آلام الكنيسة، هي جزء من دعوة المسيح
طبعًا لا أحد منا يحب الآلام والصعوبات والاضطهادات؛ وأيضًا الله لا يرد أن نمر في صعوبات وضيقات. لكن السبب لاختبارنا للضيقات والصعوبات، ونحن نسير في حياة الإيمان، هو وجودنا في عالم شرير ضد المسيح والمؤمنين به. هذا الذي يجعل حياتنا الإيمانية صعبة، وليس الله:
"19 نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ" 1 يوحنا 5.
لذلك قال المسيح:
"13 اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! 14 مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!" متى 7.
إذًا الله ليس إله سادي (والعياذ بالله) ليخلصنا ويجعلنا نعاني ونتألم في العالم!! لكن وجودنا في عالم ضد الله والمسيح، هو الذي يجعلنا نعاني. فنكون كمن يسبح ضد تيار النهر! إذا كان العالم بمعظمه سيذهب من الطريق الواسع، كما تقول الآية أعلاه، إذا لأننا نسبح ضد تيار نهر العالم هنا على الأرض، تكون حياتنا صعبة. لكن قلوبنا ستكون ممتلئة دائمًا بسلام المسيح. لذلك قال المسيح:
"33 قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ»" يوحنا 16.
والمسيح أيضًا كان المثال الكامل لنا؛ هذا ما حدث له، وهذا ما حذرنا منه:
"20 اُذْكُرُوا الْكَلاَمَ الَّذِي قُلْتُهُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ. إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ حَفِظُوا كَلاَمِي فَسَيَحْفَظُونَ كَلاَمَكُمْ" يوحنا 16.
إذا نتألم كأفراد وككنيسة في هذا العالم، ليس لأن الله يريد ذلك؛ بل لأن معظم العالم وأهل العالم، سائرين في الطريق الذي ضد الله والمسيح.
إذًا بالآيات السابقة وآيات كثيرة جدًا، المسيح ينبهنا بها أننا ينبغي أن نجتاز آلام في هذا العالم، كأفراد وككنيسة.
فهناك آيات تؤكد أن الآلام جزء من دعوة المؤمن كفرد:
"24.. إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ يحمل صليبه ويتبعني.." متى 16
وآيات تؤكد أن الآلام جزء من دعوة الكنيسة:
"21 لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ" 1 بطرس 2.
"1 فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ.." 1 بطرس 4.
"12 وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ" 2 تيموثاوس 3.
لذلك نحتاج أن ندرك أن الآلام للكنيسة هي جزء لا يتجزأ من دعوة المسيح لكل من يتبعه بأمانة. وطبعًا هي ليست شيء مُسِرَ، ولا أحد يحب الاضطهاد والآلام. لكن من خلال آلام المسيح فينا لأجل العالم المتمرد، يحقق المسيح ملكوته على الأرض.
عدم إدراكنا لقصد الله من رواء الألم، قد يجعلنا غير مؤثرين في ملكوت الله. وقبولنا أو رفضنا للأم والتجارب التي يسمح الله بها على حياتنا، يؤثر على حياتنا بعدة جوانب:
الروح الرافض للاضطهاد، قد يؤول للرياء والضلال!!
"12 جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَرًا حَسَنًا فِي الْجَسَدِ، هؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَطْ" غلاطية 6.
لأن الله يستخدم الضيقات والآلام، لكي يُطَهِّر المؤمن:
"1 فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ" 1 بطرس 4.
وقرار المؤمن الرافض للتطهير، هو قرار البقاء في حياة الشقاء والضعف، بعيدًا عن حياة الانتصار.
عندما نقرر طوعيًا أن نجتاز الضيق، نتقوى وننجح:
وأفضل نص ممكن أن نستعرضه في هذه القضية هو مزمور 66:
"10 لأَنَّكَ جَرَّبْتَنَا يَا اَللهُ. مَحَصْتَنَا كَمَحْصِ الْفِضَّةِ.11 أَدْخَلْتَنَا إِلَى الشَّبَكَةِ. جَعَلْتَ ضَغْطًا عَلَى مُتُونِنَا. 12 رَكَّبْتَ أُنَاسًا عَلَى رُؤُوسِنَا. دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ، ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ" المزامير 66.
نلاحظ أن الثلاث آيات السابقة، تنقسم إلى 4 أقسام؛ سأورد الأربعة أقسام، ومع كل قسم، الشرح عنها:
(1) هدف الله النهائي من الضيقات:
"10 لأَنَّكَ جَرَّبْتَنَا يَا اَللهُ. مَحَصْتَنَا كَمَحْصِ الْفِضَّةِ"
أي أن الامتحانات الصعبة التي يمتحننا بها الرب، أو الضيقات التي يسمح بها على حياتنا؛ يشبهها بتنقية الفضة "كمحص الفضة"، لينقينا من شوائب إنساننا العتيق. هذا هدفه النهائي منها.
(2) سماح الله لنا باجتياز الضيقات:
"11 أَدْخَلْتَنَا إِلَى الشَّبَكَةِ. جَعَلْتَ ضَغْطًا عَلَى مُتُونِنَا. 12 رَكَّبْتَ أُنَاسًا عَلَى رُؤُوسِنَا.."
جميع الأفعال السابقة في الأحمر، عملها الله لنا، أو سمح الله بها في حياتنا!
(3) قرارنا، بأن نتنقى ونتقوى:
"11.. دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ.."
هذا الفعل، "دخلنا"، هو الوحيد الذي بيدنا نحن في الآيات! إذا قررنا أن نتوب ونتنقى بنار التقديس؛ وبعدها نتقوى بماء الذي يُقَسِّينا، "دخلنا في النار والماء". فعندما يريد الحداد أن يُقَسِّي السيف؛ يحميه في النار، ومن ثم بشكل سريع، يغطسه في الماء، فيتقسى!!
(4) قرار الله بإخراجنا إلى النجاح والإثمار:
"11.. ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ"
بعد قررنا الطوعي بأن نتقدس ونتقوى بواسطة التجارب الصعبة؛ الله ينقذنا من الضيق، بفعل هو يفعله "أخرجتنا"؛ فيخرجنا لأرض الانتصارات والإثمار، وندخل لراحة الرب وموكب نصرته في المسيح يسوع، كل حين.
تجنب الاضطهاد والبحث عن إرضاء شعبي، يفقدني دعوتي:
"10 أَفَأَسْتَعْطِفُ الآنَ النَّاسَ أَمِ اللهَ؟ أَمْ أَطْلُبُ أَنْ أُرْضِيَ النَّاسَ؟ فَلَوْ كُنْتُ بَعْدُ أُرْضِي النَّاسَ، لَمْ أَكُنْ عَبْدًا لِلْمَسِيحِ" غلاطية 1
كل مظاهر التذمر للكنيسة، ليست من الرب، ولا تخدم ملكوته!
"10 وَلاَ تَتَذَمَّرُوا كَمَا تَذَمَّرَ أَيْضًا أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَهُمُ الْمُهْلِكُ" 1 كورنثوس 10.
"18 اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ." 1 تسالونيكي 5
والتشدد بالإيمان بوعود الله الأمينة، وحبه للخطاة؛ لذلك يجب أن ننتظر ونصبر، حتى الرب يتدخل ويُخَلص النفوس:
"9 لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ" 2 بطرس 3.
فكل ما تمر به الكنيسة من آلام، حروب، احتلال، اضطهاد...إلخ، هو جزء من خطة الله لنا. يجب ألا نحاربه، بل نقبله ونتقوى به؛ لكي نحقق دعوة المسيح العليا من جهة ملكوته السماوي الأزلي.
أما كيف يمكن أن نُحقق ككنيسة هدف الله الصالح من جهة شعبنا، فتراها في المقال القادم.
القدس - 06/ 06/ 2025
باسم أدرنلي