كنيسة بلا جدران

حتمية شفاء شعب الرب الذي يمر في ألم

إرسالية المسيح هي إرسالية شفاء، خاصة لنفس المؤمنين به:
أول مرة يعلن المسيح فيها إرساليته لخلاص وشفاء البشرية، كان في الناصرة؛ وطُلب منه أن يقرأ من نص (أشعياء 61: 1-2)، والنص يقول الآتي:
"18 رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ.." لوقا 4.
بعد قراءة النص، أكد المسيح لليهود، أن هذه النبوءة تمت في ذلك اليوم:
"21 فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ»" لوقا 4.
إذا هذه هي إرسالية المسيح، فعبارة "لأشفي المنكسري القلب"، واضح أنها تتكلم عن شفاء النفس وليس الجسد.
فلماذا لا نقدر أن نتمتح بشفاء االمسيح لنقوسنا؛ ونجد نفوسنا الكثير من المرات بشكل مزمن مليئة بالألم، التذمر، الغضب، المرارة، والشعور بالخذلان من الرب!!
وإن لم نتمتع نحن أتباع المسيح بهذا الشفاء لنفوسنا، كيف يرسلنا الرب برسالة شفاء لشعبنا؟
وقالها الرب في القديم، ما هو عذركم على أن نفوسكم غير مشفية!!
"22 أَلَيْسَ بَلَسَانٌ فِي جِلْعَادَ، أَمْ لَيْسَ هُنَاكَ طَبِيبٌ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تُعْصَبْ بِنْتُ شَعْبِي؟" إرميا 8.
فالمسيح يريد أن يشفي ويطهر نفوسنا من كل الإعاقات التي اكتسبناها من حياتنا القديمة ومن مسيرنا في هذا العالم:
"11 وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا" 1 كورنثوس 6.
المسيح لم يأتي ليرقع حالتنا، بل ليشفينا شفاءً جذريًا!
"13 وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى" عبرانيين 12.

كيف يشفي الرب نفوسنا كمؤمنين؟
شفاء الرب لنفس المؤمن، يأتي كنتيجة لرؤيا سليمة من المؤمن للمشهد الإلهي لما يحدث. فعندما أنحصر بما أراه أنا يحدث على الأرض والخراب والظلم وغيره؛ ولا أرى حالتي وأرضي وشعبي من منظار الله. سأرى صورة مشوهه، مما سيصيبني بالإحباط والفشل ولن أحقق مشيئة الله في حياتي ودعوتي. لكن عندما الله يساعدني ويلهمني بأن أرى الأمور من منظار الله؛ عندها يتم شفاء نفسي، وحتى لو لم يتغير واقعي نهائيًا. 
سنأخذ أمثلة كتابية توضح لنا هذا المبدأ:

شهادة الرسول بولس:
فبولس عندما أصيب بشوكة في الجسد (نوع من أنواع الضعف أو المرض، لا نعرف ما هو بالضبط)، وصلى بخصوصها للرب ثلاث مرات، لكن الرب لم يشفيه. بعدما صلى لأجل هذا الموضوع، أخبره الرب لماذا لا يريد أن يشفيه:
"7 وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ لِيَلْطِمَنِي، لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ (هنا يشارك سبب الشوكة في الجسد، بعدما رأى القضية من منظار الله "لئلا أرتفع") 8 مِنْ جِهَةِ هذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. 9 فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ 
فلم تشف الشوكة، لكن نفسه شفيت، لأنه رأى المشهد والحالة بعيون الله. فعرف لماذا الله وهبه هذه الشوكة، التي تبين له أنها نعمة على حياته وليست نقمة. عندها قال!
10 لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ" 2 كورنثوس 12.
هذه صورة لنفس قبلت الشفاء، دون حدوث أي تغيير في الحالة؛ هل هناك عقل بشري سليم ممكن أن يقول أسر الشتائم والضيقات مثلا!! إنه عقل يرى أبعد من العالم المادي؛ يرى ما يراه الله.

شهادة النبي حبقوق:
نرى نفس الشيء يحدث للنبي حبقوق، عندما يصرخ من ألمه بسبب الظلم الذي كابده شعب إسرائيل من البابليين. ولنهاية السفر، لم يحدث أي تغيير على حالته أو حالة شعبه. فيطلب منه الرب أن يقوم بما يطلبه منه؛ وينتظر تدخله بإيمانه بوعد الله له أن سيتدخل في وقته!
"2 حَتَّى مَتَى يَا رَبُّ أَدْعُو وَأَنْتَ لاَ تَسْمَعُ؟ أَصْرُخُ إِلَيْكَ مِنَ الظُّلْمِ وَأَنْتَ لاَ تُخَلِّصُ؟ 3 لِمَ تُرِينِي إِثْمًا، وَتُبْصِرُ جَوْرًا؟ وَقُدَّامِي اغْتِصَابٌ وَظُلْمٌ وَيَحْدُثُ خِصَامٌ وَتَرْفَعُ الْمُخَاصَمَةُ نَفْسَهَا 4 لِذلِكَ جَمَدَتِ الشَّرِيعَةُ وَلاَ يَخْرُجُ الْحُكْمُ بَتَّةً، لأَنَّ الشِّرِّيرَ يُحِيطُ بِالصِّدِّيقِ، فَلِذلِكَ يَخْرُجُ الْحُكْمُ مُعْوَجًّا" حبقوق 1.
وفي الأصحاح 2، يوضح له ماذا يريده أن يعمل، ويطلب منه أن ينتظر بإيمان وثقة (2: 1).
وبعدما يسمع وعد الرب، وكيف يرى الأمور، وكم هو مبارك ومحمول في وقت الضيق هو والشعب، قال:
"17 فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ، 18 فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي 19 اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي، وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَالأَيَائِلِ، وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي.." حبقوق 3.
بكلمات أخرى، لو كل شيء انقلب رأسًا على عقب في حياتي وحياة شعبي، وكل حياتي أصبحت مآسي؛ فأنا أفرح بوجود الرب في حياتي وبمسيري معه! فكثيرًا ما ننسى أن هدف الرب هو ليس أن أنجز إنجازات، وليس أن أخدمه؛ فهو في النهاية لا يحتاج لخدمتي! هدف الرب الأساسي هو أن أختبر حضوره في حياتي، وأختبر مسيري معه، لكي أرى عمله حولي ومن خلالي وأعرفه أكثر وأكثر؛ وأتغير بحسب صورة المسيح أكثر وأكثر.

شهادة آساف، وغيرته من "نجاح" الأشرار!!
نرى الصديق آساف، في وقت ضعف خطفه مشهد الأرض؛ وبدأ ينظر للعالم بنظاره البشري، وفقد الرؤيا الإلهية للعالم!
يشارك آساف المؤمنين، من خلال مزمور 73، ليتعلموا من خلال اختباره كيف انحرف عن رؤية الأمور من منظار الله؛ لدرجة أنه بدأ أن يغار من الأشرار! 
* لأنه رأى أن حياتهم سهلة، سعيدين، لا يتعبون، ليس عندهم هموم، متلذذين بالأطياب والمذات؛ وهم يعيشون في هذه الراحة مدى الحياة!! (ع 3-12).
* حتى وصلت به الحالة لأن يندم على أنه آمن بالرب (ع 13)! وبالمقابل، رأى نفسه مبتليًا وحياته صعبة وقاسية!!
* لم يتجرأن أن يقول هذا لأحد، لئلا يعثر الجيل القادم (ع 14)؛ ولم يستطع أن يفهم هذه المعضلة، مهما حاول بعقله وبرؤيته (ع 15).
* إلى أن دخل لمحضر الله، وبدأ يرى الأمور من منظار الله:
"17 حَتَّى دَخَلْتُ مَقَادِسَ اللهِ، وَانْتَبَهْتُ إِلَى آخِرَتِهِمْ. 18 حَقًّا فِي مَزَالِقَ جَعَلْتَهُمْ. أَسْقَطْتَهُمْ إِلَى الْبَوَارِ. 19 كَيْفَ صَارُوا لِلْخَرَابِ بَغْتَةً! اضْمَحَلُّوا، فَنُوا مِنَ الدَّوَاهِي. 20 كَحُلْمٍ عِنْدَ التَّيَقُّظِ يَا رَبُّ، عِنْدَ التَّيَقُّظِ تَحْتَقِرُ خَيَالَهُمْ" المزامير 73.
* بعدها يتعلم الدرس، ويشاركه معنا لنتعلمه:
"24 بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي، وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي. 25 مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئًا فِي الأَرْضِ. 26 قَدْ فَنِيَ لَحْمِي وَقَلْبِي (أي عندما أفنى وأنتقل من العالم). صَخْرَةُ قَلْبِي وَنَصِيبِي اللهُ إِلَى الدَّهْرِ. 27 لأَنَّهُ هُوَذَا الْبُعَدَاءُ عَنْكَ يَبِيدُونَ. تُهْلِكُ كُلَّ مَنْ يَزْنِي عَنْكَ (يتركك، ويذهب وراء ملذات الحياة). 28 أَمَّا أَنَا فَالاقْتِرَابُ إِلَى اللهِ حَسَنٌ لِي. جَعَلْتُ بِالسَّيِّدِ الرَّبِّ مَلْجَإِي، لأُخْبِرَ بِكُلِّ صَنَائِعِكَ" المزامير 73.
ما الذي تغير في حياة آساف؟ 
لا شيء إطلاقًا؛ سوى أنه انتقل من رؤيته البشرية للأرض والتحديات؛ لرؤيته الله للأرض، للذين يتبعونه، وحقيقة واقع البشر البعداء عنه!

تحقيق "العدالة" بحسب تعريف العالم، هي ليس رسالة الكنيسة:

لأسباب كثيرة لا يمكن للأرض أن تعرف العدل بحسب المنظور الإلهي؛ دون أن تعرف إله العدل نفسه!!!
"9 .. لأَنَّهُ حِينَمَا تَكُونُ أَحْكَامُكَ فِي الأَرْضِ يَتَعَلَّمُ سُكَّانُ الْمَسْكُونَةِ الْعَدْلَ" إشعياء 26.
لذلك هدف الله الأساسي من جهة الإنسان، أن يعرفه:
"24 بَلْ بِهذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ، لأَنِّي بِهذِهِ أُسَرُّ، يَقُولُ الرَّبُّ" إرميا 9.
أي أن العدالة بحق الأرض، يجب أن تكون مؤسسة على العدالة بحق الخالق "بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي"؛ عن طريق قبول يد الله الممتدة للإنسان بواسطة المًنْقِذ يسوع المسيح.

الله يخبرنا أنه لن يكون عدالة على الأرض، بل بالعكس، ظلام وشر؛ ونحن نور المسيح للعالم المظلم:
"2 لأَنَّهُ هَا هِيَ الظُّلْمَةُ تُغَطِّي الأَرْضَ وَالظَّلاَمُ الدَّامِسُ الأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ الرَّبُّ، وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى 3 فَتَسِيرُ الأُمَمُ فِي نُورِكِ، وَالْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ" أشعياء 60.
لذلك رسالتنا هي شفاء المسيح لنفوس البشر؛ من الخطية والموت أولا. عن طريق إشعاع نور المسيح للعالم المظلم من خلالنا:
"14 أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَل، 15 وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ" متى 5.

نحن جسد المسيح على الأرض، نقدم شفاء المسيح لمنكسري القلوب:
"4 الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ 5 لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا 6 فَإِنْ كُنَّا نَتَضَايَقُ فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمُ، الْعَامِلِ فِي احْتِمَالِ نَفْسِ الآلاَمِ الَّتِي نَتَأَلَّمُ بِهَا نَحْنُ أَيْضًا. أَوْ نَتَعَزَّى فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمْ" 2 كورنثوس 1.
عدد 4، يقول أن الله يعطينا تعزية، حتى نستطيع أن نعزي الآخرين، الذين يمروا في نفس التحديات. مَنْ لا يتعزَّى لا يقدر أن يُعزِّي غيره!

لماذا لم تُشفى كنيستي يقول الرب؟
كأن الله بأسف يتسائل قديمًا وحديثًا قائلا: "ما هو عذركم يا كنيستي الفلسطينية بأنه لا يوجد شفاء في قلوبكم؟ ألم أقدم لكم الشفاء مجانًا كنعمة سماوية من نصيب كل مؤمن!؟"
"22 أَلَيْسَ بَلَسَانٌ فِي جِلْعَادَ، أَمْ لَيْسَ هُنَاكَ طَبِيبٌ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تُعْصَبْ بِنْتُ شَعْبِي؟" إرميا 8.

من علامات عدم الشفاء: 

1- عدم الصفح:
"32 فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ إِلَيَّ. 33 أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضًا تَرْحَمُ الْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟. 34 وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. 35 فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَّلاَتِهِ» (هذه أخطر آية في العهد الجديد لكل مؤمن؛ تأمل بها وافهمها!!)." متى 18.

2- نهج وضع الملومة على الأخرين!
ولعل أكبر مثال على هذه الظاهرة، هو الادعاء الدائم للقادة المسيحيين في الأرض المقدسة: "الاحتلال الإسرائيلي، هو السبب لتناقص المسيحيين في أراضي 1967 المحتلة!!"، مع أن الادعاء غير منطقي، فالاحتلال أيضًا على المسلم، فمن المفترض أن يتناقص الاثنين معًا، عدد المسيحيين والمسلمين، وبنفس النسبة!! لكن القضية الهامة هنا، أين مسؤولية الكنائس نفسها؟ هل هناك مَنْ يقول: "يا رب سامحنا، قصرنا في عملنا، ولم نعلم أولادنا الإيمان الحياتي الحقيقي وتبعية المسيح الجدية! لم نعلم رعيتنا أن يحبوا المسلمين ويشهد لهم عن الخلاص، ويبشروهم. سامحنا لم نصلي لأرضنا وشعبنا بشكل كافي..إلخ." هل هناك من يقول كما قال يونان النبي: "بِسَبَبِي هذَا النَّوْءُ الْعَظِيمُ عَلَيْكُمْ" يونان 1.
إذا وعد المسيح وقال أن أبواب الجحيم لن تقوى على كنيسته، هل يعقل أن يقوى عليها احتلال واضطهاد!!؟
لكن للأسف، لا يشهد تاريخ كنيسة فلسطين روح تائبة من قبل قادتها الروحيين واعتذارهم للرعية على تقصيرهم، وتعليم الرعية التوبة، الانكسار، والمحبة!! 

3- النظرة الفريسية – "لست مثل باقي الناس":
وهي رؤية أنها أفضل وأقدس من غيرها، كونها تشعر مع شعبها الفلسطيني، أكثر من مُعظم كنائس أمريكا مثلا؛ لأنهم يقفون أكثر مع إسرائيل!! وهذه روح فريسيه!
"11 أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ." لوقا 18.
في الواقع، الموقفين خطأ، فنحن جميعًا خطاة ولا أحد يقدر أن يفتخر على أحد؛ أو يحكم على أحد. كلمة الله تواجهنا أولا وآخرًا مع ذاتنا؛ ولا تظهر لنا فقط أخطاء الآخرين!!! عندما أنظر لإنتاج كتب كنيسة فلسطين، ومروجي ضلالة "العدل" أبكي!! معظم خطابها موجه للآخر، معظمها باللغة الإنكليزية، وكأنهم يظنون أن رعيتهم ختموا الإيمان والكتاب!! بقي عليم فقط تثقيف العالم الغربي عن الإيمان "الصحيح"؛ ضلال خالص!!

4- عقلية الضحية ورفض الألم:
الله يعلمنا أن الألم هو جزء لا يمكن فصله عن المؤمن بالمسيح:
"7 فَرَجَاؤُنَا مِنْ أَجْلِكُمْ ثَابِتٌ. عَالِمِينَ أَنَّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ شُرَكَاءُ فِي الآلاَمِ، كَذلِكَ فِي التَّعْزِيَةِ أَيْضًا" 2 كورنثوس 1.
فرسالة المسيح للعالم هي رسالة شفاء وتعزية. أيضًا كل تعاليم المسيح، خاصة الموعظة على الجبل، تخرج الإنسان المتألم والمضطهد من عقلية الضحية. فيعلمنا أن نفرح بالاضطهاد مثلا! يعني يقول لنا، أنت لست ضحية!
"11 طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. 12 اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ" متى 5.
يعلمنا أن الظالم هو الضحية وليس أنت!
"39 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40 وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41 وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42 مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ" متى 5.
هذه آيات تعلم المؤمن المضطهد المظلوم: "أنت لست مسكين، وأنت لست ضحية؛ مُضطَهِدك هو الضحية، المسكين؛ هو الذي يحتاج لرحمة الله وخلاصه. أنظر له بنظرة الرحمة؛ صلي لأجله..."

5- عدم الشكر:
عندما يكون صعب على الكنيسة أن تشكر الرب وسط الضيقات؛ هذه أيضًا علامة على عدم الشفاء. 
"18 اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ" 1 تسالونيكي 5.
"21 أُرَدِّدُ هذَا فِي قَلْبِي، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَرْجُو: 22 إِنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ 23 هِيَ جَدِيدَةٌ فِي كُلِّ صَبَاحٍ. كَثِيرَةٌ أَمَانَتُكَ 24 نَصِيبِي هُوَ الرَّبُّ، قَالَتْ نَفْسِي، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَرْجُوهُ" مراثي 3.
لم أسمع ولا مرة صلاة كنيسة في فلسطين تقول مثلا: 
"أشكرك يا رب لأنك سمحت بالاحتلال الإسرائيلي، لأنك ستتمجد من خلاله في أرضنا وتخلص نفوس كثيرة بسببه؛ وذلك بحسب وعدك، أنه كل الأشياء تعمل معًا للخير..."
فالرب في النهاية يا أعزائي، لا يريدنا أن نطلب الأرض؛ بل أن نطلب الرب نفسه؛ هل تعتقد أن الله قلق ليلاً نهارًا على أرض فلسطين أم شعب فلسطين!!؟
"5 وَلاَ تَطْلُبُوا بَيْتَ إِيلَ وَإِلَى الْجِلْجَالِ لاَ تَذْهَبُوا وَإِلَى بِئْرَ سَبْعٍ لاَ تَعْبُرُوا. لأَنَّ الْجِلْجَالَ تُسْبَى سَبْياً وَبَيْتَ إِيلَ تَصِيرُ عَدَماً. 6 اُطْلُبُوا الرَّبَّ فَتَحْيُوا لِئَلاَّ يَقْتَحِمَ بَيْتَ يُوسُفَ كَنَارٍ تُحْرِقُ وَلاَ يَكُونُ مَنْ يُطْفِئُهَا مِنْ بَيْتَ إِيلَ 7 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ يُحَوِّلُونَ الْحَقَّ أَفْسَنْتِيناً وَيُلْقُونَ الْبِرَّ إِلَى الأَرْضِ»." عاموس 5.

لذلك أؤمن أن الشفاء الإلهي التام لقلب المؤمن العربي والفلسطيني، هو شيء لا بد منه للكنيسة من جميع الآلام التي مر ويمر بها؛ من حروب، دماء، احتلال، تشتت، لجوء، فقدان الأرض والممتلكات والحقوق...إلخ؛ وأؤمن أن المسيح وعدنا بالشفاء. طبعًا نحن بشر ومن الطبيعي أن نتعرض لجراج بسيرنا في هذا العالم الشرير؛ لكن يجب أن نطلب من المسيح الشفاء الدائم لنفوسنا. هلم نتوب ونطلب من الرب أن يشفي قلوبنا، لنستطيع أن نخدمه ونذهب بإرسالية شفاء لشعبنا ولمشاركة إختبارنا إلى أقاصي الأرض.

القدس - 12/ 06/ 2025
باسم أدرنلي

 
216 مشاهدة