كنيسة بلا جدران

الله قطع عهدي معي بالمسيح، وأنا قطعت عهد معه

أولا، تعبير "قطع عهد":
إن تعبير "قطع عهد" أي إبرام عهد، مصطلح يستخدمه العرب وهم لا يعرفون أصوله ومعناه! 
أولا، لماذا يستخدم تعبير "قطع"؟ والذي إذا فسرناه لغويًا، نجد أن الكلمة "قطع"، تميل لإعطاء المعنى لإبطال العهد، وليس لإقامته!؟ فعندما تقول "قطع عهد"، لغويًا، كأنك تقول أبطل العهد! فلماذا يُستخدم هذا التعبير لإبرام العهد، وما هي أصوله؟
إن المصطلح عبري الأصل لغة الوحي الأصلية، "כְּרִיתַת בְּרִית"، أي "قطع أو قص، العهد." استخدمه الكتاب المقدس للتعبير عن العهد الإبراهيمي، وهو عهد الله مع شعب سيكون له، الذي أقامة الله مع إبراهيم وأهل بيته. وهو عهد الختان، الذي يتم عن طريق قطع غرلة كل ذكر، والمعروف في العامية بالطهور. لهذا تستخدم كلمة "قطع عهد":
"10 هذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ، 11 فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ، فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ" تكوين 17
فاللغة العبري هي لغة الوحي الأصلية وليست العربية، لذلك لا يفهم العرب الكثير من الأساست الروحية والكتابية؛ وبالتالي لا يفهمون الكثير من الأصول والأساسات الدينية. ففي قرآن أحبائنا المسلمين مثلا، اسم الإنسان الأول "آدم"، وخلقه الله من تراب. فنجد أن الكلمتين ليس لهما أي ارتباط أو تطابق بالأصل! بينما في اللغة العبرية، الله خلق الإنسان الأول وسماه "آدم"، لأنه خلقه من "أدما"، أي الأرض، والتي لونها "أدوم" أي أحمر. "آدم – أدما – أدوم"، نجد للثلاث كلمات هذه، تجانس وتطابق في نفس الأصل اللغوي. ومن هذا نعرف أن العبرية هي لغة الوحي الأصلية، والعربية مجرد لغة جديدة دخيلة على الوحي.

أركان عهدي مع الله من خلال المسيح:

كما تعلمنا سابقًا، أن عطية الخلاص هي عطية مجانية تُعطى بإنعام الله على الإنسان التائب، عن طريق موت وقيامة المسيح، التي بهما انتصر على الخطية والموت، لفداء وإنقاذ الإنسان:
"9 لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ" رومية 10.
لكن بعد نيل الخلاص، يجب أن يحفظ الإنسان عهده مع الله.
فكل من يقبل يد الله المنقذة الممتدة إليه من خلال كفارة المسيح، يتحول لخليقة جديدة روحية، الله يبرئه فيها تمامًا من أي ذنب:
"17 إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." 2 كورنثوس 5.
والمسيح خلقنا من جديد، كالصفحة البيضاء، ليس لكي نعيش في الخطية، فالوحي يقول:
"24 وَلَكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. 25 إِنْ كُنَّا نَعِيشُ بِالرُّوحِ فَلْنَسْلُكْ أَيْضاً بِحَسَبِ الرُّوحِ. 26 لاَ نَكُنْ مُعْجِبِينَ نُغَاضِبُ بَعْضُنَا بَعْضاً، وَنَحْسِدُ بَعْضُنَا بَعْضاً." غلاطية 5.

وهذا يقودنا إلى طبيعة عهدي مع الله، وممكن نسميها أيضًا حياة الخلاص. فمن جميع ما سبق، يجب أن تحتوي حياتي الجديدة على طاعة لله وكلامه، وتشمل تغيير في قلبي، فكري، ذاتي، وحياتي، في ثلاث جوانب:

أولا، أن أتغير على صورة المسيح:
"29 لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ سَبَقَ فَعَيَّنَهُمْ لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ، لِيَكُونَ هُوَ بِكْرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ" رومية 8.
"15 لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا" يوحنا 13.
"21 لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ" 1 بطرس 2.
يجب هنا التنويه لشيء هام؛ وهو أنه لأن المسيح هو الله المتجسد، لذلك دعانا أن نتبع مثالة البشري. حيث يعلمني من خلاله ما هي الصورة التي خلقنا عليها في الأصل، قبل أن تشوهت بعد سقوط آدم وحواء ونسلهم. بكلمات أخرى، نحن نتبع سنة الله وحده، ولا نتبع سنة أنبياء. لهذا السبب، مستحيل أن تجد أي نبي في الكتاب المقدس طلب من المؤمنين بتبعية سنته. فهذا يعتبره الوحي شرك وكفر بالله، الذي قال: "8 أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ.." أشعياء 42.

ثانيًا، أن أعيش حياة الإيمان العامل بالمحبة:
فالله خلقنا من جديد بفداء المسيح لهدف، كما قال:
"10 لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا" أفسس 2.
وأيضًا شرح لنا الوحي نوعية الأعمال التي دعانا لنعملها؛ هي ليس مجرد أعمال صالحة يعملها صاحبها ليحصد رصيد في الجنة، كما يظن المتدينون في كل الديانات! بل هي أعمال مصدرها الإيمان العامل بالمحبة الإلهية، التي تحب لأجل المُحبوب وليس لأجل الذات، من محي سيئات، رصيد في الجنة... وغيره من هذه الخرافات:
"6 لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ" غلاطية 5.
وحدد لنا الوحي مصدر المحبة الإلهية في قلوبنا، هو روح الله القدوس الساكن في كل شخص قبل يد الله الممتدة له بفداء المسيح المنقذ:
" لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا" رومية 5: 5.
"22 وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ.." غلاطية 5.

ثالثًا، يجب أن أخدم ملكوت الله الجديد:
فالمسيح خلقني من جديد لهدف، أن أحيى حياة ملكوته على قلبي، فكري، وحياتي:
"21 وَلاَ يَقُولُونَ: هُوَذَا ههُنَا، أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ" لوقا 17.
"33 لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ" متى 6.
وبعدما يملك المسيح على قلبي، يريدني أن أبشر وأشهد عنه لجميع العالم الهالك حولي:
"15 وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" مرقس 16.
"15 بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ" 1 بطرس 3.

فإذا قبلت الخلاص بالإيمان، ولم أعش حياة التغيير بحسب صورة المسيح، ولم أطع الرب بالأعمال الصالحة التي أعدها لي لإظهار إيماني العامل بالمحبة بها؛ وأحتفظ بالمسيح لي، دون أن اشهد عنه وأعيش في خطته لي؛ سأكون منتهك لعهدي مع الله، وكأني أخذت خلاصي من الله، مع وقف التنفيذ!! فالله له الحق التام في حياتي، طالما تبت عن حياتي القديمة وقبلت العهد الجديد معه، لذلك يقول:
"10 لِتَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً، مُثْمِرِينَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ، وَنَامِينَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ" كولوسي 1.

باسم أدرنلي - القدس 11/ 04/ 2023

1798 مشاهدة