم!؟ الحيوان خاضع لإطار محدد من السلوكيات لا يمكن أن يحيد عنها. لا يمكن أن يأتي خروف ويدعي أنه غزال مثلا! لا يمكن أن يدعي أسد ذكر، أنه لبؤة (إنثى)! لا يمكن أن يخترع خروف سلاح فتاح، يقتل فيه مليون حيوان آخر!!! أما الإنسان، فكسر كل القواعد السلوكية والأخلاقية التي وضعها الله، فكيف من ناحية منطقية يمكن أن يتركه الله حر تحت نظام، هو أصلا غير ملتزم فيه!؟
هل هذه صورة لكائن يقدر أن يُتْرَك تحت نظام فقط، دون تدخل الله؟
"12 الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ 13 حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ 14 وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً. 15 أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ 16 فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسُحْقٌ 17 وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. 18 لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ»." رومية 3.
ثانيًا، الإرادة الحرة لإنسان، أحيانًا تسلب إرادة إنسان آخر!!
إن المسيحيين اللبراليين والمسيحية التقدمية، يَدَّعون أن الله خلق للعالم نظام، ووهب للإنسان إرادة حرة أدبية؛ والنظام سائر دون تدخل الله. لكن المشكلة المنطقية الثانية هنا؛ ماذا سيفعل الله إذا إرادتي الحرة تحرم إنسان آخر من ممارسة إرادته الحرة!! فمثلا عندما يقتل إنسان، إنسان آخر؛ هل سأله إذا يريد أن تُنهى حياته، وبهذه الطريقة؟ لا، بس سلبه الحق في تقرير مصيرة، وممارسة إرادته الحرة، عن طريق جريمة حرمانه من أن يعيش حياته التي وهبه إياها الله!
"29 اُنْظُرْ. هذَا وَجَدْتُ فَقَطْ: أَنَّ اللهَ صَنَعَ الإِنْسَانَ مُسْتَقِيمًا، أَمَّا هُمْ فَطَلَبُوا اخْتِرَاعَاتٍ كَثِيرَةً" جامعة 7.
ونرى أشعياء يتكلم عن هذه القضية، في أصحاح نبوءة مشروع الخلاص الإلهي، وأسبابه؛ الذي يطرحه في إشعياء 59:
"(لمحة عن وصف حالة العالم الشرير المتمرد على نظام الله) 4 لَيْسَ مَنْ يَدْعُو بِالْعَدْلِ، وَلَيْسَ مَنْ يُحَاكِمُ بِالْحَقِّ. يَتَّكِلُونَ عَلَى الْبَاطِلِ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ. قَدْ حَبِلُوا بِتَعَبٍ، وَوَلَدُوا إِثْمًا. 5 فَقَسُوا بَيْضَ أَفْعَى، وَنَسَجُوا خُيُوطَ الْعَنْكَبُوتِ. الآكِلُ مِنْ بَيْضِهِمْ يَمُوتُ، وَالَّتِي تُكْسَرُ تُخْرِجُ أَفْعَى. 6 خُيُوطُهُمْ لاَ تَصِيرُ ثَوْبًا، وَلاَ يَكْتَسُونَ بِأَعْمَالِهِمْ. أَعْمَالُهُمْ أَعْمَالُ إِثْمٍ، وَفَعْلُ الظُّلْمِ فِي أَيْدِيهِمْ. 7 أَرْجُلُهُمْ إِلَى الشَّرِّ تَجْرِي، وَتُسْرِعُ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ الزَّكِيِّ. أَفْكَارُهُمْ أَفْكَارُ إِثْمٍ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسَحْقٌ. 8 طَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ، وَلَيْسَ فِي مَسَالِكِهِمْ عَدْلٌ. جَعَلُوا لأَنْفُسِهِمْ سُبُلاً مُعْوَجَّةً. كُلُّ مَنْ يَسِيرُ فِيهَا لاَ يَعْرِفُ سَلاَمًا.(وهنا يعلن إشعياء، أن الصديقين، سُلبت حقوقهم وانتُهِكَت، بسبب ممارسة الأشرار لإرادتهم "الحرة"؛ التي اغتصبت إرادة الصديقين في الكثير من جوانب الحياة!!) 9 مِنْ أَجْلِ ذلِكَ ابْتَعَدَ الْحَقُّ عَنَّا، وَلَمْ يُدْرِكْنَا الْعَدْلُ. نَنْتَظِرُ نُورًا فَإِذَا ظَلاَمٌ. ضِيَاءً فَنَسِيرُ فِي ظَلاَمٍ دَامِسٍ" إشعياء 59.

في الخلاصة نقول:
* الله وضع نظامًا للعالم، فيه يحكم حكام دول معينة؛ يختارهم الناس أو جزء من الناس بطرق عديدة.
* لا تقدر أن تحكم أي قيادة سياسية دون إذن إلهي، كما قال المسيح لبيلاطس: "لَمْ يَكُنْ لَكَ عَلَيَّ سُلْطَانٌ الْبَتَّةَ، لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيتَ مِنْ فَوْقُ" (يوحنا 19: 11).
* احترامًا لسلطان الله السائد عليهم، نحن نحترم سلطانهم. وطبعًا هذا لا يعني أننا يجب أن نوافق على سياساتهم. بل ولائنا الأعلى هو لملكوت الله وتعليمه في وحيه.
* إذا أمرتنا الدولة أن نعمل شيء يتضارب مع إيماننا؛ يجب أن نطيع الله ولا نقبل أي تعليمات تتضارب مع أخلاقياته.
* الله يتدخل في إطار النظام السياسي الذي نعيش فيه، عن طريق صلواتنا وأدعيتنا، وشهادتنا عنه.

القدس - 14/ 06/ 2025
باسم أدرنلي

204 مشاهدة